عملية حاجز زعترة: "إسرائيل" تقرّ بجرأة التنفيذ.. وتخشى محاكاتها
التطوّرات الأمنية الأخيرة في الضفة الغربيّة المحتلة حظيت باهتمام إسرائيلي: سياسي وأمني وإعلامي، واسع. وانصبّ الاهتمام بالأساس على عملية إطلاق النار عند حاجز زعترة جنوبي نابلس، أمس الأحد، التي أسفرت عن مقتل مستوطِن وإصابة اثنين آخرين، ووصفت بالجريئة والقاسية، وما أعطاها أهميّة مضاعفة كونها جاءت بعد أكثر من محاولة طعن في أنحاء الضفة الغربية في غضون يوميْن.
التقديرات الصادرة عن المؤسّسة الأمنية، التي جاءت على وقع هذه التطوّرات، جاءت مُشبعة بالقلق من منحى تصاعدي يدفع به جدول زمني مليء بالمناسبات الدينية والقومية التي تحمل في طياتها، بحسب التقديرات الاسرائيلية "قابليّات تفجير عالية"، كمناسبات شهر رمضان المبارك، وتطوّرات أخرى سبقت، في مقدمها تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ومواجهات القدس المحتلة، التي اشعلت قبل أيام جبهة قطاع غزة.
وفي ضوء رفع مستوى الاستعداد والجاهزية الأمنية في الضفة الغربية المحتلة، خاصة بعد عملية حوّارة، أعربت محافل أمنيّة عن خشيتها من تكرار ظاهرة المُحاكاة التي تلي هكذا عمليات، إضافة إلى الخطر المُضاعف الذي يشكّله منفذو العملية كلما تأخر البحث عنهم.
المؤسّسة الأمنية: تقديرات مُقلقة
في غضون ذلك انشغلت المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية في رسم مآلات المرحلة المقبلة، ومع تباينها حول بعض التفاصيل، اجمعت التقديرات على أن ما تبقّى من أيام شهر رمضان المبارك تنطوي على "قابليات تصعيد كبيرة"، وأن "إسرائيل" تُجري الاستعدادات اللازمة على المستويين العسكري والاستخباري.
واعتبر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة معاريف "طال ليف رام"، أن الهجوم قرب حاجز زعترة "تقاطع تبواح"، "نجح في إثارة قلقٍ حقيقي وسط مسؤولي الجيش"، وأنهم في المؤسسة الأمنية يقدّرون أن حركة حماس ستزيد جهودها في تشجيع وتوجيه العمليات ، من قطاع غزة، إلى الضفة والقدس المحتلة . لكنّ بحسب محلّلين آخرين، فإن حركة حماس "لن تستفزّ إسرائيل في الوقت التي تدفن فيه أموات سقطوا في كارثة جماعية (حادثة ميرون)، تحسّباً من دفع الجيش الإسرائيلي إلى ردّ شديد، كما أن السفير القطري سيحضر الأسبوع الحالي إلى القطاع حاملاً المساعدات المالية".
وأضاف "ليف رام" أنه رغم "الهجوم القاسي" تعتقد المؤسسة الأمنية أنه "لا زال من السابق لأوانه الإشارة إلى تصعيدٍ مهم وتضرر الاستقرار الأمني في الضفة الغربية، مع ضرورة التنبّه إلى أن ذلك قد يشكل نقطة تحوّل تجعل الطريق إلى تصعيدٍ أمني.. قصيرة جداً".
السياق الزمني والخلفيات
عملية إطلاق النار عند حاجز زعترة قرب نابلس لم تأتِ من خارج التوقعات بحسب التقارير الاسرائيلية، لا سيما وانه سبقتها تقديرات أمنية، وأتت مع جدول زمني مكتظ ومعروف "بقابلية التفجير". وفي سياق البحث عن أسباب وخلفيات التطوّرات الأخيرة، تطرّق المحلّل العسكري في موقع "واللاه" الإلكتروني، أمير بوحبوط، إلى جملة من المواعيد، التي تنطوي –برأي المؤسسة الأمنية-على امكانية تصعيد، أبرزها: "التوتر حول الحرم القدسي وباب العمود، الذي انعكس بشكل مباشر على الضفة الغربية؛ شهر رمضان وليلة القدر الذي يرافقه عادة توتر أمني؛ قضية تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية والوضع الاقتصادي الصعب ومكافحة السلطة الفاشلة للكورونا"، إضافة إلى ذكرى النكبة، وعيد الفطر، وعيد البواكير اليهودي. كما توقّف معلّقون عند أهمية حدث إخلاء عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس المحتلة.
وفيما زار رئيس الأركان أفيف كوخافي ساحة العملية ظهر الاثنين، وأجرى تقديرا للوضع، فإن ما نُقل عن مداولات المؤسّسة الأمنيّة، أشار إلى وجود تباين بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك حول انعكاس إلغاء الانتخابات الفلسطينية. وحيث أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنها ممكن أن تُشعل الضفة الغربية إضافة الى القدس المحتلة، قدّر جهاز الشاباك أن الرد الفلسطيني سيتركز فقط على القدس المحتلة.
بواعث قلق
حصول عملية إطلاق النّار في منطقة حوّارة، أمس، من دون أي إنذار مسبق، اثار خشية مضاعفة لدى المحافل الأمنية الإسرائيلية. حيث أشار معلق الشؤون العسكرية في القناة الإسرائيلية الـ 13، ألون بن ديفيد، إلى انهلم تتوفر أي معلومات مسبقة عن أي مجموعة معروفة للشاباك والأجهزة الأمنية تنوي القيام بعملية. والمسألة الأخرى التي تقلق إسرائيل هي ما يعرف بظاهرة المحاكاة والعمل بالإيحاء، وهي، بحسب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "إسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، "إحدى الظواهر الثابتة والمقلقة بعد هجماتٍ كهذه" لذا، فإنّ الجهد الأساسي الآن – إلى جانب الجهد المادي وإظهار الحضور على الأرض – سيكون استخباريًا. جزء منه سيركّز على تحديد الخلية التي نفّذت الهجوم، لكن أساسه سيكون إحباط هجماتٍ مستقبلية.