داعش ... الهمجية المقيمة

همجية "داعش" التي تحاول محو آثار مهد الانسانية في بلاد الرافدين تقليد على خطى هولاكو في بغداد، لكن همجية التتار انتهت بدحرهم عن بلاد الشام والمسلمين.
  • على خطى تتار هولاكو يسعى "داعش" إلى بث الرعب بالدم والسبي
وقائع وحشية كثيرة عانت منها بلادنا في تاريخها الطويل، كما عانى منها باقي سكان الأرض في فترة أو أخرى.

التهمة بحرق مكتبة الاسكندرية إثر الفتح العربي لمصر تبيّن أنها افتراء ردده بعض المؤرخين العرب، من دون تحقيق. فالمكتبة اندثرت قبل العرب وبقيت الاهرامات مع العرب والمسلمين وبقي ما كان قبلهم قابلاً للبقاء.

هولاكو الذي أحرق مكتبة بغداد أباح ارتكاب الفواحش كغاز خارجي في معركة حربية أرادها خضوعاً بالدم والرعب.

على خطى تتار هولاكو يسعى "داعش" إلى بث الرعب بالدم والسبي. لكنه يستبيح الفواحش بعد المعركة. الغزو الوحشي الخارجي توقّف عن السحل ما أن بسط سيطرته، فحافظت بلادنا على تعددها الإثني وتعدد ثقافاتها وتراثها ينبوعاً للحضارة الانسانية، على الرغم من تراكم الغزوات والظلمات.

فبلاد العرب والمسلمين ظلت على الرغم من فظائع متتالية مهد الحضارة الانسانية كما أوضح المؤرخ والفيلسوف الفرنسي "غوستاف لو بون" في موسوعته "حضارة العرب". لكن "داعش" غل داخلي وغزو خارجي معاً يستمر في محو آثار تاريخنا في حرق المكتبات وتحطيم شواهد الامتداد الحضاري، بعد السيطرة لمحو أثر ثقافتنا وديننا في الوجود. "داعش" يستمد عوناً في رشّه الملح على جذور تراكم بلادنا التاريخي من أناس متكلمين لا يتسع أفقهم للتمييز بين أحداث عرضية في تاريخنا، وبين تدمير ممنهج ومحو دؤوب.

"داعش" يأخذ معينه في بلوى الهمجية من تقاطعه مع دول وحلفاء ترى مخاطره في حدود التهديد الأمني الضيق، أو تراه حليفاً ورفيق طريق ضد عدو أولى. لكن "داعش" ليس همجية محدودة أو عابرة. فمقاتلة "داعش" على الأرض هي دفاع عن وجود حضارة يمتد بعدها إلى السماء بل هي دفاع عن الانسانية جمعاء.

المصدر: الميادين