بعد فلسطين قطر ترفض ترؤس الجامعة العربية.. هل تتبدل المواقف بتغير الأهداف؟

قطر لم تعلن بعد التطبيع مع "إسرائيل"، في ظل معلومات يتناقلها إعلام الاحتلال حول "ضغوط أميركية تمارس على قطر للموافقة على التطبيع، مقابل إلغاء المقاطعة الخليجية للدوحة"، فهل صحيح أن قطر تخشى أن يمس اتفاق تطبيعي علني بمكانتها في أوساط الفلسطينيين؟
  • الدوحة لم تنسحب إذاً من الجامعة بل أرادت ربما تسجيل موقف

لحقت قطر بفلسطين ورفضت تسلم رئاسة جامعة الدول العربية، اعتذرت من دون أن تتخلى عن حقها في الرئاسة المقبلة في آذار/مارس من العام المقبل. فهل هذه الخطوة تحت قاعدة تبدل المواقف بتغير الأهداف؟

الدوحة لم تنسحب من الجامعة، بل أرادت ربما تسجيل موقف بعدما تخلت فلسطين عن رئاسة الدورة العادية 154 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، رداً على موقف الأخير الداعم للإمارات والبحرين في التطبيع مع "إسرائيل".

للموقف القطري أبعاد عدة في البداية، هو يعيد إلى الواجهة سريعاً مشهد التسابق على كرسي الرئاسة ومن يحتضن قمة عربية، فقطر نفسها كانت قد سعت بقوة لرئاسة الدورة واستضافة القمة عام 2013، التي انعقدت في الدوحة آنذاك.

وكان المطلوب رأس سوريا وحصل ذلك، مع إقصاء دمشق ومنح مقعدها لما سمّي بالائتلاف السوري المعارض.

مرت السنوات لتتكشف حقيقة الحرب الكونية على سوريا كحجر الزاوية في البناء العربي الممانع.

صحيح أن قطر لم تعلن بعد التطبيع مع "إسرائيل"، ولكن ماذا عن المعلومات التي يتناقلها إعلام الاحتلال حول "ضغوط أميركية تمارس على قطر للموافقة على التطبيع، مقابل إلغاء المقاطعة الخليجية للدوحة؟"، وهل صحيح أن قطر تخشى أن يمس اتفاق تطبيعي علني بمكانتها في أوساط الفلسطينيين؟

قبل 7 سنوات قالت دمشق إن إخراجها من الجامعة هدفه خدمة "إسرائيل"، واليوم يتبين صحة ما قالته دمشق، تقاطعاً مع الموقف القطري.

وزير الخارجية اللبناني السابق عدنان منصور، أكد في حديث إلى الميادين أن جامعة الدول العربية تعيش حالة انحدار منذ ما يسمى الربيع العربي، مشيراً إلى أن الجامعة كانت طرفاً في النزاعات بدل أن توحد الدول العربية.

ورأى منصور أن هناك تناغم بين بعض الدول العربية والسياسة الخارجية الأميركية، لافتاً إلى أن "حرباً عالمية شنت على سوريا لما تمثله من خط عربي في مقاومة "إسرائيل".

وقال إن المنطقة بين قسمين الآن "الأول يواجه ويرفض مسار التطبيع والآخر يمضي به".

إذاً، قطر رفضت ترؤس جامعة الدول العربية بدلاً عن فلسطين، مفارقة لافتة مع سعيها لترؤس قمة 2013 لإقصاء سوريا. 

فبعد تسع سنوات على تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، تبدو الجامعة اليوم كأداة تنفّذ إرادة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، فتصمت عن التطبيع مع "إسرائيل"، وتبدو عاجزة أمام صفقة القرن، فأين كانت الجامعة وأين باتت اليوم؟

صدر عام 2011 عن جامعة الدول العربية قرابة الخمسين قراراً وبياناً واجتماعاً شرعت التدخل الدولي في ليبيا، وانتهت بإعلان تعليق عضوية سوريا في الجامعة.

وأقصت دولاً فاعلة فيها وأسندت قرارها لدول تدور في الفلك الأميركي. 

ففي آذار/إبريل 2013، ضغطت دول الحلف الأميركي على الرئيس الفلسطيني محمود عباس للتنحي عن رئاسة القمة العربية. وسارعت قطر للمطالبة بالرئاسة، فيما حرصت على ضمان إقصاء دمشق، وتجاهلت دولاً عربية، كالجزائر ولبنان والعراق، تنفيذاً للمخطط الأميركي الرامي لإقصاء نهج سوريا الاستراتيجي الداعم للمقاومة وفلسطين، فاستبدلت الجامعة في قمتها العلم السوري بعلم ما يسمى بالائتلاف المعارض.

"جامعة الدول العربية عبارة عن نادي للحكام العرب ولا تعنيها الديمقراطية"، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري السابق عبد الله الأشعل.

وتوقع الأشعل في حديث إلى الميادين أن تنتهي جامعة الدول العربية، و"تحلّ محلها منظمة الشرق الأوسط الجديد بزعامة "إسرائيل"، فالنظام العربي انتهى وظهر الآن نظاماً سرطانياً يحارب الأمة العربية".

وأضاف أن ما يجري من اتفاقات الآن "هو عبارة عن معاهدات تحالف ضد إيران"، موضحاً أن الرهان اليوم على وعي الشعوب العربية والمقاومة في جميع أشكالها لمواجهة المطبعين.

تغيب جامعة الدول العربية اليوم عن المشهد تماماً وعلى مدار سنوات سبع، اكتفت ببيان خجول دانت خلاله نقل واشنطن سفارتها إلى القدس المحتلة، وبدا موقفها ضبابياً تجاه "صفقة القرن"، كما صمتت عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين.

اليوم تبدو جامعة الدول العربية كبيت بني على جرف هاو، فصورتها تختلف تماماً عن تلك الجامعة التي علقت عضوية مصر لسنوات عشر، على خلفية توقيع السادات لاتفاقية سلام مع تل أبيب، حينها كانت القضية الفلسطينية أولوية الدول الوازنة عربياً، أما اليوم، تعجز الجامعة عن إصدار بيان يدين تطبيع دول خليجية مع "إسرائيل".

فيما أبعدت سوريا على خلفية موقفها الاستراتيجي الراسخ من فلسطين، وبذريعة شعار الحريات، هندست واشنطن و"إسرائيل" مخطط الاقصاء ونفذته دول التطبيع.

المصدر: الميادين نت