الحسكة: "الإدارة الذاتية" تمنع التعليم الحكومي.. وجهود رسمية لاستيعاب كافة الطلاب
تنهمك المعلمة نالين في تلقين مجموعة من الطلاب الأحرف الأبجدية، مع بعض الدروس البدائية، في مدرسة عبدالله القادري، التي تم نقلها من حي المفتي، إلى ساحة صغيرة بالقرب من ملعب كرة قدم وسط مدينة الحسكة، وفق نظام الغرف المسبقة الصنع، وذلك بعد استيلاء "الإدارة الذاتية" الكردية، على كل المدارس الحكومية، في مناطق سيطرتها، مع منع تدريس التعليم بالمنهاج الحكومي لكافة الصفوف في مرحلتي التعليم الاساسي والثانوي.
وتعمل المعلمة على تعويض الطلاب مافاتهم من تعليم، بعد إلتحقاهم بدورات الفاقد التعليمي التي تقيمها مديرية التربية في الحسكة، بهدف تدارك سنوات دراسية على عدد من الطلاب المتسربين من التعليم الحكومي، وفق نظام التعليم الفئة (ب)، الذي اعتمدته وزارة التربية السورية، بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، لتعليم الطلاب المتسربين من التعليم، وفق نظام عامين بعام دراسي واحد.
وتؤكد المعلمة نالين، للميادين نت، أن "غالبية الطلاب الملتحقين بمنهاج الفئة ب، لايجيدون القراءة والكتابة، ونواجه صعوبة في إيصال المعلومات لهم"، مبينة أنهم "يحتاجون لجهد مضاعف حتى يتم استدراك مافاتهم من تعليم في سنوات سابقة".
وتقول نالين إن "أعمار الطلاب الملتحقين بهذا النظام التعليمي تتراوح بين 9 إلى 15 عام، وجميعهم لم يتمكنوا من الحصول على تعليم جيد، بسبب ظروف مختلفة، أبرزها منع التعليم الحكومي في مناطق سيطرة "قسد".
وفرضت "الإدارة الذاتية" منذ العام 2013، منهاجاً مغايراً لمنهاج وزارة التربية الحكومية، لتفرضه على الطلاب في مناطق سيطرتها بالتدريج، وصولاً لمنع التعليم الحكومي بشكل نهائي هذا العام.
واستولت بذلك على 2100 مدرسة حكومية، مع اقتصار التعليم الحكومي على 179 مدرسة فقط في مدينتي الحسكة والقامشلي، وسط اتهامات حكومية بتحويل المدارس لمعتقلات ومقرات عسكرية، وأخرى لتحصيل الضرائب غير الشرعية على السكان.
وعلى مقعد خشبي، في غرفة مسبقة الصنع، تتلقى ريم التعليم الحكومي للمرة الأولى، بعد أن بلغت الـ12 عاماً من عمرها.
وفي وقت يجلس جيرانها في الحي في مقاعد الصف السادس الابتدائي، تجلس ريم مع أقرانها في مقاعد مخصصة للفئة الأولى، بعد أن التحقت لـ4 سنوات في مدارس "الإدارة الذاتية"، وتركتها والتحقت هذا العام بالتعليم الحكومي.
تقول ريم، إنها جاءت للمدرسة لأنها تحب التعلم، وتريد استدراك السنين التي فاتتها لتلتحق بزملائها في صف يتناسب مع عمرها، مشيرة إلى أنه لا اعتراف بشهادات "الإدارة الذاتية"، ومستوى التعليم لديهم ضعيف، وقالت "لم نتمكن من تعلم أي شيء هناك".
وفي ذات الصف، تكتب ليلى للمرة الأولى عدة أحرف على دفترها المدرسي الصغير، بعد أن أنهت تعلم الحروف الأبجدية. ليلى، التي أدى إغلاق المدارس الابتدائية في حي مشيرفة منذ 4 اعوام، لعدم تمكنها من الوصول للمدارس الحكومية، إلا هذا العام، تقول إنها "تحب التعليم، وتريد أن تتعلم وتكبر وتبني وطنها".
وتعمل مديرية التربية الحكومية في محافظة الحسكة، على استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب، عبر إجراءات إستثنائية تم اتخاذها مؤخراً، لتجنب تسرب الطلاب من التعليم الحكومي.
وتقول مديرة التربية في الحسكة، إلهام صورخان، إن "المديرية عملت على استيعاب أكبر عدد من الطلاب في المدارس الحكومية في مدينتي الحسكة والقامشلي، مع افتتاح مدارس منزلية، وشعب لمنهاج الفئة (ب)، لتعويض الطلاب المتسربين من التعليم مافاتهم من مراحل تعليمية سابقة".
ولفتت إلى أن "إجراءات ما يسمى بالإدارة الذاتية أدت لتسرب أكثر من 100 ألف طالب من التعليم في محافظة الحسكة، مايهدد بنشوء جيل جاهل تعليمياً".
وطالبت صورخان الأمم المتحدة واليونيسف واليونيسكو، "بالتدخل وإعادة فتح المدارس، وتحييد التعليم عن الصراعات السياسية والعسكرية".
بدوره، أكد محافظ الحسكة، غسان حليم خليل، للميادين نت، أن الدولة السورية "عملت وتعمل على استيعاب كافة طلاب محافظة الحسكة بكافة مدنهم وبلداتهم في المدارس الحكومية، مع الحرص على عدم تسرب أي طالب".
وكشف خليل، عن "منح تسهيلات استثنائية للمدارس الخاصة لاستيعاب أعداد إضافية من الطلاب، مع الموافقة لأي توسيع لهذه المدارس، والترخيص المؤقت لأي بناء وتحويله لمدرسة، بما يضمن تأمين التعليم لكافة الطلاب".
واعتبر المحافظ، أن من قام باغلاق المدارس، واستخدمامها لأغراض غير تعليمية، "يسعى لفرض مناهج غير مقبولة من الطلاب وذويهم، وهي غير علمية، ولا مدروسة بشكل جيد".
وأشار إلى "تعامل عصابات قسد بوحشية مع طلاب ثانوية الشهيد حنا عطالله للمتفوقين، والذين اعتصموا سلمياً أمام مدرستهم، للمطالبة بافتتاحها، وعودتهم لمقاعدهم الدراسية فيها، فتم قمعهم والاعتداء عليهم بالضرب، واعتقال عدد منهم".
مستقبل طلاب #الحسكة في خطر... #قسد تمنع التعليم#الميادين_Go pic.twitter.com/6XVP3Oma9Y
— الميادين Go (@AlmayadeenGO) September 17, 2020
وأوضح الخليل، أنه "تم الاجتماع مع عدد من المنظمات الدولية، والمنسق المقيم للامم المتحدة للشؤون الإنسانية، وطالبناهم بتحمل مسؤولياتهم في هذا الملف"، منوهاً إلى "الدور المهم للمنظمات الدولية لإعادة الطلاب لمدارسهم، وعدم ترك أي طفل خارج مقاعد الدراسة".
ورأى المحافظ، أن مايحصل في الحسكة "يقف وراءه المحتل الأميركي وبتعليمات منه، وذلك لزرع الجهل والأمية، وضمان عدم وجود التعليم والوعي في المنطقة، لتنفيذ مخططاته فيها".
وتعمل مديرية التربية على تنظيم اعتصامات للكوادر الإدارية والطلاب للمدارس التي تم إغلاقها، للمطالبة بإعادة افتتاحها، وتحييد التعليم عن الصراعات العسكرية والسياسية.