صحافيون يتكبدون ثمن الصورة: مراسلة الميادين نموذجاً
الصحافيون في خطر دائم يهدد حياتهم. مراسلة الميادين واحدة من هؤلاء الذين يعملون على نقل الصورة بغير ما تشتهيه السلطات الحاكمة، سواء كانت دولاً أو احتلالاً يتغنى بالديمقراطية كما في فلسطين. صحافيون يصنع بعضهم الصورة لكنهم في الآن نفسه مسؤولون عن سلامتهم الشخصية في ظل غياب مظلة تحميهم.
لازمة "مهنة المتاعب" لم تعد قادرة على تمثّل الواقع الفعلي لأصحاب العدسات والأقلام. ذلك أن هذا الواقع تخطى المعهود، أي الاعتقالات والعنف اللفظي والجسدي، ليصل إلى القتل. قتل غايته تغييب الصورة والصوت "المختلفين" كلياً، لينفرد "الوحش"، سواء كان دولة أو نظاماً أو سلطة أو تنظيماً، في تثبيت صورته وصوته، وما عداهما فليس أكثر من مجرد نشاز مزعج يجب التخلص منه.
ما حصل مع الزميلة هناء محاميد في القدس المحتلة اليوم يأتي في هذا السياق. إسرائيل لا تريد من العالم سوى الركون إلى الصورة التي صنعتها لنفسها. أي تلك التي لا تنفك تعكس "مظلوميتها" التاريخية، وبالتالي تهشيم ما من شأنه أن يفصح عن حقيقة ما يجري.
الاعتداء على الزميلة محاميد يأتي بعد أكثر من أسبوعين متواصلين من الانتهاكات الإسرائيلية، حكومة وجنودا ومستوطنين للمسجد الاقصى وسكان القدس المحتلة، عمل فيهما فريق قناة الميادين على نقل الواقع الفلسطيني كما هو.
وأثناء تغطية مراسلة الميادين لاقتحام قوات الاحتلال لبلدة العيسوية وتحديداً منزل الشهيد فادي علون في القدس المحتلة، تعمدت القوات الإسرائيلية قذفها بقنبلة صوتية في وجهها بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابتها بحروق.
وفور خروجها من المستشفى تحدثت محاميد مباشرة على الهواء وقالت إن ما تعرضت له في العيسوية تعيشه البلدة كل يوم و"الهدف منه ترهيب المقدسيين".
ما نطقت به مراسلة الميادين هو الحقيقة من دون مواربة. أي الترهيب كأداة لدفع الصحافيين إلى الانكفاء عن الدور الذي يتوجب عليهم لعبه في صناعة صورة من غير تشذيب وتهذيب. وهو الرأي الذي يقول به رئيس تحرير جريدة "رأي اليوم" عبد الباري عطوان.
الصحافة تحدد الأجندة السياسية وليس العكس
الإعلام الذي لا يمكن ضبطه بالوسائل التقنية اليوم، لم تجد السلطات الإسرائيلية من طريقة للحد من قوته إلا باستخدام العنف وأحياناً القتل. وعلى هذا المنوال تسير كل الأنظمة، بما فيها تلك التي تتغنى بالديمقراطية، وصولاً إلى داعش الذي قتل منذ فترة صحافيين أميركيين اتهمهما بالتجسس.
وتمثّل محاميد كما غيرها من العرب والفلسطينيين تحديداً، جيلاً جديداً من الصحافيين العرب الذين لا يلزموا مكاتبهم.
وأبدت نقابة الصحافيين الفلسطينيين استنكارها الاعتداء الإسرائيلي على مراسلة الميادين، الذي يأتي في سياق محاولة تل أبيب "طمس الحقائق في أثناء تصاعد جرائم قواتها بحق الفلسطينيين"، وفق ما أدلى به عمر نزال، الناطق الرسمي باسم النقابة للميادين نت.
وفي تقريرها السنوي، أكدت النقابة أنه في النصف الأول من العام الجاري، سجلّ أكثر من 300 اعتداء على الصحافيين الفلسطينيين، بنسبة 205% عن العام الماضي.
المصدر: الميادين