لماذا تخاف أوروبا من الإعلام الروسي؟
واتهم البرلمان الأوروبي في قراره الصادر بأن إعلام موسكو يشوه الحقيقة، الأمر الذي من شأنه " تقسيم الاتحاد الأوروبي وشركائه في شمال أميركا" كما سيعزّز الخوف في نفوس المدنيين الأوروبيين".
وأعرب البرلمان الأوروبي عن قلقه من الانتشار الكبير لنشاطات الكرملين في أوروبا، من ضمنها "المعلومات المغلوطة الهادفة إلى زيادة الهيمنة الروسية على حساب الاتحاد الأوروبي".
وعلى خلفية القرار، بشأن مواجهة الوكالة الدولية للإعلام الروسي قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنّ " قرار البرلمان الأوروبي بشأن مكافحة وسائل الإعلام الأجنبية يُعدُّ شاهداً على تدهور الديمقراطية". وأضاف "يوجد تراجع ملحوظ في تصوّر الديمقراطية لدى المجتمع الغربي. وتابع "أعوّل على ترجيح العقل وآمل ألا تفرض قيود حقيقية على الإعلام الروسي".
من جهته، أكّد نواف إبراهيم إعلامي يعمل في وكالة "روسيا اليوم" أنّ "أكثر ما يزعج الاتحاد الأوروبي هي الحقيقة التي تنقلها وسائل الإعلام الروسية لما يجري في العالم، وتحديداً ما يجري في منطقة الشرق الأوسط".
وشدّد إبراهيم على أنّ "هذه السياسة الأوروبية تأتي ضمن نهج تتبعه دول الغرب في الآونة الأخيرة، يقوم على شيطنة روسيا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
الإعلام الروسي: جمهور عالمي
أما وكالة سبوتنيك، فهي وكالة أنباء وتقدم خدمةً إذاعية. كما أنّها تعرض محتواها الإعلامي بثلاثين لغة، أبرزها اللغات الروسية والعربية والانكليزية والصينية والفرنسية والإسبانية.
وجاء في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إستناداً إلى تحليل أعده باحثون، أنّ أكثر من 200 موقع إعلامي روسي لعبوا دوراً في البروباغندا السياسية خلال فترة الانتخابات الأميركية الأخيرة. وقد استطاعت هذه المواقع الحصول على خمسة عشر مليون مشاهد على الأقل.
وأشارت الدراسة التي أجراها الباحثون إلى أنّ الدعاية الروسية قدمت معلومات خاطئة، ولكن تم مشاهدتها على فيسبوك أكثر من 213 مليون مرة.
وقالت الدراسة، إنّ الإعلام الروسي لجأ إلى العالم الافتراضي (مواقع التواصل الاجتماعي) لنشر دعايته السياسية خلال مرحلة حساسة في أميركا. وذكرت أنّ وكالتي "روسيا اليوم" و"سبوتنيك" استخدمتا هذه المواقع لتضخيم بعض الأحداث.
وقال الباحثون إنّ تقارير "روسيا اليوم" الإخبارية تم نشرها بلغات عديدة، وكانت الانترنت الوسيلة الأهم لإيصالها إلى الجمهور الأميركي.
جامعة "واشنطن" الأميركية، لفتت إلى أنّ "روسيا اليوم"، حصلت خلال عام 2007 على " أكثر من مليون مشاهد على "يوتيوب"، محققة نسبة متابعة أكبر من "سي أن أن".
If only someone had warned us during the campaign that Russia was conducting sophisticated online cyber tactics to aid Trump.
Oh wait.
ماذا بعد القرار الأوروبي؟
وكان البرلمان الأوروبي عام 2012 ، قد فرض قراراً بحظر بث 19 قناة فضائية إيرانية، مرغمةً مقدمي خدمات الساتلايت على فسخ العقود مع إيران. وأتى هذا القرار آنذاك على خلفية التعارض في المقاربات السياسية بين الطرفين، خصوصاً أنّه في تلك الفترة كانت العلاقات الدبلوماسية لاتزال متوترة جدا، بسبب النشاط النووي لطهران.
وفي العام نفسه، أصدر البرلمان الأوروبي قرارا بإيقاف بث محطات سورية للدولة. اتُهمت الأخيرة ببث مشاهد عنف خلال تغطيتها للحرب السورية، والقيام بحملة ضدّ دول عربية وغربية. واستناداً إلى ذلك، أصدر سلسلة عقوبات بحق الإعلام السوري.
الاتحاد الأوروبي: "تدهور الديمقراطية؟"
إلاّ أنّ الاتحاد الذي نص نظامه على أهمية الحرية الاعلامية من أجل ضمان التعددية في وجهات النظر، قد يعارض اليوم أحد أهم قيمه من خلال تعاطيه مع الإعلام الروسي.
ورداً على المواجهة الأوروبية لموسكو، شدّدت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية أنّه "في حال بدأ الاتحاد الأوروبي بالإقدام على خطوات عملية لتطبيق القرار، ستتخذ إجراءات معينة للرد على تلك الخطوات"
وأوضحت زاخاروفا ساخرة من القرار الذي تبناه البرلمان الأوروبي الأربعاء بعنوان "حول التعامل الاستراتيجي داخل الاتحاد الأوروبي لمواجهة الدعاية المعادية لأوروبا من قبل دول ثالثة"، تدل على "تجاوز البارانويا (مرض جنون الارتياب) كل الحدود".
وفي السياق نفسه، علّق بوتين على القرار بأنّه "يهنئ صحافيي سبوتنيك وRT الروسيتين على عملهم المنتج".
MariaZakharova @mfa_russia warns if EU begins sensoring Russian media,then we will take measures! #informationwar https://t.co/oZpy1wnge2 pic.twitter.com/PMeqg6OLs3
إعلام موسكو يقلق أوروبا
وعالمياً، تفرض موسكو نفسها اليوم في السياسة، منخرطةً في الحرب السورية وفارضة جيوشها على أرض المعركة كغيرها. كما أنّ روسيا خاضت حرباً مع أوكرانيا لاسترجاع مدينة القرم التي اعتبرتها حق لها.
كما أنّ الحديث عن تأثير إعلام موسكو في الانتخابات الأميركية يقلق أوروبا التي ستشهد عدة انتخابات محلية خلال العام القادم قد تحدّد مصير الاتحاد.
Increasingly looks like Russia just conducted an intelligence and propaganda operation of historic significance. https://t.co/GXNm4Q0Wsw