صاروخ دفاع سوري فوق ديمونا: إرباك في "إسرائيل".. وتحقيق بالفشل

إرباك في بيانات الجيش الإسرائيلي، ومعها التقارير الإعلامية، حول حقيقة ما حصل البارحة، ووسائل إعلام إسرائيلية تصف الحادثة بأنها "إستثنائية وغريبة".
  • السوريون يمتلكون ترسانة صواريخ دقيقة ومتنوعة

نجاح صاروخ دفاع جوي سوري في اختراق المجال الجوي في فلسطين المحتلة، والانفجار فوق منطقة تبعد عشرات الكيلومترات فقط عن مفاعل ديمونا في منطقة النقب جنوب فلسطين المحتلة، ترافق مع إرباك في بيانات الجيش الإسرائيلي، ومعها التقارير الإعلامية، حول حقيقة ما حصل، رغم أن الرواية الرسمية الإسرائيلية  تبنت فرضة "انزلاق" الصاروخ بعد أن أُطلق من سوريا باتجاه طائرة إسرائيلية أثناء هجوم في سوريا.

الإرباك الإسرائيلي جاء نتيجة التضارب في بيانات الجيش بشأن ما حصل لجهة محاولة اعتراض الصاروخ بعد إعلان الجيش الإسرائيلي بداية أنه نفذّ اعتراضاً ضدّ الصاروخ، وأنه يُحقق في نجاح الأمر، ليُعلن بعدها أنها عملية الاعتراض فشلت، ثم استقر به الأمر عند الإعلان أن عملية الاعتراض لم تحصل من أساسها ، وأن الصاروخ انفجر في الجو.  

غانتس يعترف بالفشل.. 

وفيما لاذ المسؤولون الرسميون في "إسرائيل" بالصمت إزاء ما حصل، اعترف وزير الأمن الاسرائيلي، بني غانتس، ظهر اليوم بفشل محاولة اعتراض الصاروخ المضاد للطائرات الذي أطلق هذه الليلة من سوريا. غانتس قال في مؤتمر صحفي "الجيش الاسرائيلي عمل ضدّ ذخر ضرورية لإعداد هجوم محتمل على "إسرائيل". تمّ اطلاق صاروخ مضاد للطائرات من نوع  SA-5 واجتاز المنطقة. حصلت محاولة لاعتراضه، لكنها لم تنجح. لا زلنا نحقق في الحادث. في معظم الحالات نحن نرى نتائج مختلفة، هذه قصة أكثر تعقيداً. كما ذكرنا، سنحقق ونمضي قدماً".

 قوة الردع تآكلت

في المقابل، برز الهجوم اللاذع الذي شنّه رئيس حزب "إسرائيل" بيتنا، أفيغدور ليبرمان، على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حيث اتهمه بأنه "غفا في نوبة الحراسة لأنه مشغول بمسائلة الشخصية"، مضيفاً بأن "قوة الردع تآكلت".

ليبرمان رأى أن الوضع الذي يطلق فيه صاروخ مع رأس حربي يزن 200 كلغ باتجاه "إسرائيل" قد ينتهي على نحو مختلف تماماً.

ودعا ليبرمان الكنيست للخروج عن الصمت، وطالب بعقد جلسة للجنة الخارجية والأمن لفحص استعداد المؤسسة الامنية إلى حالة تصعيد إزاء سوريا أو إيران.

السوريون يمتلكون ترسانة صواريخ دقيقة ومتنوعة

في معرض مقابلة أجراها مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، قدّر رئيس شعبة أمان سابقاً ورئيس معهد أبحاث الامن القومي عاموس يدلين، أن الصاروخ السوري الذي انفجر قرب ديمونا ليس انتقاماً ايرانياً على الحوادث التي وقعت في نطنز.

وأضاف يادلين أن "الساحة متوترة جداً"، لافتاً إلى أنه على الرغم من أن لحزب الله وإيران حسابات مفتوحة مع "إسرائيل"، إلا أنه يجب أخذ نفس عميق، فالصاروخ الذي أُطلق ليس "صاروخاً إيرانياً أعد لديمونا"، بل هو صاروخ قديم مضاد لطائرات النقل.

وبدوره، رأى الخبير في التهديد والدفاع إزاء الصواريخ في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، الدكتور عوزي روبين، الذي ترأس سابقاً إدارة حوما (وحدة إدارة الابحاث وتطوير الوسائل القتالية والبنية التحتية التكنولوجية في وزارة الأمن) المسؤولة عن تطوير منظومة الحيتس، أن الصاروخ الذي أُطلق لم يكن لديه هدف، وهو من النوع الذي لا يستطيع مطلقوه معرفة أين سيصيب أو أين سينفجر.

