بروكسل تتحدث عن "بعض التقدم" في مباحثات "بريكست".. ما آخر التطورات؟
تحدث كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي ميشال بارنييه، اليوم الاثنين، عن "بعض التقدم" في المحادثات مع لندن حول العلاقة التجارية المستقبلية بين الطرفين في مرحلة ما بعد "بريكست"، لكنه أشار الى أن "خلافات لا تزال قائمة وخصوصا حول ملف الصيد".
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أعلنا يوم أمس الأحد استمرار المفاوضات بدون تحديد مهلة جديدة بعد تلك التي انقضت الأحد من أجل التوصل لاتفاق تجاري قبل خروج بريطانيا بشكل نهائي من الاتحاد الاوروبي في 1 كانون الثاني/يناير 2021.
وشدد جونسون على أن سيناريو الخروج من الاتحاد الاوروبي بدون اتفاق يبقى "الأكثر ترجيحاً" لكن فون دير لايين أشارت الاثنين إلى "تحرك" في المفاوضات معتبرة ذلك "أمراً جيداً".
وقالت في مؤتمر بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي "نتحدث عن انطلاقة جديدة مع أصدقاء قدماء، نحن في المرحلة النهائية، لكنها حاسمة"، مشيرةً إلى "تحرك" في المفاوضات ووصفته بانه "أمر جيد".
وأضافت "نريد قواعد عادلة، ليس فقط عند البداية وانما على المدى الطويل".
وفي بروكسل حيث تجري المفاوضات تحدث كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه، أمام دبلوماسيين عن تقدم "رغم استمرار الخلافات".
وخلال حديثه أمام السفراء، أشار بارنييه إلى "بعض التقدم" خصوصاً في شروط المنافسة العادلة لكنه قال إن الخلافات لا تزال قائمة لا سيما بشأن موضوع الصيد، المسألة المهمة جداً بالنسبة لبعض الدول الاعضاء، كما قالت مصادر دبلوماسية.
وقال دبلوماسيون إنه في موضوع الصيد "لا تزال صعوبات جدية قائمة، ولا نزال بعيدين جداً" عن تسوية.
"أيام مهمة"
واعتبر بارنييه أنه "من مسؤولية" الاتحاد الاوروبي إعطاء المحادثات الهادفة للتوصل إلى اتفاق تجاري مع بريطانيا في مرحلة ما بعد بريكست "كل فرص النجاح"، مضيفاً أن "الأيام المقبلة مهمة إذا أردنا" التوصل الى اتفاق تجاري بين البريطانيين والاتحاد الاوروبي في الأول من كانون الثاني/يناير 2021.
وأشار مصدر في الاتحاد الاوروبي إلى حصول تقدم "هش" قائلاً إن "لندن وافقت على ضرورة وجود آلية لتنظيم أي خلافات تحصل في المستقبل في المعايير"، مضيفاً أن عراقيل أكثر جدية لا تزال قائمة "على كل الجبهات" حول مسألة حقوق الصيد.
وقال "إذا حصل تقدم في ملف الصيد، فسيكون لدينا اتفاق في الأيام المقبلة".
ولم يعلق المتحدث باسم جونسون، حول ما إذا تم إحراز تقدم، مشدداً على إن الخروج بدون اتفاق لا يزال "نتيجة محتملة".
من جهته حض وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الطرفين على مواصلة المحادثات "طالما أنه لا يزال من الممكن التوصل الى اتفاق".
من جهته اعتبر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، الاثنين، أن البريطانيين سيكونون "أكبر الخاسرين" من "بريكست".
وستخرج بريطانيا التي انسحبت رسمياً من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/يناير 2020، نهائياً من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر.
ورغم تكثيف المباحثات لا تزال الخلافات كبيرة بين البريطانيين الذين يريدون حرية مطلقة على الصعيد التجاري والأوروبيين الحريصين على حماية سوقهم الموحدة الشاسعة.
ويحتم عدم التوصل إلى اتفاق، أن تحكم قواعد منظمة التجارة العالمية التبادل التجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي مع ما يحمله ذلك من فرض رسوم جمركية أو نظام حصص ما قد يشكل صدمة جديدة للاقتصاد الذي يعاني أصلاً من تبعات "كوفيد-19".
وتتعثر المفاوضات حول ثلاثة مواضيع: وصول صيادي الأسماك الأوروبيين إلى المياه البريطانية وطريقة تسوية الخلافات في اتفاق مستقبلي والضمانات التي يطالب الاتحاد الاوروبي لندن بها في مجال المنافسة في مقابل الوصول الحر الى أسواقه.
الاتحاد الأوروبي مستعد لمنح لندن إمكان دخول السوق الأوروبية من دون رسوم جمركية أو نظام حصص لكنه يريد في المقابل التحقق من أن المملكة المتحدة لن تلجأ إلى إغراق الأسواق من خلال ابتعادها عن المعايير البيئية والاجتماعية والضريبية الأوروبية أو تلك المتعلقة بالمساعدات الرسمية.
