واشنطن تعود إلى نغمة العقوبات برغم فشلها.. علام تعتمد إدارة ترامب؟
تواصل الولايات المتحدة ممارسة ضغطها على إيران متحدّية الإرادة الدولية.
ومرة جديدة تعلن على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو، أنها ستعيد فرض العقوبات على إيران بصورة تلقائية الأحد المقبل، وأنها ستحرص على أن تطبق دول العالم أجمع هذه العقوبات وتحترمها.
لا تبالي واشنطن بموقف الأسرة الدولية، فالأغلبية الساحقة من أعضاء مجلس الأمن الدولي يخالفونها موقفها هذا، ويعتبرون أنها فقدت حقها في تفعيل آلية فرض العقوبات حين انسحبت من الاتفاق النووي عام 2018.
هكذا، وبعدما فشلت إدارة ترامب في تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران في مجلس الأمن، تتفرد بتمديد هذا الحظر إلى أجل غير مسمى.
بالتوازي أعلن ممثل الولايات المتحدة الخاص بفنزويلا وإيران، إليوت أبرامز، أن بلاده قد تمنع أي طرف يتاجر بالأسلحة مع إيران من دخول السوق الأميركية، مشدداً على أن حظر الأسلحة المفروض على إيران سيمدد "إلى أجل غير مسمى"، وأن العديد من الأنشطة المتعلقة ببرنامج إيران النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية سيندرج ضمن العقوبات.
المفارقة أن بومبيو يهدد أوروبا أن إيران إذا تزودت بأسلحة روسية وصينية وخاصة الطائرات المعول عليها، فإن طهران ستحكم وتهدد أوروبا وآسيا، ورد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على مزاعم بومبيو، بأن الأخير "يهلوس".
لكنّ دبلوماسياً كبيراً في مجلس الأمن، شبه "الأمر بالضغط على الزناد دون أن تخرج رصاصة"، وأكد ألا عودة، "حيث أن العقوبات ستظل معلقة، وخطة العمل الشاملة المشتركة ستبقى قائمة".
المعارضة التي تواجه مساعي واشنطن، اعتبرها الرئيس الإيراني حسن روحاني، انتصاراً للأمة الإيرانية، وهزيمة مشينة للولايات المتحدة.
وفي المقابل طلبت إيران من محكمة العدل الدولية، ومقرها في لاهاي الهولندية، إصدار قرار يقضي برفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، باعتبار أنها باطلة من وجهة نظر القانون الدولي.
وقال محامو إيران في مرافعاتهم أمام المحكمة إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة تمس بشكل مباشر بالاقتصاد الإيراني وتُـضر بالسكان، إضافة إلى الأطراف الأخرى التي تتعامل تجارياً مع إيران.
لا أحد يستطيع أن يفسر المساعي الأميركية في هذه المسألة، بومبيو وترامب لا يتحدثان عن عقوبات أميركية اتجاه إيران، بل يتحدثان عن عقوبات الأمم المتحدة، ويسعيان لتفعيل عقوبات الأمم المتحدة.
هذا غير منطقي بحسب أوروبا والمفوضية الأوروبية، وجوزيب بوريل، كان واضحاً وضوح الشمس في هذه المسألة، حتى لقاء بومبيو أمس مع وزير الخارجية البريطاني دومنيك راب، الحليف الأقرب للولايات المتحدة، لم يقل أنه سيؤيد المساعي الأميركية رغم أنه قال إن الاتفاق يحتاج إلى مراجعة.
الدبلوماسية الدولية تؤكد أن الولايات المتحدة ليس لها منفذ خاصة مع أوروبا في الأمم المتحدة في مسألة فرض عقوبات أممية على إيران. قد يكون ترامب يسعى من وراء ذلك لكسب بعض الأصوات في الولايات المتحدة للتصويت له، أو حتى تلبية لرغبة حلفاء خليجيين.
رغم كل العقوبات تعترف إيران بالقانون وتلجأ إليه، واضطرت محكمة العدل الدولية في 2018 أن توافق على الحد الأدنى من تخفيف العقوبات.
بالمقابل، وعلى سبيل المثال، تقرصن الولايات المتحدة ملياري دولار لإيران، وهو أمر لا ترى له المحكمة الدولية أي مبرر، رغم أن الأخيرة لا تستطيع أن تفرض على واشنطن أن تفرج عن الأموال المقرصنة.
هذا هو تماماً الفرق بين نهج الدولة الذي تتبعه إيران، ونهج "قطاع الطرق" الذي تتبعه واشنطن.