مواقف الأحزاب السياسية في تونس من تكليف المشيشي لرئاسة الحكومة
بدأت مواقف الأحزاب في تونس تتضح بشأن اختيار رئيس الجمهورية قيس سعيد، وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال هشام المشيشي وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.
ردود أفعال الأحزاب السياسية تُشير إلى أنّ هشام المشيشي المُكلّف بتكوين الحكومة، له حظوظ في تشكيل حكومته وتمريرها على جلسة منح الثقة. فكلّ الأحزاب تقريباً أبدت رأيها بالإيجاب وعبرّت عن ثقتها في شخصه مقابل رفض كل من حزب حركة النهضة وائتلاف الكرامة.
وكان قيس سعيد تجاوز للمرة الثانية على التوالي، مقترحات الأحزاب، وكلّف شخصية مستقلة، معبّراً في الأثناء عن شعوره بعدم الرضا عن الأحزاب والوضع السياسي، بسبب ما يعتبره "صراعات وحسابات ضيّقة للأحزاب".
اختيار فاجئ كلّ الأحزاب، التي أجمعت أغلبها على تقديم فاضل عبد الكافي وخيام التركي وذلك لتحقيق توافقات حزبية وضمان تشكيل حكومة تحظى بحزامٍ سياسي واسع يشمل خاصّة "حركة النهضة" و"قلب تونس".
المجلس الوطني لـ "حركة الشعب، عبّر الأحد 26 تموز/ يوليو 2020، عن "ارتياحه لتكليف هشام المشيشي بتشكيل الحكومة القادمة "، مؤكداً استعداد الحركة " للتعاطي ايجابياً " مع المشاورات.
وأكد المجلس في بيان أصدره في ختام دورة استثنائية، أن شرط نجاح مشاورات تشكيل الحكومة ونجاعتها هو " التزام كل الأطراف وفي مقدمتها رئيس الحكومة المكلّف بجملة المعايير التي أثبتت جديتها ووجاهتها خلال الفترة الأخيرة".
وقدّمت حركة الشعب في بيانها جملة من المعايير، وضعت في مقدمتها " الالتزام بالدور الاجتماعي للدولة " و" الدفاع عن السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني" و "تفعيل دور تونس على الصعيد الإقليمي خاصة في علاقة بالملف الليبي".
ومن بين المعايير أيضاً "الحرص على إرساء توافقات مثمرة وبناءة على قاعدة إعلاء المصلحة الوطنية بعيدا عن كل أشكال المحاصصة والابتزاز"، حسب نص البيان.
وقد فوّض المجلس الوطني للحركة ( الممثلة في البرلمان بـ 15نائبا) المكتب السياسي والمكتب التنفيذي " للتفاعل مع مسار المشاورات مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية المعنية بتشكيل الحكومة القادمة".
وكان أمين عام حركة الشعب، النائب زهير المغزاوي، أكّد أنّ هشام المشيشي شخصيّة قادرة على قيادة البلاد في المرحلة القادمة ''رغم كلّ الصعوبات والعراقيل'' معتبرا أنّ جملة المقايّيس التي قدّمتها حركة الشعب لرئيس الجمهورية لإختيار رئيس الحكومة متوفّرة في المشيشي، قائلا ''قيس سعيد أحسن الإختيار''
من جهته، هنّأ حزب التيار الديمقراطي، في بيان أصدره الأحد، هشام المشيشي بتكليفه من طرف رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة.
وأعرب الحزب، عن أمله في أن يعمل هشام المشيشي في تشكيل حكومته، في إطار الدستور والنظام الديمقراطي، على تحقيق الظروف الموضوعية التي تسمح لها بالعمل بجدية بعيداً عن المصالح الضيقة لأي طرف والتنازلات الناجمة عن التخويف بعدم التصويت لها أو إإسقاطها لاحقاً.
واعتبر أنه ''من شأن هذا التوجه أن يمكّن الحكومة من الخروج بالبلاد من الأزمة الخانقة التي تمر بها''، موضحاً أنه سيحدد موقفه الرسمي بعد لقاء رئيس الحكومة المكلف.
النائب في البرلمان ياسين العياري عن "حركة أمل وعمل"، تمنى في تدوينة نشرها على حسابه الخاص بالفيسبوك، التوفيق لرئيس الحكومة المكلّف هشام المشيشي في اختيار وتكوين فريقه وترتيب أولوياته وبرنامجه، وأشار العياري إلى أنّ رئيس الحكومة المكلف، كان عضوا في الحكومة السابقة، وهو ما يجعل ذلك عليه عبئاً ثقيلاً لإعادة بناء الثقة التي ''دمرّها من سبقوه''، مؤكّدا أنّ الأمر لن يكون سهلا ً،وأضاف أنّ الحركة، ستنتظر تشكيل الفريق، وستتعامل معه بإيجابية".
