تعيين الدبلوماسي "المرن" روبرت مالي مبعوثاً لإيران.. أهدافه وتداعياته

يعتبر روبرت مالي أحد عرابي الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية في عهد باراك أوباما، هل سيؤدي دوراً دافعاً لعودة إدارة بايدن إلى التفاوض، والتواصل مع طهران؟
  •  روبرت مالي مبعوث الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن الخاص إلى إيران.

صرح مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية بأن إدارة الرئيس جو بايدن عينت روبرت مالي، مستشار السياسة الخارجية السابق بإدارة باراك أوباما، مبعوثاً خاصاً بالشأن الإيراني، وهو محام وخبير سياسي مختص في مجال حل النزاعات.

ويتمتع الديبلوماسي السابق بمسيرة مهنية طويلة، فقد خدم في فريق الأمن القومي كمدير لشؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيسين بيل كلينتون وباراك أوباما، كما كان مساعداً للرئيس لشؤون الصراع العربي الإسرائيلي.

ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مصادر أميركية أن "لروبرت مالي سجلاً حافلاً وطويلاً في التعاطف مع إيران وهو معادٍ لإسرائيل"، مضيفةً أنه "يرتبط بعلاقات قوية مع الإيرانيين".

واعتبر الإعلام الإسرائيلي أن "القول بأن مالي دبلوماسي نيته حماية أمن إسرائيل هو مجرد كلام في أحسن الأحوال، فهو عارض المبادئ التي قدمها وزير الخارجية السابق مايك بومبيو في فترة ترامب كشرط لرفع العقوبات عن إيران".

يعتبر روبرت مالي أحد "عرابي" الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى في عهد أوباما، فهل سيؤدي دوراً دافعاً لعودة إدارة بايدن للاتفاق والتواصل مع طهران؟

خطابات مالي ترشحه للعب دور بنّاء في العودة للإتفاق النووي

في هذا الصدد، قال الأستاذ في جامعة طهران حسن أحمديان للميادين نت إن "مالي عمل مستشاراً لإدارة أوباما في المفاوضات النووية وانتقد سياسة الرئيس ترامب تجاه إيران، هذه المواقف إلی جانب خطابه المرجّح للتفاوض بدل الضغط والتدرّج والتهوّر، ترشحه للعب دور بنّاء في العودة للإتفاق النووي والبناء عليه".

وفيما يخص الإنتقادات الموجهة لمالي، اعتبر أحمديان أنها أتت علی الأغلب من الدائرة المعارضة للتفاوض مع إيران والداعية للضغط عليها. حيث يری هؤلاء أنه "منحاز للجمهورية الإسلامية وبعيد عن الحياد المطلوب في التعاطي مع الملفات العالقة في المنطقة".

ورغم بُعد هذه الرؤية عن الواقع، إلا أن تفهّم "مالي" للأبعاد الإستراتيجية لسياسة إيران النووية والإقليمية ودعوته لمحاورتها بدل الضغط عليها للتوصّل لحلول معها، يدخل، بحسب أحمديان، "في سياقات غير مسبوقة أو قل نظيرها في الإدارات الأميرکية السابقة. ولذلك تعرّض لانتقادات هدفت لحمل بايدن علی التراجع عن ترشيحه لهذا المنصب".

وكان "مالي" عارض المبادئ التي قدمها وزير الخارجية السابق مايك بومبيو في فترة ترامب كشرط لرفع العقوبات عن إيران.

والمأمول إيرانياً، بحسب الأستاذ الجامعي الإيراني، أن يسعى "مالي" إلى رفع هذه العقوبات، خصوصاً أن "خطاب الرجل يرجّح عقلانية أکبر من الإدارة السابقة" في التعاطي مع الجمهورية.

وهو يعلم أن التغيير المأمول أميرکياً في العودة للإتفاق النووي "لن يحدث دون إلغاء عقوبات الضغط الأقصی والعقوبات الملغاة سابقاً في الإتفاق النووي، لذلك فمن المرجّح أن يضع في جدوله السياسي تجاه إيران مکاناً واضحاً لرفع العقوبات"، وفقاً لأحمديان. 

هل يؤثر تعيين "مالي" على الملف السوري؟

قبيل تعيين مالي مبعوثاً أميركياً لشؤون إيران، نشرت "واشنطن بوست" مقالاً تحت عنوان "مبعوث بايدن لإيران سيعقد مقاربته لسوريا".   

