ترامب 2020.. اغتيالات وعقوبات وفشل في كل الملفات!

يُعد ترامب من أكثر الرؤساء الأميركيين إثارة للجدل بسبب سياساته المتناقضة والاستفزازية، خصوصاً في العام 2020 حيث ارتبطت بعض الأحداث في العالم بسياساته الأميركية المتعددة.
  • ترامب 2020.. هروب من الحروب المباشرة

أشرف عام 2020 على الانتهاء، عامٌ كان حافلاً بالأحداث، خصوصاً مع تفاقم الأزمات في الكثير من دول العالم، وإذا أمعنّا النظر نجد "الأصابع الأميركية" موجودة فيها إن بشكل مباشر أو غير مباشر.

دونالد ترامب الذي قاد سياسة أميركا في السنوات الماضية، كان عامه الأخير في البيت الأبيض مثيراً للجدل، وكان سبباً في كثير من الاضطرابات العالمية، ورغم ذلك يعتبر البعض أنه الرئيس الأميركي الوحيد الذي لم يشن حروباً عسكرية مباشرة، وقد تقول بعض الاستنتاجات إنه استعاض عنها بالاغتيالات والتدخلات الخارجية وفرض العقوبات الاقتصادية، وغيرها من "الأدوات" لافتعال الاضطرابات.

تدخلات ترامب وسياسته أخذت أوجهاً عدة، حيث تفنن في فرض العقوبات الاقتصادية، وأرفقها في بعض الأحيان بحملة ضغط سياسية واسعة، وتارة استخدم التدخل المباشر ودعم الميليشيات كما في سوريا، وحين كانت تفشل هذه الاجراءات عمد إلى سياسة الاغتيال السياسي.

اغتيالات هددت باندلاع حروب مدمرة!

الاغتيالات السياسية والعسكرية ليست أمراً غريباً على الولايات المتحدة الأميركية، فتلك الاستراتيجية "غير الأخلاقية ولا القانونية"، موجودة منذ عصور، ولكنها كانت بارزة في الـ2020.

في 3 كانون الثاني/يناير 2020، قامت أميركا باغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، ونائب قائد الحشد الشعبي الحاج أبو مهدي المهندس، في غارة جوية قرب مطار بغداد. ما أدى إلى توتر العلاقات بين طهران وواشنطن بشكلٍ كبير، وبعدها بـ 4 أيام ردت إيران باستهداف قاعدة عين الأسد بالقرب من الأنبار والتي تضم قوات أميركية.

وعلى بُعد يومين من الذكرى العاشرة لاغتيال العالم النووي الإيراني مجيد شهرياري، ومحاولة اغتيال زميله فريدون عباسي دوائي، وقيبل أيامٍ 37 من حلول الذكرى السنوية الأولى لاغتيال سليماني، يتكرّر المشهد باغتيال العالم الإيراني محسن فخري زاده، في توقيت "بالغ الخطورة والدلالات".

ترامب أعاد نشر تغريدة للصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان عقب اغتيال العالم الإيراني، في تبنٍ غير مباشر للاغتيال.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وبرغم أن تلك "الحرب السرية" الدائرة رحاها منذ سنوات باتت تحمل نمطية مألوفة في الصراع المفتوح بين إيران وكل من الولايات المتحدة و"إسرائيل"، إلا أنّ اغتيال زادة قد يكون الهجوم الأكثر خطورة على الإطلاق، قياساً على كل ما سبقه، وفق ما أكدته بعص الصحف الأجنبية.

في هذا العام أيضاً، كشف الرئيس الأميركي ترامب، في 15 أيلول/سبتمبر، أنه حاول تصفية الرئيس السوري بشار الأسد عام 2017، لافتاً إلى أن وزير الدفاع آنذاك جيمس ماتيس عارض الاغتيال. 

ورد الرئيس الأسد على تصريحات ترامب، بأنها انعكاس لسياسة الولايات المتحدة المعتمدة على الاغتيال والتصفيات، مؤكداً على ضرورة وجود توازن دولي يردعها أو يعاقبها على "الأعمال الشريرة" التي تمارسها.

يذكر أن الإدارة الأميركية فرضت عقوبات على سوريا تحت إسم "قانون قيصر"، بذريعة "حماية المدنيين السوريين"، وهو بدأ يؤثر على الحياة اليومية للسوريين، وتصيب تداعياته بعض دول المنطقة وعلى رأسها لبنان.

العقوبات الاقتصادية بديلاً للحرب العسكرية

العقوبات الاقتصادية بالأصل هي إجراءات تتبعها الأمم المتحدة بحق الدول المتفق على عقابها داخل مجلس الأمن، ولكنها تحولت تدريجياً لتصبح أدلة ضغط بيد الدول الكبرى، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، فأصبحت العقوبات إحدى أدوات السياسات الخارجية لها، تستخدمها هنا وهناك، بدلاً من شنّ الحروب المكلفة وغير المضمونة النتائج.

بحسب المتخصصين فإن العقوبات أحادية الجانب التي فرضتها واشنطن على عدد من الدول كانت خارج القانون الدولي، ومنها ما فرضته على إيران وسوريا وكوريا الشمالية وكوبا ولبنان.

وإذا حصرنا الحديث في العام 2020 نجد أن إدارة ترامب وسعّت قائمة العقوبات ضد كوبا فأعلنت عن إدراج 7 كيانات كوبية على قائمة العقوبات، محظرةً على الشركات الأميركية التعامل معها.

