وسط خلافات حادة... جونسون يتهم الاتحاد الأوروبي بإقامة "حدود جمركية داخل بلاده"
دفاعاً عن مشروع القانون الذي يتراجع عن بعض إلتزامات بريطانيا في إطار اتفاقية بريكست مع الأوروبيين، أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الاثنين، أنه يريد من خلاله "صون سلامة ووحدة أراضي المملكة المتحدة".
وأمام مجلس العموم البريطاني الذي عاد إلى المناقشات الساخنة حول خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، قال جونسون إن مشروعه "ضروري للحفاظ على سلامة المملكة المتحدة سياسياً واقتصادياً".
واتهم بوريس جونسون الاتحاد الأوروبي بالتهديد بإقامة حدود جمركية داخل بلاده بين بريطانيا ومقاطعة أيرلندا الشمالية، قائلاً إن مشروع القانون الذي تقدم به يمثل "شبكة أمان" و"بوليصة تأمين" يأمل ألا تضطر البلاد إلى استخدامها.
كما أشار إلى أنه لا يمكن لأي رئيس وزراء بريطاني ولأي حكومة ولأي برلمان أن يقبل "بمثل هذه الشروط"، رداً بشكل خاص على الانتقادات التي وجهها أسلافه الـ5 الذين ما زالوا على قيد الحياة.
وباعتراف الحكومة البريطانية، ينتهك المشروع القانون الدولي بطريقة "محددة ومحدودة"، الأمر الذي يتعارض مع بعض بنود الاتفاق الذي التزمت لندن بتنفيذه قبل أقل من سنة، ولا سيما التدابير الجمركية المتعلقة بإيرلندا الشمالية.
وهددت بروكسل التي طالبت بسحب البنود المثيرة للجدل بنهاية الشهر على أبعد تقدير، باتخاذ إجراءات لإحالة الأمر على القضاء، معتبرةً أن مشروع القانون بمثابة ضربة لـ "الثقة" المتبادلة في حين لم يتبق للجانبين سوى بضعة أسابيع للتوصل إلى اتفاقية التجارة الحرة وتجنب القطيعة المفاجئة وفرض تعريفات جمركية في 1 كانون الثاني/يناير.
وفي حين يعتمد بوريس جونسون، على أغلبية كبيرة تجعل من غير المرجح رفض النص في القراءة الأولى مساء الاثنين، يمكن لنواب حزبه المتمردين تقديم دعم حاسم في الأيام المقبلة لتعديل قدمه النائب المحافظ روبرت نيل، يحد من صلاحيات الحكومة بشأن أي خرق لاتفاق بريكست.
وتصاعد التمرد داخل حزب المحافظين، الاثنين، مع صدور انتقادات عن جيفري كوكس، المدعي العام السابق المحافظ والمؤيد لبريكست (وهو مستشار قانوني للحكومي)، ووزير المالية السابق ساجد جافيد الذي استقال من حكومة جونسون في شباط/فبراير.
يشار إلى أن هذا المشروع تسبب بأزمة سياسية دبلوماسية جديدة في مسلسل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتي بدأت قبل أكثر من 4 سنوات بانتصار خيار بريكست في الاستفتاء.
فيما، تنص الاتفاقية المبرمة في العام الماضي بين لندن وبروكسل على ترتيبات جمركية خاصة لإيرلندا الشمالية تهدف على وجه الخصوص إلى تجنب إعادة إنشاء حدود مادية بين جمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، والمقاطعة البريطانية، وفقاً لاتفاقية السلام التي أنهت في 1998 ثلاثة عقود من العنف.
ويجب أن تظل إيرلندا الشمالية خاضعة لبعض الأحكام الأوروبية لمدة أربع سنوات، ولا سيما فيما يتعلق بتبادل السلع.
لكن بالنسبة إلى لندن، يهدد الاتحاد الأوروبي برفض وضع المملكة المتحدة على قائمة البلدان المسموح لها بتصدير المنتجات الغذائية إلى هذه المنطقة التي هي جزء منها، مما سيمنع إيرلندا الشمالية من الاستيراد من باقي البلاد.
وإذا تمت الموافقة على مشروع القانون، فستكون الحكومة قادرة على اتخاذ قرارات تجارية من جانب واحد في إيرلندا الشمالية، على عكس ما تم الاتفاق عليه في الأصل.
وعلى الرغم من الأزمة التي أثارها هذا المشروع، فإن المناقشات مستمرة بين المفاوضين البريطانيين والأوروبيين حول اتفاقية التجارة الحرة.
ومن المقرر أن تستأنف المناقشات هذا الأسبوع في بروكسل، لكن الجلسة الثامنة الأسبوع الماضي لم تتوصل إلى حل بعض الخلافات الرئيسية، منها امتثال لندن لقواعد تجنب حصول منافسة غير عادلة عند حدود الاتحاد الأوروبي وشروط وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية.
وأكد الطرفان ضرورة الاتفاق في تشرين الأول/أكتوبر لتجنب أن تنتهي المرحلة الانتقالية من دون إبرام اتفاق ما سيؤدي إلى فرض رسوم جمركية بين المملكة المتحدة والكتلة الأوروبية، ويهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة الناجمة عن فيروس كورونا المستجد في بريطانيا.
وخرجت المملكة المتّحدة رسميّاً من الاتّحاد في 31 كانون الثاني/يناير، بعد نحو 4 سنوات من استفتاء تاريخي طبع نهاية حوالى خمسين عاماً من العضوية في التكتل، لكنّ القواعد الأوروبية لا تزال تُطبّق في المملكة حتّى 31 كانون الأول/ديسمبر، في وقت يحاول الطرفان التوصّل إلى اتّفاق للتجارة الحرّة.