روبين أشار إلى أن "التخمينات بشأن إصابة محتملة للمفاعل النووي في ديمونا غير منطقية، لأن الصاروخ الخاص هذا لم يعد لضرب أهداف أرضية والضرر الذي يتسبب به محدود".

وأضاف روبين أن السوريين يمتلكون ترسانة أكثر دقة وتنوعاً في حال كانوا يريدون ضرب هدف أرضي. 

عملية اعتراض الصاروخ: حصلت.. فشلت.. لم تحصل 

في البيانات الذي صدرت عن الجيش الإسرائيلي والمتعلقة بحادثة صاروخ النقب، ظهر إرباك واضح وتناقض في رواية الجيش الإسرائيلي للحادثة، فبداية أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، العميد هدي زيلبرمان في حديث مع المراسلين العسكريين أنه حصل إطلاق صاروخ أرض - جو، على ما يبدو من نوع "SA-5"، انزلق إلى "إسرائيل" وسقط في النقب، ولم يكن مقصوداً إصابة المفاعل في ديمونا، ولا يوجد إطلاق مقصود إلى نقطة ما، بل إطلاق باتجاه طائرة لسلاح الجو في الجولان السوري.

وطلب زيلبرمان عدم تناول التقارير التي تتحدث عن تفعيل الدفاع الجوي في "إسرائيل".

وبعدها، كشف الجيش الإسرائيلي في بيان أنه "تمّ بالفعل إطلاق صاروخ اعتراض باتجاه الصاروخ السوري الذي انزلق نحو الأراضي الإسرائيلية. حتى الساعة لم يتضح بعد إذا ما تمت عملية الاعتراض بنجاح. التفاصيل قيد التحقيق". وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم البطارية التي أطلق منها الصاروخ وبطارية صواريخ أرض - جو إضافية في سوريا.

لاحقا، أعلن الجيش الإسرائيلي أن عملية الاعتراض فشلت، ثم تراجع مجدداً مع رواية فشل الاعتراض ليستقر على بيان جديد جاء فيه أنه "لم تنفذ عملية اعتراض في الواقع". كما أفيد بأن الصاروخ انفجر في الجو وسقطت أجزائه في منطقة النقب.

إرباك إعلامي ... ومطالبة بالتحقيقات

الإرباك الذي ظهر لدى الجيش الإسرائيلي انعكس في وسائل الإعلام الإسرائيلية، فوصف المحلل العسكري في القناة 13 التلفزيونية، ألون بن دافيد، الحادثة بأنها إستثنائية وغريبة.

ورأى أنه رغم أنهم في الجيش الإسرائيلي يتحدثون عن إنزلاق وليس عن إطلاق نار مقصود، إلا أنه يجب معرفة إن كانت توجد "محاولة إيرانية - سورية للإشارة بأنهم قادرون على الوصول بإتجاه المفاعل في ديمونا".

بدوره، قال معلق الشؤون العسكرية في صحيفة معاريف، طال لف رام، إن رواية الجيش الإسرائيلي تٌشير إلى أنه لم تكن توجد نية باصابة المفاعل في ديمونا، ومع ذلك "هذا لا يعني أنها لا تطرح تساؤلات". 

مراسل الشؤون العسكرية في القناة 12، نير دفوري قال إن الصاروخ كان يجب أن يُعترض، كاشفاً أن الجيش الاسرائيلي حاول اعتراضه، لكنه فشل. ولفت إلى أن نهاية الحادثة كما هي حصلت بحظ كبير. 

وأضاف دفوري أنه في إطار قيود الرقابة يمكن القول إنهم في الجيش الاسرائيلي أخرجوا صاروخاً اعتراضياً من منظومة معينة، في غير "مهمته الأساسية". لذلك لم تنجح عملية الاعتراض.

وطرح دفوري أسئلة لا زالت مفتوحة برأيه حتى الآن، هي: ما الذي أدى الى الانفجار الضخم في منطقة القدس؟ هل كان هذا الاعتراض، إذا حصل؟ هل يجري الحديث عن ضجة أحدثها الصاروخ أثناء مروره باتجاه جنوب "إسرائيل"؟ 

وفي السياق نفسه، دعا الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، إلى إجراء تحقيق عميق في كل الجوانب التقنية والعملانية، من الهجوم الإسرائيلي في دمشق، وصولاً إلى كيفية مواجهة تشكيل الدفاع الجوي التابع لسلاح الجو الإسرائيلي الصاروخ الذي أطلق من سوريا. 

بن يشاي دعا أيضاً لفحص إمكانية وجود نية لدى السوريين لاستخدام أوسع في المستقبل لصواريخ الدفاع الجوي بعيدة المدى ضد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي.

المصدر: الميادين نت