وإن حصل ذلك، يريد الاتحاد الأوروبي أن يكون قادراً على اتخاذ تدابير رد سريعة مثل فرض رسوم جمركية من دون أن يضطر إلى الانتظار إلى حين بت الخلاف في إطار اجراءات تحكيم عادية، سعياً إلى حماية الشركات الأوروبية. إلا ان لندن ترفض ذلك كليا.
عمليا وتحسبا لعدم التوصل الى اتفاق، عرضت المفوضية الأوروبية، الخميس، تدابير طارئة تهدف إلى الحفاظ على حركة النقل البري والجوي لمدة ستة أشهر بين الطرفين شرط أن تفعل لندن الشيء نفسه.
وتهدف الإجراءات أيضاً إلى ضمان الوصول المتبادل إلى مناطق الصيد لسفن كلا الطرفين في العام 2021.
وفي وقت لم يبق إلا نحو أسبوعين لحلول موعد مغادرة بريطانيا السوق الأوروبية الموحّدة، تتكثّف الاستعدادات في ظل ازدياد المخاوف من تداعيات عمليات التفتيش الجمركي واكتظاظ الموانئ.
الأغذية الطازجة
وقد يؤدي عدم التوصل إلى اتفاق بالطرفين إلى احتكامهما لقواعد منظمة التجارة العالمية بما يعنيه ذلك من فرض رسوم وحصص.
وبينما تسود الضبابية سلاسل الإمداد، أعلنت رابطة "كونسورتيوم التجزئة البريطانية" التجارية، الأحد، أن المتاجر تزيد مخزوناتها من المعلّبات والمعكرونة المجففة ومناديل الحمامات.
وفي الأثناء، يزداد القلق بشأن إمدادات الخضار والفواكه الطازجة القابلة للتلف، والتي يتم استيراد القسم الأكبر منها من دول الاتحاد الأوروبي.
اختناقات مرورية
ومن شأن أي عمليات تفتيش جمركي جديدة على انتقال البضائع بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي أن تضغط بشكل كبير على الموانئ والطرق البرية.
وأجرت الحكومة عمليات تجريبية كجزء من خطتيها للطوارئ -- عملية "بروك" وعملية "فينيل" لكينت في جنوب شرق انكلترا.
وفي إطار عملية "بروك" سيتم استخدام حواجز على الطرق قابلة للتحريك لفصل حركة السير العادية عن الشاحنات من أجل المحافظة على حركة السير في الطرق الرئيسية المؤدية إلى موانئ مثل دوفر وفولكستون ونفق المانش.
وقد ينتهي الأمر بما يصل إلى سبعة آلاف شاحنة عالقة في الازدحام، وفق أرقام تخطيط رسمية. وفي حال علقت أكثر من ألفي شاحنة في الاختناقات، وضعت الحكومة خططا لعدة مواقف مؤقتة للشاحنات.
وسيتم اللجوء إلى العملية "فينيل" في حال ازدادت حدة الاختناقات. وتتيح هذه الخطة تحويل 7000 مركبة للبضائع الثقيلة إلى مطار خارج الخدمة.
ضبابية اقتصادية
دعيت الأعمال التجارية للتخطيط إلى احتمال "بريكست" بدون اتفاق وضمان سلاسل الإمداد.
لكن مع استمرار المحادثات لا تزال دوائر المال والأعمال لا تملك معلومات بشأن الكيفية التي سيتم من خلالها إجراء التعاملات التجارية مع أكبر سوق للصادرات البريطانية.
الطيران
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، لن تعود بريطانيا جزءاً من منطقة الطيران الأوروبية المشتركة التي تسمح للشركات بتسيير رحلات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
واقترحت المفوضية الأوروبية اتفاقاً مدّته 6 أشهر للسماح بمواصلة تسيير الرحلات الجوية، إلا أنها لم تتلق رداً بعد من الجانب البريطاني.
حدود إيرلندا
تهدد عمليات التفتيش الجمركي بين إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا إعادة فرض الحدود الفعلية، وهو أمر قد يؤثر سلباً على بنود اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه عام 1998 بعد عقود من العنف.
وتوصلت بريطانيا والاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي إلى "اتفاق مبدئي" بشأن مسائل تشمل إقامة نقاط مراقبة حدودية وإمدادات الأدوية، رغم أن التفاصيل لم تُنشر بعد.
الأدوية
ودعت بريطانيا شركات الأدوية إلى تخزين الأدوية والتخطيط لطرق إمداد بديلة في حال حدوث اضطرابات على الحدود.
وأفاد وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، الأحد، شبكة "بي بي سي" أن بريطانيا تملك "ما يكفي من التنوع في الإمدادات" لتتمكن من التعامل مع الأمر.
لكن رئيس رابطة قطاع الأدوية البريطاني حذّر من أن عدم التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى "ازدياد التعقيد والازدواجية والتكاليف".