لبنان: مزارع شبعا المحتلة.. متى تثبَّت هويتها؟
بعد الخروقات الأخيرة، كانت لأبناء بلدة شبعا صرختهم التي تصدح في آذان المسؤولين
اللبنانيين لكن من دون أن تلقى صدىً إيجابياً، وذلك عبر اعتصام "من قلب
الحدث" طالبوا فيه بوقف هذا التمادي على أرض لبنانية، كما أجروا اتصالات عدة
مع مسؤولين وسفراء على رأسهم وزير الخارجية والمغتربين اللبنانية جبران باسيل،
الذي قام
بدوره بإرسال كتاب إلى بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك مطالباً برفع شكوى
عاجلة إلى مجلس الأمن".
وفي ظل هذه التطورات، ينتظر أبناء البلدة نتيجة التصعيد الأخير وما سيُبنى عليه،
والجانب الإيجابي أنهم تلقوا من المعنيين وعوداً بإعادة طرح هذا الملف دولياً بعد
عيد الأضحى، لكن "إلى الآن لم يتواصل معنا أحد مع العلم أن المدة المحددة
انتهت"، بحسب رئيس هيئة أبناء العرقوب محمد حمدان، مطالباً في حديث مع الميادين
نت بـ"إنشاء لجنة برئاسة وزير الخارجية ومشاركة أهالي المنطقة وديبلوماسيين
غربيين وقانونيين ثم إرسال الملف الى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لإنهاء
الجدل التاريخي حول ملكية المزارع".
وفيما الوضع أصبح أكثر خطورة بعد أن قامت اسرائيل بإنجاز الطريق وشقه خارج الشريط الشائك باتجاه الأراضي اللبنانية ووضع شريط دائري يحمي هذا الطريق، ما هي التحركات المستقبلية في حال استمر هذا الصمت؟
أكد عضو "كتلة التنمية والتحرير" البرلمانية النائب قاسم هاشم في حديث مع الميادين نت "أننا ندرس حالياً أكثر من خيار، وقد ندعو إلى تحرك شعبي قريباً"، واتهم الأمم المتحدة بأنها "تعمل لمصلحة إسرائيل، وبالتالي يهمها عدم إثبات لبنانية المزارع كي يستمر الاحتلال. أما بالنسبة إلى الدولة اللبنانية، فهي عملت دائماً قبل الاحتلال وبعده على تجاهل قضية مزارع شبعا، لأن مصالح بعض القوى السياسية تعتمد على مصلحة القوى الغربية"، بحسب هاشم.
التحقيقات ما زالت جارية حالياً بالتنسيق مع قوات الأمم المتّحدة المؤقتة
في لبنان (اليونيفيل) لمتابعة هذه التعديات الخطيرة، ولمن لا يدرك تفاصيل قضية
مزارع شبعا المحتلة التاريخية والتي تصدرت الحدثَ السياسي والعسكري أكثر من مرة،
من جهة، هذه المزارع هي كنز مائي وزراعي وأمني بالنسبة إلى إسرائيل بسبب
موقعها الاستراتيجي على سفوح جبل الشيخ ومن جهة
أخرى، هي مزارع ذات هوية لبنانية حتى وقعت عين الاحتلال الإسرائيلي عليها عام 1967
وهي محررة نظرياً إثر انسحابه من معظم مناطق جنوب لبنان
عام 2000، وهي أيضاً جزء من الأراضي السورية التابعة للجولان
المحتل علماً أنه رصد أكثر من موقف سوري يؤكد لبنانيتها لكن الأمر يتطلب حسم
وتثبيت هويتها بالوثائق الرسمية في الأمم المتحدة.
بحسب وجهة النظر اللبنانية، هناك ثلاثة أدلة تؤكد لبنانية المزارع وهي:
أما الدليل الثاني، فمن المعلوم أنه بعد انتهاء الانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا، تم ترسيم الحدود بين البلدين في محاضر موقّعة، وسوريا تعترف أن هذه المزارع لبنانبة، لكن من دون إظهار أي خرائط تثبت ذلك بدقة، وهو ما أدى إلى نشوء هذه الجدلية حول ملكيتها، مع العلم أن أبناء العرقوب قدّموا ملفات تحتوي مئات وثائق الملكية والسندات والخرائط لإثبات أقوالهم.والدليل الثالثة هو أن هذه المزارع تابعة قانونياً إلى دوائر الأوقاف الإسلامية والمسيحية، وبعد نزاعات مع الدولة اللبنانية أقام الأهالي في مزرعة مشهد الطير مقاماً للنبيّ إبراهيم الخليل بحسب قرار صدر حينها عن دائرة الأوقاف في حاصبيا.
ماذا تقول إسرائيل عن مزارع شبعا؟
من وجهة نظر إسرائيل، فإن المزارع وحين تم الاستيلاء عليها بعد احتلال الجولان عام 1967، كانت سورية، كما أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425 لم يشمل الانسحاب من تلك المزارع. بناءً عليه، وضعت إسرائيل عام 2006 شرطين للإنسحاب من تلك المزارع وهما: الاعتراف الدولي أن المزارع اللبنانية وتنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح "حزب الله"، وفي حال لم يتم تنفيذهما، "إن إسرائيل لن توافق على التفاوض في قضية الانسحاب من مزارع شبعا".
حطيط: سوريا تعترف أنها لبنانية
إذاً، ما الذي يثبت أن تلك المزارع ليست سوريّة؟ يؤكد حطيط للميادين نت أن "الاتفاقية التي تم التوصل إليها عام 1946 على ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وضعت خطاً يمر بوادي العسل واعترفت سوريا وقتها بأن مزارع شبعا لبنانية، وبموجب هذه الاتفاقية، نحن نطالب أن يوضع الخط الأزرق في وادي العسل".
على ماذا يستند إثبات لبنانية مزارع شبعا؟
إن من شأن تثبيت هذه الملكية، وبناءً على القرار 1959 (2004) الذي ينص على انسحاب جميع القوات الأجنبية من الأراضي اللبنانية والقرار 1701 الذي يطالب إسرائيل بسحب كل قواتها من جنوب لبنان واحترام الخط الأزرق، والقرارين 1559 و1680 وأحد بنودهما عدم وجود قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة، والقرار 425 (19 آذار 1978)، الذي يقضي بالانسحاب الفوري لإسرائيل من تلك المزارع، بالتالي على إسرائيل الانسحاب بشكل كلي من أرض لبنان".باختصار.. هي حرب قضم بالنسبة إلى إسرائيل، وانتزاع حق بالنسبة للبنان، وتجاهل من قبل سوريا، وتناسٍ وتقاعس من قبل الدولة اللبنانية، ومصلحة عامة بالنسبة للأمم المتحدة، لكن وسط التعديات الأخيرة، من يعاقب إسرائيل على تلك الخروقات في شبعا وغيرها؟