بين التحركات العسكرية الأميركية والتصريحات الإيرانية.. أي سيناريوهات محتملة؟
بين حركة طهران الدبلوماسية في المنطقة، وتحذيرها من أي تحرك مشبوه، وبين سحب واشنطن حاملة طائرات "يو إس إس نيميتز" من الخليج هل تراجع سيناريو التصعيد؟
أسئلة عديدة تطرح بشأن التعويل على مفاوضات أميركية-إيرانية بشأن ملفات المنطقة هل هو خيار واقعي؟ أم رهان على السراب؟ وهل تتجه المنطقة الى التسوية أم إلى التفجير؟ تبدو الإدارة الأميركية كمن يسعى للكف عن تصرفاتها الاستفزازية في الخليج، في ظل تأكيد الرسائل الإيرانية أن المواجهة "لن تترك لأميركا فرصة البقاء في المنطقة".
على مدار قرابة الشهر حلّقت قاذفات استراتيجية أميركية للأكثر من مرة في منطقة الخليج، سبقها إرسال البنتاغون حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" إلى المنطقة في مشهد ذكر بالفترة ما قبل غزو العراق.
شبكة "سي إن إن" الأميركية، قالت أمس الخميس إن القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي كريستوفر ميلر قرر سحب حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" من منطقة الخليج.
ونقلت الشبكة عن مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأميركية لم تسمّه قوله إن "ميلر قرر، الأربعاء، سحب حاملة الطائرات المذكورة وإرسالها خارج المنطقة، في إشارة صريحة لخفض التصعيد مع إيران".
التوتر الأميركي ورفع مستوى الاستفزاز إلى ذروته، قابلته طهران بهدوء، وعملت على انتزاع الذرائع، تاركة لنفسها باب الانتقام لاغتيال قائد قوة القدس الفريق الشهيد قاسم سليماني مفتوحاً.
بدا قادة إيران العسكريون أكثر ثقة بقدرتهم في المواجهة، فازدحام الخليج بالقوات الأميركية يزيد من عدد الأهداف ويعطي طهران فرصة أكبر لحسم أي مواجهة محتملة. البحرية الإيرانية إلى جانب القوة الصاروخية وضعتا جميع الأهداف في المنطقة في مرمى النار.
في ذكرى الشهيدين سليماني والمهندس في طهران تأكيد على ثبات استراتيجية محور المقاومة وعلى صفحات انتقامه المفتوحة.
قائد "حرس الثورة" اللواء حسين سلامي، أكد أن بلاده مستعدة لأي تحركات أميركية، وجاهزة للدفاع عن مصالحها وإنجازاتها، مشيراً إلى أن القصاص من منفذي الجريمة آتٍ.
بدوره، قائد قوة القدس في "حرس الثورة" العميد إسماعيل قاآني أكد أن الذين اغتالوا الشهيد سليماني عليهم أن يعلموا أن "القصاص آتٍ ممن أمروا ونفذوا الجريمة".
مؤشرات ربما تلاقي حركة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وتحذيره من أي تحرك أميركي مشبوه، فأي رسائل حملتها الدبلوماسية الإيرانية؟ ولماذا تسحب واشنطن حاملة الطائرات؟ هل تراجع سيناريو التصعيد عشية تسلم الرئيس الديمقراطي جو بايدن زمام السلطة في البيت الأبيض؟
من هنا يطرح سؤال على المراهنين على مفاوضات أميركية إيرانية بشأن ملفات المنطقة. ففي "حوار العام" أكد الأمين العام لحزب الله لمنتظري هذا المسار، أن "طهران لا تشتري ولا تبيع على حساب حلفائها ودول شعوب المنطقة".. فهل رهانهم خيار واقعي أم مجرد سراب؟
موسوي للميادين: واشنطن سحبت حاملة الطائرات الأميركية لأنها ستكون هدفاً سهلاً للقوات الإيرانية
وفي قراءة للتطورات الأخيرة، والمواقف الإيرانية، قال الخبير الاستراتيجي والدبلوماسي الإيراني السابق أمير موسوي في حديث للميادين إن قادة "حرس الثورة أكدّوا صراحة اليوم أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب هو على رأس المستهدفين قضائياً أو بطرق أخرى".
ورأى موسوي أن واشنطن سحبت حاملة الطائرات الأميركية من الخليج لأنها "تعرف أنها ستكون هدفاً سهلاً للقوات الإيرانية"، مشيراً إلى أن "تراجع واشنطن عن أي عمل عسكري ضد إيران سببه الجهوزية الإيرانية، والرد المتوقع على مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة".
