رغم أزماتهم ... البرازيليون مصرون على السامبا!

في نافذتنا على أميركا الجنوبية نسلط الضوء على إصرار المدن البرازيلية على تنظيم الكرنفالات، رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.
  • تحول الكرنفال من ظاهرة ثقافية إلى ظاهرة استعراضية
لا يختلف أحد على أن أقوى المهرجانات الشعبية البرازيلية هو الكرنفال، لكن الاختلاف يكمن في عبور هذا الحفل الشعبي من معناه الديني الذي يرمز إلى الصوم ومفهومه الاجتماعي المرادف للتحرر، إلى الاستهلاكية والاباحية. ويذهب معارضوه إلى تسميته بظاهرة الاستعباد الخلقي في القرن الواحد والعشرين..                                                    

وتسخّر البلديات البرازيلية ميزانية سنوية خاصة بالكرنفال، إلا أن الأزمات الاقتصادية المتتالية وضعت هذه الظاهرة جانباً في الكثير من المدن، لتبقى الريو دي جانيرو الرائدة في الحفاظ على الاستعراضات المثيرة لمدارس السامبا.

وتوجهنا الى مدينة ايتايبولانديا جنوب ولاية بارانا البرازيلية، للاطلاع على التحضيرات الجارية لاستقبال المهرجان السنوي .

ويقول أوريا شوينتس، مدير الشؤون الثقافية في إيتايبولانديا إن "الإستثمار في إحياء الكرنفال أمر مهم جداً، حيث أن الإهتمام بسعادة الناس، وإحياء الثقافة البرازيلية لا يقلان شأناً عن الإهتمام بالأمور الخدماتية".

وبالرغم من تسليم المنظمين بأن المدينة تحتاج إلى الاستثمار في أولويات خدماتية، فهم يؤكدون أن الكرنفال لا يزال يجذب العدد الأكبر من المواطنين.

وتحول الكرنفال من ظاهرة ثقافية إلى ظاهرة استعراضية، أظهر تبايناً بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الإنجيلية التي رأت في هذه الظاهرة انحداراً أخلاقياً ودينياً خطيراً.

ويقول  سادي بوزانيللي، قس في الكنيسة الإنجيلية – فوز دو إيغواسو إن "الكنيسة الإنجيلية كما غيرها من الكنائس الأخرى التي تعترف بالكرنفال كتراث ثقافي تدين الإمعان في الإنحدار الأخلاقي. كالتعاطي المفرط للكحول والإباحية الجنسية وغيرها من الموبقات، وهذا ما لا يتوافق بالمطلق مع مع قيمنا وإيماننا".

ولا يقتصر الاعتراض هنا على المراكز الدينية فحسب، بل يمتد الى بعض الطبقات الشعبية كحال مواطنة قررت الخروج من المدينة خلال الأيام الثلاثة لاحياء الكرنفال، وقالت "كان من الأفضل صرف هذه الميزانية في الشؤون التعليمية والصحية بعد أن تحول الكرنفال إلى مناسبة يكثر فيها الناس من تعاطي الكحول والمخدرات".

وبين صخب الموسيقى والاستعراض على مدى الأيام الثلاثة، تبرز التساؤلات عن سر سخاء المنظمين حيث تدفع المليارات وتقفل المؤسسات والطرقات بينما تعيش البلاد حرماناً اجتماعياً وخدماتياً، ليس أقله معاناة الريو دي جانيرو نفسها من أزمة مياه للمرة الاولى في تاريخها، من دون التفات المعنيين إلى بذل الجهود للتقليل من حجم الكارثة الآتية إلى مسرح السامبا البْرازيلي.

 

 

المصدر: الميادين