تسوية وضع البؤرة الاستيطانية "أفيتار" على حساب الأراضي الفلسطينية
اتفاق التسوية الذي وُقِّع بين حكومة الاحتلال الإسرائيلية وقادة المستوطنين بشأن بؤرة "أفيتار" الاستيطانيّة، المُقامة في جبل صبيح قرب نابلس في الضفة الغربية، أثار تساؤلات بشأن طبيعة التوازنات، وتوزُّع القوى داخل الائتلاف الحكومي الجديد. ومع التسوية الموقَّعة، يمكن الحديث عن أن "حكومة بينِت – لبيد" تخطّت أحد أخطر الألغام السياسيّة التي تركها في طريقها رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو.
تجاوُزُ قطوع "أفيتار"، على الرغم من أهميته، لم يحجِب الحديث عن فترة من التخبّط عاشها الائتلاف الجديد، بمكوناته المتناقضة. كما أظهر، في نظر معلّقين، أن ما يُحكى عن توازن قوى في الحكومة، لم ينعكس بشأن بلورة تسوية بؤرة "أفيتار"، التي أُقرّت، وفق تطلّعات المستوطنين، والجناح اليميني في الحكومة. شأنها شأن قضايا أخرى موضع خلاف بين جناحَي الحكومة.
في غضون ذلك، توقّف معلّقون عند انعكاسات تسوية "أفيتار" على وضع وزير الأمن بيني غانتس في الحكومة، والذي بات يشعر بأنه يؤدّي دور العجلة الخامسة في هذه الحكومة، التي تعمل على إيقاع الثنائي اليميني بينت - شاكيد.
إخلاء موقَّت
بعد تخبّط وسجال عام، وقّعت الحكومة الإسرائيلية مع قادة المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة على تسوية تقضي بإخلاء البؤرة الاستيطانيّة "أفيتار"، المُقامة في جبل صبيح قرب نابلس، وشرعنتها مستقبلاً، على أن يجري إخلاؤها طواعية حتى عصر يوم غدٍ الجمعة.
وينصّ اتفاق التسوية على الإبقاء على الوحدات الاستيطانية في الموقع من دون أن تُهدَم، إلى حين البتّ في تسوية الأراضي المُقامة فيها البؤرة، وإمهال الإدارة المدنية الإسرائيلية 6 أسابيع للبتّ بشأن الأراضي وشرعنة البؤرة.
وتُعَدّ بؤرة "أفيتار" واحداً من الفِخاخ السياسية التي نصبها رئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو لحكومة بينت – لبيد، علماً بأن البؤرة المذكورة، والتي أُقيمت في شباط/فبراير الماضي، كان من المقرّر أن يجري أخلاؤها في عهد حكومة نتنياهو، الذي تعمّد تأجيل ذلك عقب فشله في مفاوضات تشكيل حكومة برئاسته.
لغم سياسي
في النقاش الذي جرى بشأن هذه البؤرة، عُدّت "أفيتار"، واحداً من أخطر الفِخاخ السياسية التي تركتها حكومة نتنياهو، لحكومة بينت – لبيد. وبعد أن تجاوزت الحكومة الجديدة ما عُرف بـ"فخ مسيرة الأعلام" في القدس المحتلة، كان عليها الاستعداد مباشرة لفخ "أفيتار"، التي كان من المفترض إخلاؤها في ولاية حكومة نتنياهو، وتعمّد الأخير المماطلة في تسويتها إلى حين تأليف حكومة بينت – لبيد.
وبعد تخبّط داخل الحكومة، صادق كلّ من رئيس الحكومة نفتالي بينت، ووزير الأمن بيني غانتس، على التسوية مع قادة المستوطنين في الضفة الغربية. وأظهرت هذه التسوية أنّه على الرغم ممّا يُحكى عن توازن دقيق بين مكوّنات الائتلاف الحكومي، فإنّ الجناح اليميني في الحكومة بدا متقدّماً كثيراً على سائر المكونات.
ويرى معلّقون أن الاتفاق بين الحكومة والمستوطنين بشأن "أفيتار" لا يعكس انفراجاً، بل أزمة انتصار كاسح للمستوطنين، الأمر الذي يُثبت أن رؤساء المستوطنين هم مجموعة الضغط الأقوى في "إسرائيل"، وأن تبدُّل الحكومات وانتهاء ولاية بنيامين نتنياهو لم يحدّا من قوة هذه المجموعة، ولو قليلاً.
وتعكس التسوية المُقَرّة - في رأي معلّقين - عزلة وزير الأمن بيني غانتس في الحكومة، لأن ما اتُّفق عليه، وفق ادّعاء المستوطنين، بعيد جداً عما نشرته "الحكومة" حتى ما قبل أيام معدودة. وكان غانتس قال قبل عدّة أيام إنه "لن تكون هناك أيّ تسوية"، وإن البؤرة الاستيطانية "ستُخلى".
ويضيف المعلّقون أنّه على الرغم من الحديث عن توازن دقيق في الحكومة، فإن "اليسار" هو الذي ينحني أمام اليمين في القضايا الجوهرية. وبحسب المُعلّقين، فإنّ "التسوية أُنجزت من دون أن يكون وزير الأمن أو الجيش الإسرائيلي في صورة الاتصالات في الوقت الحقيقي، وإن غانتس أراد وضع خطوط حُمر، في بداية ولاية حكومة بينِت – لبيد"، وأنّه شعر بأنه يؤدّي فيها دور العجلة الخامسة .