لقاح كورونا.. وسيلة شركات الأدوية لمراكمة الثروة بقوّة الاحتكار
تعمد شركات الأدوية إلى تسعير لقاحاتها استناداً إلى القدرة المالية للدول الغنية، الأمر الذي يحد من فرصة وصول اللقاحات إلى الدول الفقيرة.
وتتحرك هذه الشركات غالباً برعاية لوبيات تساهم في ضمان أرباحها ومنع تحوّل منتجاتها الطبية إلى "سلع بلا ملكية".
سابقاً كان المعروف هو لوبيات النفط والسلاح التي كانت تصنع القرار والرؤساء. أما اليوم، ومع تزايد الاهتمام بشؤون الصحة والجسد، يبرز نوع جديد من اللوبيات التي تدعم صناعة الأدوية واللقاحات.
وفيما يتزايد الطلب العالمي على اللقاحات، يبدو أن المعروض منها أقل بكثير من الطلب، والكمية المحدودة المتاحة تذهب إلى البلدان الغنية.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تم إعطاء ما يقرب من 80% من اللقاحات حتى الآن لـ10 دول فقط، إذ أن أكثر من 210 دولة يبلغ عدد سكانها 2.5 مليار نسمة لم تحصل على جرعة واحدة.
كما أن التعامل مع البلدان الفقيرة مختلف، إذ تدفع تلك الدول أكثر من الدول الأكثر ثراء مقابل نفس اللقاح، فعلى سبيل المثال، تدفع جنوب إفريقيا والمكسيك والبرازيل وأوغندا مبالغ مختلفة لكل جرعة مقابل لقاح "أسترازينيكا" نفسه، وهي قيمة أكثر مما تدفعه الحكومات في الاتحاد الأوروبي.
حقوق الملكية في خدمة الاحتكار
وعوضاً عن إشاعة الحقوق الملكية للقاحات في ظل الجائحة تتجه الشركات المصنعة لحصر إنتاج الجرعات، رغم الأخطار التي يسببها تزايد انتشار الفيروس وإمكانية تحوره بما يلغي فاعلية اللقاح أصلاً.
وتقدم الحكومات وخبراء الصحة حلّين محتملين لنقص اللقاحات: الأول بدعم من منظمة الصحة العالمية، عبارة عن تجمّع براءات الاختراع على غرار منصة تم إنشاؤها لعلاجات فيروس نقص المناعة البشرية والسل والتهاب الكبد الوبائي من أجل المشاركة الطوعية للتكنولوجيا والملكية الفكرية والبيانات. لكن لم تعرض شركة واحدة مشاركة بياناتها أو نقل التكنولوجيا اللازمة.
الثاني، وهو اقتراح بتعليق حقوق الملكية الفكرية أثناء الوباء، حظر في منظمة التجارة العالمية من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، موطن الشركات المسؤولة عن إنشاء اللقاحات التي وصفت بأنها أفضل طريقة لوقف انتشار فيروس كورونا.
وحظيت هذه الحملة بدعم 119 دولة على الأقل من بين 164 دولة عضو في منظمة التجارة العالمية، والاتحاد الأفريقي، لكن صانعي اللقاحات يعارضونها بشدة.
وفي منتدى صناعي، في أيار/ مايو الماضي، وصف الرئيس التنفيذي لشركة "فايزر"، ألبرت بورلا، فكرة مشاركة حقوق الملكية الفكرية على نطاق واسع بأنها "هراء" بل و"خطيرة".
بدوره، قال رئيس شركة "أسترازينيكا"، باسكال سوريوت، إنه إذا لم تكن الملكية الفكرية محمية "فلا يوجد حافز لأي شخص على الابتكار".
ووصف المدير العام للاتحاد الدولي لمصنعي المستحضرات الصيدلانية، توماس كويني، فكرة رفع حماية براءات الاختراع بأنها "إشارة سيئة للغاية للمستقبل"، مضيفاً: "معنى ذلك أنه إذا كان لدينا جائحة، فإن براءات الاختراع الخاصة لا تساوي شيئاً".
لقاحات كورونا وسيلة لجني مليارات الدولارات.. وبحماية الدولة
سجلت شركات الأدوية، خاصةً تلك المصنّعة للقاحات، أرباحاً طائلة في الأشهر الأخيرة. وسجلّت "أسترازينيكا" البريطانية، عام 2020، أرباحاً صافية بلغت 3,2 مليارات دولار، أي ما يزيد عن الضعف خلال سنة شهدت وباء وقامت خلالها الشركة بإعداد لقاح بالتعاون مع جامعة "أكسفورد".
وقال محلل "الميادين" للشؤون الأوروبية والدولية، موسى عاصي، إن الشركات "استغلت الأزمة التي مرّ بها العالم لتدفع بالحكومات من أجل صناعة اللقاحات ووقف الجائحة، وهذه الأموال استخدمت في فترة الإنتاج، وحصلت على مئات المليارات من الحكومات لصناعة اللقاحات، وحين تم صناعتها جرى بيعها بأسعار عالية.. لتبلغ أرباحها مئات مليارات الدولارات"
وتابع: "نحن أمام مافيا دولية وتفوقت فقط من خلال اللقاحات على شركات الأسلحة".
#التحليلية | كيف استغلت الشركات الكبرى أزمة #كورونا، وماذا حصل على أرض الواقع حتى وصلت أرباح الشركات إلى أرقام خيالية؟ @moussaassi pic.twitter.com/MZKtmhNo9Z
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) March 30, 2021
وتحدث محلل الميادين للشؤون السياسية، قاسم عز الدين، عن مؤسسات الضغط التي تحكي مصالح شركات الأدوية، مشيراً إلى أن الشركات الخاصة "تموّل انتخابات الكونغرس، بل إن أعضاء الكونغرس السابقين بارزون في تشكيل وكالات الضغط، وما بين عامي 2000 و2005 ارتفع عدد وكالات الضغط في الولايات المتحدة من 16 ألف وكالة إلى 34 ألف وكالة".
وتابع عز الدين: "الحكومات الغربية تبنت أيديولوجيا منظمة التجارة الدولية، وكل طرف يدخل هذه المنظمة عليه أن يحرر الاقتصاد أي أن يبيعه للقطاع الخاص.. وهناك هدف بضرب القطاع العام".
#التحليلية | ما هو نظام اللوبيات، وكيف يتحكم بالقرار السياسي في الدول الغربية؟ pic.twitter.com/nqAMIURmIk
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) March 30, 2021
أما مديرة مديرة "الميادين أونلاين" بهية حلاوي، فقالت إن جماعات الضغط "تعمل في الداخل الأميركي وتعمل على تبرير أرباح الشركات ودعم مصالحها ودرء الاستفسارات، كما وتقدم أموال طائلة لكلا الحزبين في الكونغرس لدعم حملات انتخابية".