بعد توقيع الاتفاق.. قلق في بريطانيا بشأن تحقيق مكاسب ما بعد "بريكست"

بعد توقيعها اتفاقاً للتجارة مع الاتحاد الأوروبي إثر خروجها نهائياً من السوق الموحدة، يبدو أن العراقيل التجارية لبريطانيا على الحدود خاصة، بدأت تظهر إضافة إلى المشاكل الدوائية مع استمرار تفشي فيروس كورونا.
  • ساء الوضع في بريطانيا عندما أغلقت دول أوروبية حدودها معها لمدة يومين بسبب السلالة الجديدة من كورونا

على الرغم من اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها لندن وبروكسل، يخشى موردو الأغذية والأدوية في بريطانيا من أن تؤدي التغييرات التي تمّ إدخالها بسرعة إلى تعطيل الإمدادات وزيادة التكاليف، ما يقوّض مزاعم الحكومة بشأن مكاسب ما بعد "بريكست".

وفي حين وعد رئيس الحكومة البريكانية بوريس جونسون، قبل عام بصفقة "جاهزة تماماً"، اشتكى اتحاد المأكولات والمشروبات قائلين إنّ "جونسون سلمنا الاتفاق قبل أربعة أيام عمل من مغادرة بريطانيا السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2020".

واعترف جونسون في مقابلة له مع "بي بي سي" أمس الأربعاء وقال إنه "ستكون هناك تغييرات"، لكنه أصرّ على أن "بريكست" سيؤدي إلى ازدهار تجاري من خلال اتفاقيات التجارة الحرة مع دول أخرى حول العالم.

رئيسة الاتحاد الوطني للمزارعين مينيت باترس، قالت من جهتها، إن "الأعضاء يتوقعون استمرار تعطل التجارة على الحدود"، رغم الاتفاق الموقع الأربعاء.

ومع اندفاع العديد من الشركات لطلب مزيد من البضائع أو تلبية الطلبات التي تأخرت بسبب عمليات الإغلاق الناتجة من فيروس كورونا، كانت مرافئ القنال الإنكليزي، ولا سيما دوفر، مكتظة بالفعل قبل إعلان التوصل لاتفاق.

وساء الوضع عندما أغلقت دول أوروبية حدودها مع بريطانيا لمدة يومين قبل عيد الميلاد في محاولة للحد من انتشار سلالة جديدة أكثر عدوى من "كوفيد-19".

وعلقت آلاف الشاحنات المتجهة إلى الموانئ وسط اختناقات مرورية هائلة، واستغرق الأمر عدة أيام مع مساعدة القوات المسلحة للتغلب على الوضع.

وقال الرئيس التنفيذي لاتحاد الأطعمة والمشروبات إيان رايت إنّ "الفوضى التي سادت الأسبوع الماضي في دوفر وطبيعة اللحظات الأخيرة لهذا الاتفاق تعني أنه سيكون هناك اضطراب كبير في الإمدادات وسترتفع بعض الأسعار".

ورغم أن اتفاق التسوية بين لندن والاتحاد الأوروبي أزال خطر الحصص والرسوم الجمركية، فإن جميع الفحوص والنماذج الجديدة التي يجب ملؤها ستستغرق وقتاً، وتزيد من تكاليف شركات الأغذية والأدوية، كما تشكو الجمعيات التجارية.

ويصل حوالى 30 بالمئة من الأغذية المستهلكة في المملكة المتحدة من بلدان الاتحاد الأوروبي، إذ تستورد بريطانيا ما يقرب من نصف الخضروات الطازجة ومعظم الفاكهة.

إضافة إلى مشاكل التجارة، تبرز مخاطر الرعاية الصحية،  حيث ستؤثر أيضاً التغييرات على استيراد وتصدير الأدوية في خضم جائحة عالمية أودت بعشرات الالاف في بريطانيا نفسها.

وقال مارك دايان من "ناففيلد تراست"، وهو مركز أبحاث مستقل للرعاية الصحية، في بيان إن الاتفاق لا يبدد الصعوبات بشأن "تدفق الإمدادات الحيوية إلى المملكة المتحدة".

وأشاد دايان بالاتفاق لجهة "الاعتراف المتبادل بعمليات التفتيش لمصانع الأدوية وبعض التعاون في الجمارك"، لكنه حذر من أن "الروتين في إدخال المنتجات الحيوية داخل وخارج المملكة المتحدة لا يزال يتضاعف".

لكنه حذّر من أن هذا سيجعل الأمر أكثر صعوبة وكلفة "للحصول على الإمدادات لهيئة الخدمات الصحية الوطنية أو بيعها بشكل تنافسي في أوروبا".

دايات أوضح أنّه لم يتضح أيضاً ما إذا كان الاتفاق ينص على الاعتراف المتبادل بمعايير أجهزة التنفس الصناعي وأقنعة الوجه الضرورية لمكافحة "كوفيد-19".

ومع ذلك، كتب دايان في المجلة الطبية البريطانية أنه بالنظر إلى الحاجة إلى "تحول لوجستي وقانوني كبير بين ليلة وضحاها، وانطلاقاً من أن بريطانيا عانت نقصاً في الأدوية الرديفة في السنوات الأخيرة، "فإن الوعد بعدم حدوث أي نقص سيتطلب كثيراً من الشجاعة".

هذا ووقعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال خلال مراسم قصيرة في بروكسل أمس الأربعاء، وعشية خروج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة اتفاق ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عن الجانب الأوروبي، بعد عشرة أشهر من المفاوضات المتعثرة.

دول الاتحاد الأوروبي كانت قبل أيام قد أعطت الدول الـ27 الضوء الأخضر لدخول الاتفاق التجاري لمرحلة ما بعد "بريكست" بين لندن وبروكسل حيز التنفيذ.

وأعلن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري، التوصل لاتفاق على مجمل قضايا "بريكست". وجاء ذلك بعد بيانٍ أوروبي-بريطاني مشترك، ذكر أن "الظروف غير متوافرة لاتفاق بين لندن وبروكسل لمرحلة ما بعد بريكست".

المصدر: الميادين نت +وكالات