ارتفاع ببيع السلاح وانتشار للجريمة.. هل تعاني أميركا من الإرهاب الداخلي؟
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة، اليوم الخميس، تقريراً تتحدّث فيه عن بيع أكثر من مليوني قطعة سلاح في شهر كانون الثاني/يناير في الولايات المتحدة، بزيادة قدرها 80%، وهي ثاني أعلى نسبة مبيعات شهرية منذ عام 1998 بعد شهر آذار/مارس 2020.
وذكرت الصّحيفة أنّ السّبب وراء هذا الاندفاع لشراء السّلاح هو الغموض السياسي في البلاد، وتراجع ثقة المواطنين الأميركيين بالشّرطة الأميركية، خصوصاً بعد أحداث الكابيتول في السادس من شهر كانون الثاني/ يناير، إذ نشرت السّلطات إنّ "الهجوم أسفر عن مقتل ضابط في شرطة الكابيتول وأربعة من مثيري الشغب، وإصابة نحو 140 ضابط شرطة".
Fearing violence and political uncertainty, Americans are buying millions more firearms https://t.co/TSDpAXx1Ly
— The Washington Post (@washingtonpost) February 4, 2021
وفي حديث له مع الصّحيفة، قال مدير الشؤون العامة للمؤسّسة الوطنيّة للرماية مارك أوليفا، إنّ "النّاس أصبحوا قلقين على سلامتهم الشّخصية بعدما عاشوا كلّ هذه التوتّرات".
كما وذكر التّقرير أنّ "ولاية ميتشغين "تحلّ في المرتبة الأولى في ارتفاع مؤشّر شراء الأسلحة الشّخصيّة، تليها نيوجيرسي ومن ثمّ العاصمة واشنطن".
ووفق مكتب التحقيقات الفيدرالي، فإنّه أجرى 4.3 مليون عملية تحقّق من خلفية الأسلحة في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، وفي حال استمرت هذه الوتيرة، فإنّه "سيكمل أكثر من 50 مليون عملية تحقّق بحلول نهاية العام ، محطماً الرقم القياسي الحالي المسجّل في عام 2020 ".
في موازاة ذلك، يكشف مسح جديد لبيانات الجريمة في 34 مدينة كبرى بالولايات المتحدة، أنّ جرائم القتل زادت السنة الماضية بنسبة 30٪، حيث أجّجتها جائحة كورونا واحتجاجات العدالة العرقية، وبينما انخفضت عمليات السّطو المسلح في عام 2020 مقارنة بعام 2019، ارتفعت جرائم القتل والاعتداءات المشددة والاعتداءات بالأسلحة النارية بشكل ملحوظ.
هذا وأصبح تفشي فيروس كورونا ذريعة لحمل السّلاح في البلاد، حيث ألقت الشرطة في ألفاريتا بولاية جورجيا الأسبوع الماضي القبض على رجل اتّهم بتوجيه السّلاح على امرأتين ترتديان أقنعة وقفازات طبيّة، لأنّه كان يخشى أن يُصاب بفيروس كورونا. كما واتُهم رجلٌ آخر في ولاية نيو مكسيكو بالقتل غير المتعمّد لابن عمه البالغ من العمر 13 عاماً بمسدسه، إذ أخبر الشرطة أنّه كان يحمل المسدس "للحماية" وسط تفشّي الوباء.
تأتي هذه الأرقام القياسيّة لبيع الأسلحة في البلاد، بعدما تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة الدّعوة إلى "تعزيز سلطة الولايات بتنظيم إصدار تراخيص لعمليات شراء أسلحة نارية وحيازتها قانونياً"، بالإضافة إلى تنظيم حيازة الأسلحة النارية واستخدامها، مثل طلب إجراء "تدقيق بيانات المشترين، وسدّ الثغرات المتعلقة بالتدقيق في البيانات الشخصية وشراء الناس للأسلحة".
أميركا التي تتبنى علناً سياسة تمويل المجموعات المسلّحة في العديد من الدول، وتعتمد سياسة التخريب والتحريض، انتقل الخوف إلى داخلها اليوم، وهي تواجه انتشار السّلاح والجريمة، أي أنّها أمام أزمة إرهاب داخلية قد تكون تداعياتها خطيرة.
فالأميركيون يستطيعون اقتناء الأسلحة والذّخيرة بأسعار متدنيّة عبر مواقع الإنترنت التي تعدّ سوقاً ضخمة، فضلاً عن تجارة تهريب الأسلحة التي تنشط عن طريق الحدود المكسيكيّة والعصابات المسلحة، إذ تمّ توثيق نشاط متزايد لـ80 ميليشيا في الولايات المتحدة الأميركية، غالبيتها العظمى من الجماعات المسلّحة اليمينية، حيث صعّدت الميليشيات اليمينية بشكل مطرد من أنشطتها، وأخذت مكانة متزايدة في البيئة السياسية الأميركية.
ويعطي مجرّد ظهور تلك الميلشيات واستعراض قواها في الشّارع انطباعاً عن حالة الغليان التي يعيشها المجتمع الأميركي، والتي يمكن أن تنفجر في أيّ لحظة، وتعتبر الانتخابات الأميركية لعام 2020 وما يرافقها من تبعاتٍ لجائحة كورونا اقتصادياً وسياسياً، بالإضافة إلى الأزمات الاجتماعية بين مختلف المكوّنات الأميركيّة، الصّاعق الذي يمكن أن يؤدي إلى انفجار الأوضاع، كردّة فعلٍ، على ما تمرّ به الولايات المتحدة داخلياً.