في ذكرى فضّ اعتصام رابعة.. ماذا بقي من الإخوان المسلمين؟

عاشت جماعة الإخوان المسلمين 7 سنوات عجاف منذ فضّ اعتصام رابعة، وكانت أقوى الضربات التي تلقتها وفاة الرئيس محمد مرسي ومغادرة قيادات كثيرة لها مصر. فما الذي ينتظرها مستقبلاً مع إصرارها على البقاء والإستمرار متمسكةّ بعقيدة دينيّة فقط؟.
  • في تأبين لمحمد مرسي في تركيا عام 2019 (أ.ف.ب)

تعيش حركة "الإخوان المسلمين" في مصر متغيرات داخليّة وخارجيّة، ربما تدفعها إلى مسار سياسيّ مغاير يعيدها من جديد إلى المشهد المصري السياسي الذي يواجه أكثر من تحدٍ على الصعيد الاقتصادي وفيروس كورونا داخلياً، وعلى صعيد ليبيا وسد النهضة خارجياً. 

قبل نحو 7 سنوات وتحديداً يوم 14 آب/أغسطس عام 2013، وقفت قيادات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، يتقدمهم مرشدهم الأكاديمي المسجون حالياً محمد بديع، على منصة اعتصام ميدان "رابعة العدوية" شرق القاهرة، رافضين الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، من الرئاسة، محمّلين بآمال جمّة بعودته إلى الحكم.

ومع حلول الذكرى السابعة لفض اعتصاميّ ميدانيّ "رابعة العدوية" و"نهضة مصر"، فقدت الجماعة مرسي أثناء محاكمته قبل عام، ما أفقدها فرصاً عديدة لإنقاذ التنظيم، فيما لا يزال بديع مسجوناً، كأغلب قادة وكوادر الجماعة، مع استمرار تصنيفها "جماعة محظورة" في مصر.

من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين تواصل خسائرها منذ انقلاب الجيش وعزل مرسي يوم 3 تموز/يوليو 2013 وفض "اعتصام رابعة"، بعد أن كانت قبل عام من ذلك التاريخ، تمتلك مرشحاً رئاسيّاً منتخباً فاز بكرسي الحكم، ووزراء ومحافظين، وتواجداً علنيّاً في مقار وهيئات محليّة ودوليّة. 

وكانت آخر خسائرها اليوم الخميس، مع وفاة القيادي فيها عصام العريان إثر أزمة قلبيّة داخل سجنه في مصر.

لكن الجماعة، بحسب ما تعتقد تُحوّل تلك الخسائر إلى "مكاسب"، بتكرار قولها إنها "بقيت رغم كل ما عانته من قمع طيلة حقب عديدة سابقة، وستبقى رغم ما تواجهه حالياً". 

نائب مرشد الجماعة، إبراهيم منير، ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله قبل عام: "بفضل الله بقيت الجماعة متماسكة، والآن اقترب القرن الأول من عمرها أن ينقضي ولم تضيع أو تبدل".

يذكر أنّ جماعة الإخوان المسلمين تأسست عام 22 آذار/مارس 1928 على يد حسن البنا، وتصنفها بعض الدول على أنها جماعة إرهابيّة. 

ما الذي واجهته الجماعة بين عهدي عبد الناصر والسيسي؟

  • حركة الإخوان المسلمين لا تملك برنامج لتغيير المجتمع في مصر

إنكار تراجع دورها أو إدعاءاتها بالتماسك والاستمرار طيلة السنوات السبع، يعود وفق مراقبين ومحللين، إلى ما عاشته الحركة في مصر من أحداث منذ نشأتها. إذ كانت الجماعة في صراع شبه دائم مع السلطة، وفي موقف المعارضة القويّة، وواجهت اتهامات لا تتوقف بممارسة العنف، رغم أنها نفت ذلك دائماً.

ولعلّ من أصعب المحطات في تاريخها، هي أحكام الإعدام والسجن بحق قيادات لها، في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر (1956-1970)، حيث مرّت الجماعة حينها بمحنة كبيرة وغادرت قيادات عديدة منها إلى خارج البلاد.

لكن نظام الرئيس المصري الراحل أنور السادات (1970-1981)، استطاع استيعاب الجماعة إلى حد ما، وتمكن من إعادتها إلى الحياة العامة عبر قرارات بالعفو والدمج صدرت عام 1971.

الجماعة عاشت تحت سقف منخفض في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك (1981-2011)، وسط محاكمات على خلفيّة اتهامات متكررة بمحاولة قلب نظام الحكم، تنفيها الجماعة.