بينما كان لإيران النصيب الأكبر من العقوبات، إذ فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات كثيرة على إيران استهدفت مؤسسات تطوير بحثية عسكرية إيرانية، ومسؤولين إيرانيين، ومصارف إيرانيةً، خلال هذا العام.

سوريا أيضاً نالت حصة كبيرة من العقوبات، سواء من خلال "قانون قيصر" الذي تطال تداعياته كل أفراد الشعب السوري، أو من خلال عقوبات منفردة طالت شخصيات ومسؤولين سورييين.

ورغم أن هذه العقوبات حملت عناوين "إنسانية" بحسب الإدارة الأميركية، إلا أنه بات من الواضح أن نتائجها عقدت بشكل كبير حياة السوريين، وكان الهدف منها هو الضغط على الحكومة السورية من أجل تقديم تنازلات سياسية مرتبطة بالحل السياسي وإعادة الإعمار، وذلك بعد أن أيقنت واشنطن فشل كل أدوات التدخل فيها، من الميليشيات التي تدعمها إلى الإرهابيين، إلى إرسال القوات العسكرية بشكل مباشر كما هو حاصل اليوم في شمال شرق سوريا.

روسيا والصين القوتان الكبيرتان واللتان ترى فيهما الولايات المتحدة التهديد الأكبر، من حيث القوة العسكرية الروسية، والتهديد الاقتصادي الصيني، ولأن ترامب لم يتمكن من إيجاد وسيلة للتفاوض أو التعاطي مع هاتين الدولتين، فقد اختار أن يلجأ إلى العقوبات أيضاً، ففرض مجموعة من العقوبات على البلدين، أخذت أشكالاً متعددة.

العقوبات على الأعداء.. وعلى الحلفاء أيضاً

اللافت في سياسة ترامب أنه لم يفرض عقوبات على أعدائه فقط، بل طالت عقوباته الحلفاء أيضاً، سواء بما يرتبط بتركيا أو حتى بالأوروبيين الذين يقعون دوماً في شباك التّهديدات الأميركيّة.

حيث قال موقع تابع لوزارة الخزانة الأميركية، إن "الولايات المتحدة فرضت عقوبات على إدارة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها وثلاثة موظفين عقاباً لأنقرة على شرائها منظومة دفاع جوي روسية".

تدخلات أميركية مكشوفة

في عام ترامب الأخير أيضاً تزايدت التدخلات الأميركية في أكثر من بلد ومنطقة؛ لبنان على سبيل المثال كان تدخل واشنطن فيه فجاً و "وقحاً" بحسب بعض التوصيفات، وخصوصاً بعد التظاهرات التي شهدتها البلاد، حيث حملت التصريحات الأميركية طابع التحريض والاستهداف لفئة معينة من الشعب اللبناني، دون المساعدة في حل المشكلة أو  وضع الإصبع على السبب الحقيقي للأزمة الداخلية، حيث كان الهم الرئيسي لترامب وإدارته إبعاد حزب الله عن الحكومة اللبنانية.

لاحقاً تبين أن التدخل الأميركي أخذ بعداً آخر، من خلال المجتمع المدني، حيث كشف وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل، أن بلاده أنفقت 10 مليارات دولار في لبنان، على القوى الأمنية من جهة، وعلى منظمات المجتمع المدني من جهة أخرى، خلال سنوات. 

غير أن التدخل الأميركي في سوريا لم يكتف بالعقوبات أو التصريحات، بل تعداه إلى تعزيز الوجود العسكري والدعم لمجموعات "قسد"، حيث باشر الجيش الأميركي بعملية بناء قواعد عسكرية جديدة شرقي البلاد، وتحديداً بالقرب من حقول النفط والغاز.

وفي تدخّل علني واضح، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة قد تبحث موضوع الحقول النفطية بشرق سوريا مع الكرد.

وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي له سابقاً، "لقد تمكنت من الحفاظ على النفط. ولدينا قوات تقوم بحراسة النفط".

في وقت تواصل الولايات المتحدة الأميركية، إرسال تعزيزات إلى قواعدها العسكرية شرق سوريا، سادت مناطق سيطرة الجيش الأميركي ومسلّحي تنظيم "قسد" الخاضع له في ريفي دير الزور والحسكة، تظاهرات شعبية وعمليات واشتباكات مسلحة مطالبة بطرد جيش الاحتلال الأميركي والمسلّحين الموالين له، بعدما أمعنوا تنكيلاً بالأهالي وحصاراً لعدد من القرى والبلدات واختطاف عشرات الشبان واستهداف وجهاء وشيوخ العشائر، وسرقة مقدرات وثروات منطقة الجزيرة من نفط وغاز وقمح. 

الصين أيضاً نالت حصتها من التدخل الأميركي، حيث انتقدت أميركا كل ما يرتبط بسياسات بكين في بحر الصين الجنوبي وتايوان وهونغ كونغ، كما استغلت التظاهرات في الأخيرة من أجل انتقاد الصين والتدخل بشؤونها الداخلية.

وفي وقتٍ تمضي بكين بخطة لفرض قانون للأمن القومي، أعلنت واشنطن أنّ "قرار الحزب الشيوعي الصيني بفرض تشريع صارم للأمن القومي على هونغ كونغ يدمر الحكم الذاتي للإقليم".

وفي هونغ كونغ نفسها، نظّم سكان وعدّة منظمات احتجاجات للتنديد بما عدّوه تدخلاً أميركياً صارخاً في الشؤون الداخلية للصين، خصوصاً بعدما قامت واشنطن بتقديم الدعم لبعض الجهات المشاركة بالاحتجاجات.

المصدر: الميادين نت