أما رئيس كتلة الإصلاح حسونة الناصفي، فقد أكّد في تدوينة له على صفحته الرسمية بالفيسبوك أنّ المشيشي هو شخصية مستقلّة ورجل دولة كما أنّه ابن الإدارة التونسية وكفاءة تستحق الدعم و المساندة.
وبدوره، أفاد رئيس كتلة قلب تونس، أسامة الخليفي، في تصريح إعلامي اليوم الاثنين، أنّ قلب تونس ليس له أي تحفّظ تجاه هشام المشيشي، مشيراً إلى أن الحزب سيتابعه في الإستراتيجية التي سيطرحها في تشكيل الحكومة وفي المشاورات. \
و أكد النائب عن حزب "تحيا تونس" مروان فلفال أن الحزب مرتاح لاختيار الرئيس قيس سعيد هشام المشيشي لتشكيل الحكومة القادمة.
واعتبر أن هشام المشيشي شخصية قادرة على تشكيل حكومة ناجعة وقادرة على الخروج بالبلاد من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الدقيق والصعب.
وأبرز أن هذا التعيين يحمل رسائل ايجابية قائلاً إن أولها رسالة طمأنة للإدارة التونسية احد أعمدة الدولة الوطنية وإن المشيشي كفاءة إدارية وابن الإدارة، مضيفاً أن الرسالة الثانية تتمثّل في منطق استمرارية الدولة والمرفق العام، أما الرسالة الثالثة فهي التأكيد على منطق الكفاءة والنزاهة.
وأضاف أنهم في "تحيا تونس" يساندون هذا الاختيار ويباركونه ويتمنون الإسراع في تشكيل الحكومة للمرور إلى ما ينفع التونسيين مذكراً بأن الوضع دقيق جداً.
وفي المقابل، رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، نشر تدوينة عبّر فيها عن غضبه من قيس سعيد واعتبره "عبئاً حقيقياً على الانتقال الديمقراطي في تونس'' ،وأشار إلى أنّ قيس سعيد لا يُبالي بالدستور ولا بالبرلمان ولا حتى بالأحزاب معتبراً أنّ "مقترحات الأحزاب الورقية كان مصيرها سلّة مهملات القصر".
كما وصف مخلوف قيس سعيد بـ ''الديكتاتور'' لأنّه لم يحترم المؤسسات ونتائج الانتخابات ووصفه أيضا بالمُتعالي على الطبقة السياسية لرفضه التحاور معهم وأنه "لا يعترف بالمؤسسات ويرفض الحوار مع الممثّلين الشرعيّين للشعب التونسي" مشيرا إلى أنّ الشرعيّة الوحيدة هي شرعيّة صندوق الانتخابات ولا يُمكن تغيّيرها إلاّ عبر صندوق الانتخابات.
أما حركة النهضة وهي الحزب صاحب أكبر المقاعد في البرلمان، فقد أكدت أنها ستحدد موقفها من الحكومة القادمة بعد الجلوس إلى رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي ومعرفة تصوره للأرضية السياسية والبرلمانية لحكومته وهندستها ورؤيته لها.
تجدر الإشارة إلى أنه إثر الإعلان عن اختيار قيس سعيّد للمشيشي لتشكيل الحكومة، تتالت الانتقادات لشخص رئيس الحكومة المكلّف من صفحات محسوبة على "النهضة" ، معتبرين أنه تنقصه الخبرة في المجال الاقتصادي، وهي انتقادات منسجمة مع موقف رئيس حركة النهضة رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي قال إن "المرحلة السياسية تتطلب رجل اقتصاد وليس رجل قانون".
وتجدر الإشارة إلى أن مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي انطلقت الأحد 26 تموز/ يوليو 2020 ، وأمام المشيشي 30 يوماً لتشكيل حكومته وعرضها على البرلمان، وفق ما ينص عليه الفصل 89 من الدستور.
وستكون مشاورات تشكيل الحكومة حاسمة لأن البلاد أمام خيارين، إمّا تشكيل الحكومة والمصادقة عليها أو حلّ مجلس نواب الشعب من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيّد وإجراء انتخابات سابقة لأوانها.