كل تلك الضربات التي تلقتها الجماعة، تنافت وحلّت مكانها انتصارات عديدة، عقب ثورة يناير 2011، التي أطاحت بمبارك، فوصل محمد مرسي إلى الحكم، ثمّ عادت الجماعة إلى الخفوت بعد الإطاحة بمرسي عام 2013، لتمرّ بمحنة قاسية جديدة وتهاجر قياداتها وكوادرها وعناصرها إلى الخارج.

استراتيجية الإخوان بين الأزمات ومحاولة البقاء..

  • "نعم للشرعية" مع شعار رابعة مرفوعاً في مظاهرات الإخوان المسلمين عام 2013

رغم كل ما واجهته جماعة الإخوان المسلمين من أزمات، يبدو وفق أزمتها الراهنة أن الأمر مختلف عما سبّق.

فبعد فضّ قوات الأمن لاعتصام رابعة، لم يستطع كل المحسوبين على الجماعة في السلطة تجاوز أزمة الإطاحة بمرسي، وبقيت نظريّة "الشرعيّة" أكثر ما تلوّح بها الجماعة وأنصارها.

التشدد في رفع راية "الشرعيّة والمظلوميّة" جاء بالتوازي مع مواجهة ضربات أمنيّة، طالت عنق التنظيم الهرمي وأجنحته وأغلب قواعده، مع نعتهم بـ"الإرهاب" ومصادرة أموالهم.

حاولت الجماعة بعد أن أُجبرت على مغادرة السلطة، العودة إلى ماضيها، وإثبات أركان فكرها وحمايتها، إيماناً بنجاحها في محطات مشابهة سابقاً.

وبالفعل تمكنت الجماعة من البقاء، ربما بفضل تمسكها ببعدها الديني الصارم، خلافاً لأبعاد سياسيّة واقتصاديّة جافة يمكن أن تضعف أو تتفكك مع أيّ أزمة.

رفضت الجماعة أيّ دعوات لحلّ التنظيم، حيث جمّدت عضويّة قيادات هاجمت أداءها وأنشأت كياناً موازياً عام 2016.

كما سعت بشكل كبير إلى الإبقاء على التنظيم رغم الانتقادات الكثيرة التي طالتها، اعتماداً على روابط دينيّة واجتماعيّة وطموحات مستقبليّة، تأمل في الانتقام أو التغيير أو على الأقل حماية نفسها من الزوال.

الإخوان المسلمين نجحوا أيضاً في التأقلم مع الأوضاع الكارثيّة، من خلال الاعتماد على التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي والفضائيّات المؤيّدة، ما أبقى صوتها موجوداً، حتى وإن كان بلا أثر جماهيريّ قويّ أو مغيّر.

ما الذي ينتظر الإخوان المسلمين مستقبلاً؟ 

  • عامي 2020-2021 سيكونان الأسوأ للحركات الإسلاميّة

نائب مرشد الجماعة، إبراهيم منير، أكد في مقال نشرتها منابر الجماعة مؤخراً، أن مصر منذ فض اعتصام رابعة "مرّت بسبع عجاف"، مستعرضاً أزمات متعلقة بالفقر والحقوق المائيّة والظلم.

لكن بحسب مراقبين، عاشت الجماعة ذاتها تلك "السنوات السبع العجاف" داخل تنظيمها أيضاً، حيث فشلت في حسم ملف واحد ضمن أزماتها مع النظام، مشددة على أنّه هو الذي يرفض الجماعة تماماً ولم ولن يمد يوماً أيّ يد للحل. 

ورغم دعوات عديدة وجهتها إلى المعارضين للنظام داخل وخارج البلاد، لم تستطع جماعة الإخوان المسلمين كسر أو حلحلة خلافاتها الجذريّة مع القوى العلمانيّة، كي تتوحد المعارضة في كيان رافض لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.

أمام كل هذه الأزمات التي عاشتها، يفرض خيارها بالبقاء مستقبلاً بحسب منير بقوله قبل أشهر إنها "التمسك برفض النظام الحالي حتى تغييره أو رحيله".

وأضاف منير: "ستظل الإخوان فكرة، والفكرة لا تموت، ولا تنتهي وقادرة على العودة والتغيير"، ما يعني أن الجماعة بصدد مواجهة صعوبات بالغة، في ظل ضعف المعارضة، ورفض دول المنطقة عودتها أو حتى وجودها، وبالتالي لا حل أمامها  إلا حصول "تغيير دراماتيكي" في المنطقة، وهو أمر مستبعد حالياً.

المصدر: الميادين + وكالات