يقول الكاتب في هذا المقال إن "عودة مالي إلى الحكومة الأميركية ستكون لها تداعيات هائلة على سوريا ما سينتج عنه خلاف محتمل داخل فريق بايدن منذ البداية".

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين سابقين في إدارة أوباما أنه حين كان "مالي" مسؤولاً في البيت الأبيض عارض دعم المعارضة السورية وقاوم الإجراءات العقابية ضد الرئيس بشار الأسد جزئياً بهدف حماية المفاوضات النووية.

وتعليقاً على هذه النقطة، قال أحمديان إن "أحد الأمور المطروحة من قبل الإدارة الجديدة تجاه إيران هو ضرورة محاورتها حول الملفات الإقليمية (الحوار مع سوريا وإيران وحزب الله) وقدراتها الدفاعية".

ولفت إلى أنه من الواضح أن خطاب بايدن وانتقاداته لسياسة سلفه ترجّح الرکون للدبلوماسية إلی جانب الضغط، ومعروف أن الدبلوماسية لم تحظ باهتمام الإدارة السابقة، مؤكداً "لذلك يُراد من خلال الخطاب المختلف وتنصيب شخصيات مرنة کمالي تفعيل الدبلوماسية والاستعانة بها في التوصّل لحلول لأزمات فشلت إدارة ترامب في حلها بل وزادت من حدتها".

مالي و"علاقاته" مع الفلسطينيين

تشير المعطيات إلى ميل الديبلوماسي السابق إلى فكرة "التفاهمات" والتي ستفضي برأيه إلى تخفيض التوتّر في المنطقة، وقد كانت "خطيئة مالي الأصلية" في نظر أنصار "إسرائيل" في أميركا، هي تكذيبه لرواية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، عن "عروضه السخية" التي قَدّمها للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والتي رفضها الأخير، خلال "قمّة كامب ديفيد" التي جمعتهما مع الرئيس الأميركي بيل كلينتون، عام 2000.

يشار إلى أن "مالي" ارتبط بعلاقة عمل غير رسمية مع إدارة أوباما، والتي توقفت بعد الكشف عن قيامه باتصالات مع ممثلين عن حركة "حماس" في السابق. فما هو دور مالي في الملف الفلسطيني؟ خصوصاً أنه دعا في السابق إلى ضرورة الانفتاح على حركة حماس لكونها طرفاً يتمتّع بتأييد شعبي واسع بين الفلسطينيين.

وهنا يقول محمد كناعنة عضو المكتب السياسي لحركة "أبناء البلد" للميادين نت إن "هناك أوساطاً عديدة تُعارض هذا التعيين لروبرت مالي وتَتَخَوَّف من تأثيرهِ على الدبلوماسية الأميركية في المنطقة".

فهذا التخوف، وفقاً لكناعنة، يأتي على خلفية علاقات مالي مع أوساط فلسطينية مختلفة وخاصة ما رشحَ عن لقاءهِ بشخصيات من حركة حماس ودعوته للحوار، هذا عدا عن لقاءاته مع شخصيات من مختلف القوى الفاعلة في محور المقاومة، معتبراً أن "هذا التوجّه الذي يحمله مالي حصد له أعداء من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية ومن الساسة الصهاينة في فلسطين".

وعلى خلفية التطورات الأخيرة في انفراج العلاقات بين دول الخليج مع قطر وتأثير ذلك على العلاقات بينَ طرَفيّ الانقسام (حماس وفتح)، قال كناعنة إن "صاحب الدبلوماسية الهادئة سيسعى إلى فتح حوار أشمل وأوسع لضمان هدوء على حدود الكيان الاسرائيلي عبرَ تفاهمات إقليمية وضغوط على الساحة الفلسطينية لتحقيق ذلك"، بحسب تعبيره.

كناعنة رأى أن هذا التعيين يأتي "لتخفيف حدة الهجوم على السياسة الخارجية الأميركية، وفي ذات الوقت محاولة الخروج من تحت عباءة سياسة دونالد ترامب الخارجية والتي كانت لا تحمل غيرَ التوتر والتوتير في المنطقة".

صحيفة "إسرائيل هيوم"  المؤيدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اعتبرت أن "القول إن مالي دبلوماسي نيته حماية أمن "إسرائيل" هو مجرد كلام في أحسن الأحوال"، وبرأي كناعنة أمثال روبرت مالي هُم الأكثر حرصاً على "أمن الكيان الصهيوني عبر دبلوماسيتهم الناعمة والتي من خلالها قد يستطيعون تحقيق مصالح الكيان، الأمنية والاقتصادية".

المصدر: الميادين نت