هل تنتهج الحكومة اللبنانية العتيدة سياسة الخيارات المتعدّدة؟
هل يشهد لبنان ولادة سريعة للحكومة أم تطول فترة تصريف الأعمال؟ سؤال تحدد الإجابة عليه مسار الأوضاع المأزومة في بلاد داهمها انفجار مأساوي كبير، كشف عن عورات فساد لم تكن مستورة فيها تماماً.
لكن ما بعد سؤال الوقت، يبقى سؤال المضمون، فهل ارتفعت أسهم حكومة الوحدة الوطنية؟ أم العكس هو الصحيح؟
بعد استقالة الحكومة اللبنانية تشخص الأنظار نحو شكل الحكومة المقبلة وطبيعتها. فرئيس الجمهورية يبدو متريثاً بالدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس الحكومة المقبل.
في هذه الأثناء، يصل مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، إلى بيروت خلال ساعات.
هيل هو أول مسؤول أميركي يزور بيروت عقب الانفجار في مرفئها، وتأتي زيارته بعيد الإعلان الأميركي تقديم مساعدات للبنان، والدعوة إلى تحقيق يكشف عن ملابسات الانفجار.
استقالة الحكومة وتداعياتها كانت موضع اهتمام الأوساط الإسرائيلية التي أبدت ارتياحاً للاستقالة، لكنها استبعدت أن تؤثر على حزب الله أو تضعفه.
وعلى رغم دعوة الرئيس الفرنسي إلى حكومة وحدة وطنية، تطرح أسئلة حول طبيعة الحكومة المقبلة، هل ستكون حكومة وحدة وطنية أم حكومة حيادية؟ أم ستتخذ شكلاً آخر؟
يقول الكاتب السياسي، رفعت بدوي، للميادين إنه "من الظلم تحميل حكومة حسان دياب وزر الكارثة الكبرى التي وقعت في لبنان"، متسائلاً إن "كان قرار مساءلة الحكومة، هو نتيجة طاولة الحوار في قصر الصنوبر حين اجتمع ماكرون مع القوى السياسية في لبنان، أم هناك أمر عمليات بإسقاطها".
يعتبر بدوي أن "تجربة إسقاط حسان دياب قوضت كل ما يمكن أن يقال عن حكومة التكنوقراط، ورئيس الحكومة المستقل"، مشيراً إلى أن البلاد تواجه "مشكلة أساسية في قضية نوع الحكومة، وشكلها، ونحن أمام محاولة جدية لإعادة الأمور إلى عام 2005".
وأكد أن "كل ما يجري حالياً، هدفه استهداف محور المقاومة من البوابة اللبنانية"، لافتاً إلى أن الجميع "أدركوا اليوم أنه لا يمكن تجاوز حزب الله في أي تسوية وأي حكومة".
ولفت بدوي إلى أن اسم نواف سلام، "لاقى قبولاً عند الرئيس عون وباسيل، فيما عارضه حزب الله بشكل قاطع"، منوهاً إلى أن "المشاركة الفرنسية في التحقيق علامة سلبية، خوفاً من أخذه إلى نواح أخرى وطمس بعض الحقائق".
بدوره، أشار الكاتب الصحافي بول خليفة، إلى أن أولوية العهد "هي محاولة تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن في ظل الظروف الاستثنائية"، مؤكداً أن "الرئيس عون يقوم بمشاورات مع القوى السياسية الوازنة، وموقف حزب الله أساسي بالنسبة للأسماء المطروحة".
وقال خليفة للميادين إنه "لا يمكن تصور أن تعمل فرنسا على فك العزلة عن حزب الله بدون تنسيق مع الأميركيين"، مشدداً على أن "هناك قراراً غربياً بتهدئة الساحة اللبنانية وتحييده عن الصراع في المنطقة".
وكشف خليفة، أن "القوى الغربية تمارس الضغوط على لبنان لكنها لا تريده أن يقع في الفوضى"، لافتاً إلى أن "الضغوط سوف تستمر على الأقل في الأشهر الـ3 المقبلة، وواشنطن لن تغير أجندتها المعتمدة منذ 3 سنوات".
ونوه إلى أنه "قد يستلزم الحفاظ على الاستقرار تنازلات من الغرب ومن محور المقاومة"، معتبراً أن "التحرك المصري باتجاه لبنان جاء على خلفية التحرك التركي لا سيما في شمال البلاد".
وفي السياق، قال خليفة للميادين إنه "عندما وصلت قضية المواد المتفجرة في المرفأ إلى رئيسي الجمهورية والحكومة حصل التفجير، وهذا أمر مشبوه"، مشيراً إلى أن "النواب الذين استقالوا من مجلس النواب سيندمون".
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، علي فضل الله، إن "هناك حاجة شديدة لتأليف حكومة فاعلة وقوية".
وأضاف للميادين أن "موضوع الحياد لن يكون مقبولاً، لأنه لا يمكن أن يكون المرء محايداً وهو يتعرض للهجوم"، لافتاً إلى أنه "قد تحصل بعض التنازلات من الأطراف المعنية بتأليف الحكومة، ولكن أي اسم مستفز بشكل كبير لن يكون مقبولاً".
وأشار فضل الله إلى أن "السبب الأساسي لعدم اندلاع حرب أهلية في لبنان، رغم كل الاحتقان، هو وجود قوة المقاومة القادرة على الحسم"، مبدياً استغرابه "كيف يمكن لمن جرب تحقيق ديتلف ميليس، أن يطالب بتحقيق دولي جديد".
وأكد أنه "من خلال التفاوض قد يتم التوصل إلى تمرير اسم نواف سلام، مقابل ضمانات، إذا كان ذلك في مصلحة البلد"، موضحاً أن "تبادل الأوراق في المنطقة قد يتم في ساحات مختلفة".
وشدد فضل الله على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتبر ما جرى في لبنان "فرصة له".