أدب الأسرى المقاوم سلاح لمواجهة السجان

أدب السجون في فلسطين جزء لا يتجزأ من الأدب العربي، المتطلع للحرية، ويطلق عليه العديد من الكتاب والمثقفين "الأدب الفلسطيني المقاوم"، كونه يتميز بالتعبير الإنساني عن مجمل عواطف وأفكار وخواطر وهواجس الإنسان الأسير بأرقى الأساليب الكتابية التي تتنوع في المجالات الأدبية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية وغيرها.
  • فرض ادب السجون نفسه كظاهرة أدبية على الأدب الفلسطيني والعربي
أكد عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في حديث خاص للميادين نت "أن  التجربة الثقافية والإبداعية للأسرى تمكنت من لفت انتباه العديد من الباحثين والأكاديميين على المستويين العربي والدولي، ووثقت بطولاتهم وحافظت على هويتهم الثقافية في مواجهة سياسة الطمس الثقافي التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي بحقهم وبحق شعبهم.


تعرض وليد الهودلي للإعتقال في سجون الاحتلال لمدة 17 عاما، ليتحول خلال سنوات اعتقاله لأديب بارز كتب روايات وقصص توثق حياة الأسرى وواقعهم المرير، وتحولت روايته "ستائر العتمة "بعد 14 عاما من تأليفها إلى عمل سينمائي يحاكي تجارب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.


يقول الهودلي للميادين نت "يؤسر الفلسطيني بسبب دفاعه عن قضيته العادلة، والدفاع يمر بعدة مراحل، لعل من أقساها تعرض الإنسان للأسر، وفيه يصل الإنسان الفلسطيني الأسير لمراحل متقدمة من الابداع والانتاج الأدبي والكتابة المتنوعة، كونه شريك اجتماعي وسياسي وعضو فاعل في كافة ميادين معركة التحرر والخلاص من الاحتلال".


يضيف الهودلي " أن  جميع اجراءات الاحتلال داخل سجونه تهدف للحد من حرية الأسير وعزله وإفراغه ثقافياً واجتماعياً، ومنعه من الابداع المتمثل في  حصاره بكل شيء، لكن الاحساس العالي والنبيل المتمتع به الأسير يولد لديه قدرة هائلة من الإرادة التي هي اساس الأنسان للانتصار على السجان واساليبه".


كتب الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال خلال سنوات اعتقالهم المئات من الكتب في مجالات متنوعة ومختلفة، فى أجواء ملؤها الألم والأمل، حيث مثلت المعاناة مصدراً وحاضنة دافئة للعطاء والإبداع، على طريق الحق والخير والجمال، لتتفجر طاقاتهم الإبداعية في الحق والخير والجمال بوجه ممارسات القمع اليومية للسجان.


فرض أدب السجون نفسه كظاهرة أدبية على الأدب الفلسطيني والعربي، وأَثرى الساحة الأدبية بالأدب المقاوم، ولعل أبرز سماته تتمثل في التَّمَسُّك بالأرض، والتغني بالحرية وحب الوطن وتمجيد المقاومة، الذي تجلى في نصوصهم، وتعمل ادارة مصلحة سجون الاحتلال على منع الأسرى من إخراج نصوصهم للخارج لتحويلها لكتب مطبوعة.


يروي الشاب يوسف شقيق الأسير الأديب باسم الخندقجي من مدينة نابلس المحكوم بالمؤبد ثلاث مرات للميادين نت عن تجربة شقيقه في الكتابة "قامت ادارة مصلحة سجون الاحتلال بمنع رواية مسك الكفاية من الوصول الينا خمس مرات، لكن التحدي بين شقيقي الأسير باسم ومدير السجن هو من أوصلها الينا".


يتابع "تم تهريب الرواية عن طريق أسير محرر من غزة، وبعد طباعتها ونشرها فرضت ادارة السجن على شقيقي باسم غرامة مالية مقدارها الفي دولار وعزله ثلاث شهور، لكنني على قناعة تامة انه كلما اشتد الحصار على الأسرى كلما تهيأت الأجواء لهم اكثر بالابداع والكتابة لفلسطين وزيتونها واطفالها".


أشار مراد السوداني الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين إلى ضرورة تأسيس مركز لتوثيق أدب الأسرى، ليوثق تجاربهم التي تعتبر أحد اهم أعمدة التراث المقاوم للاحتلال، ولشدة ما تحتويه من أدب يتفاخر ويتباهى به الفلسطيني نظراً لظروفه القاهرة داخل السجن، واعتبر الأسرى الكتاب اعضاء في الاتحاد.


ويرى الباحث الدكتور رأفت حمدونة أن تطلع الأسير للحرية، وملء الوقت بالاهتمامات الثقافية وخاصة الأدبية، تحمله نحو الأفق الواسع والممتد بلا نهايات، وتحلق بروحه نحو فضاءات رحبة وخيالات لامحدودة، تمثل تحدياً لمشروع السجان الساعي لحصر جسده وروحه فى أمتار معدودة ليبقى اسير الظروف والسياسات والإحساس بالمعاناة والعذابات.


ولفت الدكتور علي الجريري الكاتب والناقد إلى ان أدب السجون يتميز بالحنين والشوق وروح المقاومة العالية وتحدي السجان والتوق للحرية والتحرر من الاحتلال، واتصف بصدق التجارب والالتزام بالقيم والمبادئ، والتناغم مع القضية في تجاوز الهم الفردي إلى الهم الجمعي والعام ، والعمق والرمزية والاختزال وسعة الخيال والحزن المشوب بالتحدي.


يمضي مئات الاسرى جل وقتهم في القراءة والكتابة، واستطاعت عشرات الروايات المؤلفة داخل السجون أن تبصر النور، ومئات اخرى قامت مصلحة السجون بمصادرتها، لتحرم أصحابها من حقهم وحلمهم في طباعتها ونشرها، كما تعمل على منع ذويهم من ادخال الكتب عن طريق الزيارات المنظمة من الصليب الأحمر لهم.


المصدر: الميادين نت