ترك فراغ المستودعات أثره البالغ على جهوزية الجنود الاسرائيليين الذين تأخروا في كثير من الأحيان في الوصول إلى نقاط التجمع المحددة لهم، للانتظام في تشكيلات الألوية والكتائب الموكل إليها تنفيذ عمليات هجومية داخل الأراضي اللبنانية. مشاكل الجهوزية لم تؤثر بشكل كبير على معنويات الجنود فحسب، بل وحتى على كبار الضباط.
كان رئيس هيئة
الأركان دان حالوتس يتفقد جنود الاحتياط قبل عدة أسابيع من اندلاع حرب تموز 2006،
ورد على الجنود الذين اشتكوا من أن مستودعات الطوارئ التي تحوي أسلحتهم وتجهيزاتهم
فارغة قائلاً "هكذا يجب أن يكون الوضع، فالحرب الآن في المناطق الداخلية، لذا
فان مستودعاتكم هي أقل أهمية".
لم يقم حالوتس
بأي اجراء لمعالجة هذه الثغرة الخطيرة، وكذلك الحال بالنسبة لقائد المنطقة
الشمالية أودي آدم الذي كان للمفارقة يتفقد مستودعات قوات الاحتياط قبل ساعات
قليلة من وقوع عملية الأسر.
ترك فراغ
المستودعات أثره البالغ على جهوزية الجنود الذين تأخروا في كثير من الأحيان في
الوصول إلى نقاط التجمع المحددة لهم، للانتظام في تشكيلات الألوية والكتائب الموكل
إليها تنفيذ عمليات هجومية داخل الأراضي اللبنانية.
قبل يوم واحد
من الحرب، زار اولمرت هيئة الأركان، وسمع من رئيس شعبة التخطيط اسحاق هرئيل كلاماً
قاسياً في وصف الجيش الاسرائيلي حين قال "لدينا جيش أجوف" في معرض تعليقه
على مشاكل الجهوزية، التي لم تنحصر بنقص التجهيزات فقطـ، بل طالت برامج التدريب
والتأهيل على الرغم من كل الحملات الدعائية التي واكبت مناورات تشابك الاذرع سنوياً.
على سبيل المثال، الفرقة مئة واثنان وستون صارت فجأة فرقة أساسية في حرب تموز مع أنها
لم تشارك بشكل فعال في المناورات التي سبقت الحرب. حتى أن قائد المنطقة الشمالية
أودي آدم كان قد رفض مراراً مشاركتها في المناورات التي تحاكي الحرب على الجبهة
الشمالية لأنها تتبع في الأصل لقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الاسرائيلي، أي إنها
من المفترض أن تتواجد في الضفة الغربية.
بعد مصادقة
المجلس الوزاري المصغر في اسرائيل على تجنيد ثلاث فرق في السابع والعشرين من تموز،
حاولت قيادة الجيش ترميم بنية قوات الاحتياط، فنفذت تدريبات ومناورات سريعة في بعض
مراكز التدريب إحداها كانت في قاعدة "الياكيم" التي تقع في أرض صحراوية
لا تشبه أبداً تضاريس جنوب لبنان حيث التلال والأودية العميقة والمناطق الحرجية.
كما لم يحاك التدريب أسلوب القتال الذي اعتمده حزب الله في مواجهاته في
"مارون الراس" و"عيتا الشعب" و"بنت جبيل".
من المشاكل الأخرى
التي عانت منها القوات النقص الحاد في الطعام والمياه، في نقاط لا تبتعد عن الحدود
سوى خمسة كيلومترات، وهذا ما حصل مع جنود "الناحال" الذين وصلوا إلى
أطراف بلدة الطيبة فواجهوا فيها مقاومة شرسة دفعتهم للانكفاء والاختباء داخل منازل
متقاربة، وقد نفد ما حملوه على أكتافهم منذ اليوم الأول، وخافوا من التحرك نهاراً لجلب المياه من
المنازل القريبة منهم خشية تعرضهم للصواريخ المضادة للدروع، وزادت حاجتهم للمياه
بسبب تكدس أعداد كبيرة منهم في غرف ضيقة مع حر تموز وساعات نهاره الطويلة، ومنعت
الآليات المدرعة من التقدم إليهم لتزويدهم بالطعام والمياه خشية تعرضها لقذائف
صاروخية. ولكن الحالة المأسوية التي وصل إليها الجنود المحاصرون، دفعت باستدعاء
مروحيات من طراز هيركوليس لانزال تموين لهم، على الرغم من المخاطرة الكبيرة بهبوطها
بالقرب منهم، فحلقت على علو منخفض وألقت شحن التموين بواسطة مظلات كبيرة، لكن سرعة
الهواء دفعت بعدد منها إلى داخل البلدة ووصلت لأيدي مقاتلين من حزب الله.
أما جنود لواء
"ألكسندروني" الذين طلب منهم الوصول إلى بلدة البياضة، فقد حاولوا
التغلب على مشكلة التزود بالمؤن من خلال الاستفادة من حيوان اللاما، وهو حيوان
يعيش في أميركا الجنوبية، يستفاد منه لنقل المؤمن، لكن المفاجأة كانت بعدم تمكن
هذه الحيوانات من مواصلة السير لأنها خافت من أصوات إطلاق القذائف والصواريخ كما أن
بعضها لم يستطع تسلق المنحدرات.
مشاكل الجهوزية
لم تؤثر بشكل كبير على معنويات الجنود فحسب، بل وحتى على كبار الضباط فقائد اللواء السابع العقيد ايشل دخل في مواجهة
مع قائد الفرقة واحد وتسعين غيل هيرش الذي أصرّ على دخول إحدى كتائب اللواء للأراضي اللبنانية رغم عدم اكتمال جهوزيتها
القتالية وقال له "يجب أن تكون مسألة الجهوزية حاسمة، نحن في حرب حقيقية،
وإذا أدخلنا قواتنا بدون تجهيز وإعداد فسنضطر حينها للسير في الكثير من الجنائز،
وأنا لست مستعداً لهذا".