موسوي اعتبر أن "ضرب السفارة الأميركية في بغداد كان مسرحية مدبّرة، ولعبة خطيرة، لتوجيه ضربة كبيرة إلى قوات الحشد الشعبي العراقية".
كما اعتبر أن الرهان على مفاوضات إيرانية أميركية لتقرر طهران نيابة عن حلفائها هو "رهان على سراب".
وأشار إلى أن "النقاط التي تحدث عنها الإيرانيون في ذكرى استشهاد سليماني والمهندس التأكيد على الانتقام للدماء الطاهرة"، مشدداً على أن "نبرة التهديدات للمسؤولين العسكريين الإيرانيين أكدت أن ترامب هو المستهدف، لأنه هو من أمر باغتيالهما، وسيتم الانتقام منه قضائياً أو بطرق أخرى".
موسوي أكد أن "ترامب سيفاجأ وأن عليه أن لا يطمئن إن كان في الرئاسة أو من خلال الاجراءات الأمنية حوله، في ظل الإصرار من الجانب الإيراني على الانتقام".
خوري للميادين: إدارة بايدن ستسعى إلى تخفيف التوتر مع إيران
بدوره، كشف الدبلوماسي السابق الدكتور نبيل خوري من واشنطن، في حديث للميادين، أن "هناك انقسام بين القيادات التي جاء بها ترامب في كل الوزارات، ومن بينها وزارة الدفاع الأميركية".
وقال خوري إن "المحاولات الإسرائيلية لإقناع الإدارات الأميركية بشنّ حرب على إيران قديمة".
وفي حين أشار إلى أن إدارة بايدن تستعد لاستلام كل ملفات المنطقة، "وقد تمّ تعيين الأشخاص لكن الاستراتيجية لم تكتمل بعد"، لفت خوري إلى أن "إدارة بايدن ستسعى إلى تخفيف التوتر مع إيران، والتركيز على نوع من العلاقة الديبلوماسية، وعودة الاتفاق النووي، الذي أعلن ترامب الانسحاب منه في أيار/مايو 2018".
خوري أوضح أن ترامب "بات غير مهتم كثيراً بالسياسة الخارجية، ويركز على بعض القضايا الداخلية، إضافة إلى لعب الغولف، وإلى تحصيل ما يمكن تحصيله في الدول بالعالم التي قدم لها خدمات خلال فترته الرئاسية".
وبالنسبة لتحركات القوات الأميركية اعتبر خوري أنه "عرض عضلات وللتذكير بأن القوة الأميركية موجودة، وأن الاتيان بقوة إضافية من الولايات المتحدة بسرعة فائقة، تحسباً واستعداداً لأي عملية عسكرية قد تحدث انتقاماً لسليماني ولإعلام الطرف الآخر أنه لا تستهونوا بالقوة الأميركية".
نافعة للميادين: سحب الولايات المتحدة لحاملة الطائرات قد يكون إشارة لعدم التصعيد
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة، فرأى في حديث للميادين أن "عملية سحب حاملة الطائرات الأميركية من الخليج قد تكون إشارة إلى عدم التصعيد".
وأشار نافعة إلى أن "دولاً عربية لا تريد تصعيداً مع إيران، لأنها تعلم أن الحرب ستدمر المنطقة"، مشيراً إلى أن هناك دول أخرى تدفع نحو الحرب".
وأعرب نافعة عن اعتقاده بأن "الوضع سيظل متوتراً، وأنه لا يمكن التنبؤ بما سيحدث قبل 20 كانون الثاني/يناير المقبل، أي حتى تسلم إدارة بايدن السلطة في البيت الأبيض"، معتبراً أنه "لا يمكن التنبؤ على الإطلاق بما سيقوم به ترامب، وخصوصاً أن العامل الإسرائيلي عامل مهم، مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية وهذا الظرف الخاص جداً الذي يعيشه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".
ورأى أن من شأن ضربة لإيران "إعطاء فرصة لنتنياهو باستعادة رئاسته للوزراء بعد فوزه في الانتخابات".
وفيما أشار نافعة إلى أن ترامب الذي مارس سياسة شديدة ضد إيران وفرض العقوبات عليها، وارتكب مجموعة من الجرائم ضد قادتها، "هو يتحسب من رد فعل إيراني حالياً"، إلا أنه لفت إلى أن إيران "حريصة وليس لها مصلحة على الإطلاق أن ترد، وتعطي ذريعة للولايات المتحدة وإسرائيل لهدفهما تدمير البرنامج النووي الإيراني".