بنغلاديش تنقل مسلمي الروهينغا إلى "جزيرة عائمة" تفتقر لأبسط مقومات العيش
تبدأ بنغلاديش بنقل المئات من مسلمي الروهينغا إلى جزيرة خلافاً لتوصيات منظمات حقوق الإنسان. الجزيرة عمرها فقط عقدان، وهي تشكلت نتيجة رواسب أحد الأنهر، وتفتقر لكل مقومات الحياة الكريمة والبنى التحتية اللازمة للعيش هناك.
لاجئ من الروهينغا قال "نحن قلقون للغاية، وإذا أجبرنا على الذهاب إلى الجزيرة فعليهم قتلنا أولاً. لا نريد الذهاب إلى تلك الجزيرة العائمة. نحن خائفون من ذلك. إذا كانت هناك عاصفة فإلى أين يجب أن نذهب؟".
يتخوّف اللاجئون من العيش على الجزيرة التي تفقتر إلى مرافق صحية مناسبة، علماً أن البنى التحتية الموجودة فيها قد تكون عرضة للتدمير جراء العواصف. يترافق مع عمليات اعتقال وتعذيب من قبل السلطات البنغلادشية بحسب اللاجئين بغية اجبارهم على الذهاب إلى الجزيرة.
يعيد ذلك طرح الكارثة الإنسانية في قضية الروهينغا، وتغاضي العالم كله عن معاناتهم منذ تعرض الروهينغا للإبادة الجماعية في ميانمار، يعيد إلى ظروف إقامتهم في بنغلاديش والتعاطي معهم اليوم ومع قضايا النزوح واللجوء.
ورغم احتجاجات الجماعات الحقوقية، قامت السلطات في بنغلاديش بنقل حوالي 1600 من اللاجئين الروهينغا إلى جزيرة نائية معرضة للفيضانات في خليج البنغال، متذرعة بتخفيف الضغط والتكدس الدائم في المخيمات التي تأوي أكثر من مليون لاجئ.
من جهتها، قالت بنغلادش إنها لا تنقل إلى جزيرة باسان تشار سوى اللاجئين الراغبين في الذهاب إليها، وإن هذا سيخفف التكدس الدائم في المخيمات بالداخل التي تأوي أكثر من مليون من الروهينغا المسلمين الفارين من ميانمار المجاورة.
لكن لاجئين وعاملين في مجال حقوق الإنسان يقولون إن بعض الروهينغا يُنقلون قسراً إلى باسان تشار، تلك الجزيرة المعرضة للفيضانات والتي ظهرت قبل 20 عاماً.
مسؤول بالبحرية أشار إلى أنه يجري نقل الروهينغا على سبع سفن، وإن سفينتين أخريين تحملان إمدادات، مضيفاً أن السفن انطلقت من ميناء تشيتاجونغ الجنوبي. وبحسب المسؤول ذاته، "كان اللاجئون متكدسين على مقاعد بلاستيكية على أسطح سفن البحرية، وكان بعضهم يحمل مظلات واقية من حرارة الشمس في رحلة تستغرق ساعات".
وقال وزير الخارجية عبد المؤمن للصحفيين في ساعة متأخرة الخميس، "الحكومة لا تأخذ أحداً عنوة إلى باسان تشار. نحن ملتزمون بهذا".
ووصف نبأ الإجبار بأنه "كذبة"، قائلاً إن "المرافق في الجزيرة "أفضل بكثير" مما كانت عليه في المخيمات. وقد أنفقت بنغلادش حوالي 400 مليون دولار من خزانتها لبناء ملاجئ وسور لدرء الفيضانات يبلغ ارتفاعه حوالى ثلاثة أمتار حول المرافق".
الجدير بالذكر أن إثنين من الروهينغا أبلغا "رويترز" أنه تم إدراج اسميهما دون موافقتهما على قوائم المرحّلين التي يضعها زعماء محليون عينتهم الحكومة، في حين قال عاملون في مجال الإغاثة وحقوق الإنسان إن المسؤولين لجأوا لسياسة الترهيب والترغيب لدفع الناس للذهاب.
ورست السفن التي تقل هؤلاء اللاجئين حوالى الساعة 14,00 (08,00 بتوقيت غرينتش)، في جزيرة باسان شار حسبما قال شمسود دوزا، مسؤول اللاجئين في بنغلادش الذي يرافق الروهينغا، لوكالة فرانس برس.
مسؤولون صرحوا لفرانس برس من قبل أنه كان من المقرر توطين نحو 2500 لاجئ من الروهينغا في الجزيرة خلال المرحلة الأولى من الترحيل.
من جانبه، أكد مكتب الأمم المتحدة في بنغلادش في بيان مقتضب الخميس أنه "لا يشارك" في عملية النقل هذه التي تلقى "معلومات قليلة" بشأنها.
وقال البيان إنه لم يُسمح للأمم المتحدة بإجراء تقييم مستقل "لأمن وجدوى واستمرارية" الجزيرة، مشدداً على أن اللاجئين "يجب أن يكونوا قادرين على اتخاذ قرار حر ومبني على الوقائع بشأن إعادة توطينهم".
وأدى التدفق الهائل للاجئين إلى بنغلادش إلى إنشاء مخيمات تعاني من البؤس الذي تفاقم مع انتشار فيروس كورونا المستجد، وسمح بازدهار تهريب المخدرات.
كما تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين بـ860 ألفاً عدد الروهينغا الذين يعيشون في بنغلادش في مخيمات قريبة من الحدود مع ميانمار.
ولجأ نحو 150 ألفاً أيضاً إلى دول أخرى في المنطقة بينما ما زال 600 ألف يعيشون في ميانمار.
وفر أكثر من 730 ألفاً من الروهينغا من ميانمار عام 2017، عقب حملة قادها الجيش. وقالت الأمم المتحدة إنه تم تنفيذها بغرض الإبادة الجماعية وهو ما تنفيه ميانمار التي تؤكد أن قواتها تستهدف متشددين هاجموا مواقع للشرطة.
هذا التجاهل العالمي لمعاناة مسلمي الروهينغا منذ تعرضهم للإبادة الجماعية في ميانمار إلى ظروف إقامتهم في بنغلاديش، يعيد تسليط الضوء على ظاهرة إنسانية كبرى يعيشها ملايين اللاجئين والنازحين عبر العالم من جراء أحداث وحروب تُسهم فيها دول كثيرة لكنها في المقابل ترفض الإسهام في التخفيف من معاناة هؤلاء.