"إسرائيل" والإمارات.. تعاون مستمر ومشبوه في التكنولوجيا والأمن السايبيري
في سياق تعزيز وتكثيف كل من الإمارات العربية المتحدة و"إسرائيل" تعاونهما بعد اتفاق التطبيع بينهما، في القطاع الإلكتروني ومجال أمن المعلومات والسايبر، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن "تكريم إسرائيل" من قبل الإمارة الخليجية في مؤتمر حماية السايبر "GISEC" الذي أقيم في دبي.
وتضمن المؤتمر (الذي أقيم أمس الثلاثاء) محاضرات مختلفة ألقيت من قبل "كبار" مسؤولي الصناعة الإسرائيلية، بهدف تعريف آلاف الزائرين من أنحاء العالم على كيفية تحول "إسرائيل إلى قوة في مجال أمن السايبر"، بحسب الإعلام الإسرائيلي.
وينظم مؤتمر "GISEC" كل عام في دبي، ويعد الحدث الأوسع في مجال السايبر في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويستمر لـ3 أيام، ويجري بالتعاون مع تشكيلات السايبر والتكنولوجيا التابعة للإمارات، كما أنه يمثل مركز جذب للعاملين في هذا المجال من أنحاء العالم.
هذا العام، أعطت الإمارات الحصة الأكبر لـ "إسرائيل" في المؤتمر، فالدولة المضيفة، الإمارات، تمثلت بـ39 شركة، و"إسرائيل" بـ28 شركة، وبعدها بفارق هائل تأتي ألمانيا بـ11 شركة، وبريطانيا بـ7 شركات، والولايات المتحدة بـ6 شركات.
هذا التمثيل الكبير للشركات الإسرائيلية يعكس الاهتمام الكبير من قبل الجانبين بتعزيز التعاون التكنولوجي والسايبيري بينهما، وهو تعاون يعود لسنوات سابقة ويحظى بانتقادات كبيرة بسبب التجاوزات التي تطاله.
ومنذ توقيع اتفاقات التطبيع بينهما، تُكثّف "إسرائيل" والإمارات تعاونهما في عددٍ من المجالات، من أهمها المجال الإلكتروني وأمن السايبر.
وكان رئيس أمن السايبر في الحكومة الإماراتيّة محمد الكويتي قال في وقت سابق، إن "تبادل المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية يساعد بلاده في ردع محاولات القرصنة وحلها"، متحدثاً عن أول تعاون استخباراتي مع الإمارات.
وفي وقت لاحق، قال "الكويتي" إن "هناك تعاوناً بين الطرفين في مجال التحوّل الرقمي"، موضحاً أن "الإمارات متجهة إلى تحوّل كامل في جميع القطاعات، ومن هنا تأتي أهميّة الأمن السايبراني، ومن هنا جاء التعاون الكبير مع الشركات الإسرائيليّة" بحسب تعبير المسؤول الإماراتي، الذي أضاف أن "إسرائيل سهّلت لنا بناء مرونة وأمن سايبراني في جميع القطاعات".
تعاون مشبوه
هذا التعاون الإماراتي - الإسرائيلي، عدا عن كونه تعاوناً يأتي في إطار التطبيع مع المحتل الإسرائيلي الذي يحتل الأراضي الفلسطينية ويعتدي يومياً على الفلسطينيين ويهجرهم من بيوتهم وأراضيهم، إلا أنه أيضاً يشمل قطاعات أمنية وتجسسية عديدة، طالتها الكثير من الانتقادات بعد كشفها من قبل جهات غربية وإسرائيلية.
في هذا السياق، نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، تحقيقاً للصحفي الإسرائيلي، سيمونا فاينغلاس، يتحدث عن تسليط الضوء على الأساليب المشبوهة لشركات الاستخبارات الإسرائيلية في الإمارات.
واتهم التقرير شركة استخبارات إسرائيلية خاصة بانتحال شخصيات صحافيين من أجل الحصول على معلومات من معارضي عائلة ملكية إماراتية، وسلط الضوء على شركات الاستخبارات الإلكترونية الإسرائيلية التي تفيد تقارير بأنها تمارس أنشطة تجارية في أنظمة استبدادية.
وكشف التحقيق الذي أجرته الصحيفة الإسرائيلية، أن مالك الشركة المعنية، "Bluehawk CI"، لديه تاريخ من محاكمات سابقة في تهم احتيال في "إسرائيل". واختارت وزارة الأمن عدم الرد على استفسار "تايمز أوف إسرائيل" حول سبب عدم تنظيمها لأنشطة الشركة في الخارج، ما يعني أن "إسرائيل" لاحقت نشاطات الشركة الداخلية، وسمحت لها بالعمل في الخارج دون رقابة.
تاريخ طويل من التعاون السري بين الإمارات و"إسرائيل" سبق اتفاق التطبيع
يذكر أن الإمارات وقّعت اتفاق تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في 15 أيلول/سبتمبر 2020، برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ووقّعت منذ ذلك الحين العديد من اتفاقيات التعاون، في كافة المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والرياضيّة والفنيّة والسياحيّة، وحظي قطاع التكنولوجيا اهتماماً كبيراً من الطرفين، ولم يتأثر بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أو بالاعتداءات الإسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى وأهالي حي الشيخ جراح.
كما أن هذا التعاون سبق الاتفاق بسنوات، ولكنه أخذ طابع السرية بشكل عام، فقبيل الإعلان عن اتفاق التطبيع، ذكر موقع "جي فوروم" للجالية اليهودية الناطقة بالفرنسية أن الإمارات و"إسرائيل" تخططان لإنشاء قاعدة تجسس في جزيرة سقطرى اليمنية في موقع استراتيجي في بحر العرب على بعد 350 كيلومتراً جنوب اليمن، الذي تسيطر عليه قوات إماراتية وأخرى مدعومة من قبلها.
كما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في العام 2019، أن شركة "دارك ماتر" الاستخباراتية التي تضم موظفين إسرائيليين، صممت تطبيق المراسلة "ToTok" لمراقبة المستخدمين سراً.
واستخدمت الحكومة الإماراتية خدمة "ToTok" لمراقبة المحادثات، العلاقات وغيرها من المعلومات، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أن التطبيق يحتل مرتبة عالية في السعودية، بريطانيا، الهند والسويد.
كما تحدثت مجلة "فورين بوليسي" عام 2016، عن برنامج "بيغاسوس"، وهو برنامج إسرائيلي متطور جداً تستخدمه الإمارات للتجسس على شخصيات معارضة.
ويتيح "بيغاسوس" للإمارات تسجيل اتصالات هذه الشخصيات المعارضة والتجسس على رسائلها ومحادثاتها عبر "فايبر" و"واتس آب"، وقراءة بريدها الإلكتروني، ويتضمن خاصية "التحكم عن بعد"، أي تشغيل الكاميرا وبرنامج "مايكروسوفت" وغيرهما.
كذلك نقلت "نيويورك تايمز" عام 2019 عن مسؤولين أميركيين مطلعين على تقييم استخباراتي سري وتحقيق بشأن برنامج "Totok" ومطوريه، قولهم إنه أداة تجسس تستخدمه حكومة الإمارات لمحاولة تتبع كل محادثة وحركة وعلاقة وموعد وصوت وصورة لمن يقومون بتثبيته على هواتفهم.
وعقب فضح التطبيق، حذف عملاقا التكنولوجيا "غوغل" و"آبل" تطبيق "توتوك" من متجريهما للتطبيقات الإلكترونية، على خلفية استخدام الإمارات التطبيق لأغراض تجسسية.