في ذكرى رحيل كاسترو.. قائد ترك وصية نضال وخارطة طريق
ثار قائد كوبا فيدل كاسترو على الاستبداد في بلاده، ومن هناك انطلق لقيادة معركة عالمية ضد الإمبريالية ومناصرة ودعم حركات التحرر في جهات الأرض الـ4، وآمن بشمولية المواجهة وفاعلية التضامن والتعاون بين قوى التحرر في العالم.
4 سنوات على رحيل الزعيم الأممي كاسترو، جسداً، ولا يزال الفكر والإرث حيّان في نضال ومسيرة تحرر عالمية.
لم يكن الراحل فقط قائداً لشعبه وبلده في معركتهما ضد الإمبريالية الأميركية، كما لم يكن فقط زعيماً ومنارة في أميركا اللاتينية فاعلاً في تحولاتها التاريخية نحو الإستقلال والتحرر من نير الإستعباد الأميركي. كاسترو تجاوز حدود البلاد والقارة ليشارك من موقع القيادة في حركة ثورية يسارية مؤثّرة مع الشعوب والأنظمة التقدمية في إفريقيا وآسيا وأوروبا.
قاد فيديل كاسترو الكوبيين في مسيرة تحررية سيادية إستندت إلى إستراتيجيتين: التنمية والتطور الداخلي، والدفاع عن البلاد، انطلاقاً من تضامن الشعب والجيش في مواجهة العدو الخارجي.
يشار إلى أن هذه الإستراتيجية مكنته من تأسيس كوبا المنيعة، فصمدت وما زالت صامدة بثبات وكرامة من خلال موقع كوبا الإستراتيجي المتعاظم الأدوار، الذي كان عاملاً حاسماً في نقل أميركا اللاتينية من موقع الحديقة الخلفية الخاضعة لواشنطن، إلى موقع مستقل في معظم بلدانها المناهضة للأمبريالية العالمية.
هناك قطعة أدبية على لسان كاسترو ينقل أنه قالها للزعيم الفنزويلي هوغو تشافيز، تقول "أن أموت أنا فليس في ذلك أي خرق للناموس، أما أنتَ فلست مأذوناً بالموت بعد، فلا تمت، إياك أن تفعل، فليس بوسعك الموت بعد". استناداً إلى هذا القول، أشار محلل الميادين للشؤون السياسية والاستراتيجية محمد فرج، إلى أن فيدال كاسترو في تلك اللحظة كان يقول "تركت لكم الوصية والبوصلة وتركت لكم خريطة الطريق الواضحة".
وأشار فرج إلى أن كاسترو "ترك فعلاً قاموساً مليئاً بالبنود الكبيرة، ومنها ألا تتركوا أموالكم بقبضة البنوك الأميركية باعتبار الولايات المتحدة الأميركية هي القرصان الأكبر في هذا العالم".
وهذا ما حصل لا حقاً، بحسب فرج "فسرقة ذهب فنزويلا في بنك بريطانيا وسرقة موجودات بقيمة 12 مليار دولار عائدة لفنزويلا وتجميد الأموال".
ولفت فرج إلى بند آخر وهو "لا تتركوا منشآتكم للشركات متعددة الجنسيات"، مضيفاً أن كاسترو ترك "قاموساً عظيماً لمنظومة التحرر العالمي ومنها إنهاء تكتلات إقليمية ودولية".
محلل الميادين للشؤون السياسية قاسم عز الدين، قال إن فيديل كاسترو كان يرى العالم بمجمله، ويرى أميركا في هذا العالم ويعتبر أنه "لا يمكن لأي بلد أن يدافع عن نفسه بالانغلاق بلا يجب المواجهة دائماً".
وذكر عز الدين أن "كاسترو كان ينظر إلى المنطقة العربية كما ينظر إلى أميركا الاتينية"، قائلاً "أرسل كاسترو مستشارين إلى الجولان المحتل بالتعاون مع حافظ الأسد للإشراف على المعركة مع إسرائيل".
إلى ذلك، لفت إلى أن كاسترو كان يعتبر أن "كل أميركا اللاتينية هي أمة واحدة، وكان يعالج مشاكل الناس وهمومهم بكل إنسانية".
الجدير بالذكر أن مشروع فيديل كاسترو لم يكن يقتصر على قومية إنعزالية محصورة بالبعد الإقليمي المحدود، بل كان لهافانا دورها العالمي في مناصرة ودعم حركات التحرر العالمية ولا سيما القضية الفلسطينية، محور وقلب القضية العربية بالتنسيق والتفاعل مع الراحل جمال عبد الناصر.
هذا الدور كلّف كاسترو عقوبات ومخططات تآمرية بلغت أوجها في محاولات عديدة لاغتياله والانقلاب على إنجازاته فيما هو لم يتنازل قيد أنملة ولم يخضع للإغراء والتهديد والعزل
يعتبر فيديل كاسترو، صديقاَ حقيقياَ للفلسطينيين، لأنه كان من الداعمين الأساسيين للقضية الفلسطينية، كما دافع عن حق الشعب الفلسطيني بالتحرر والاستقلال، وفقاً لما قالته مراسلة الميادين هناء محاميد.
وتابعت محاميد: "كانت فلسطين حاضرة بكل خطابات كاسترو الدولية، بحيث تحدث دائماً عن الاعتداءات التي يمارسها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني"، مشيرةً إلى أنه "شدد دائماً على ضرورة انسحاب هذا الكيان من فلسيطين".
هذه العلاقة مع الفلسطينيين، بدأت تتضح في أوجها بعد حرب عام 1967 واستمرت إلى ما بعد ذلك، ولفتت محاميد إلى أن "كوبا اليوم تقوم بإعطاء منح دراسية للطلاب الفلسطينيين ومساعدات مختلفة"، رغم أنها "عانت من الفقر والحصار على مدار عقود طويلة".
ويعتبر كاسترو قائداً استثنائياً وإستراتيجياً محنكاً وحكيماً باعتراف أعدائه قبل حلفائه.
وصفته وكالات أجنبية بـ"الأيقونة العالمية والزعيم التاريخي"، فيما كان شعبه وأحرار العالم يسبغون عليه لقب " الكومندانتي" أكثر الألقاب قرباَ إلى قلبه الذي توقف عن الخفقان ليحيا في استمرار كفاح شعوب العالم.. للخلاص من الهيمنة والاستبداد.