زيارة خاطفة لرئيس هيئة الأركان الأميركية إلى "إسرائيل".. أيّ رسائل تحمل؟
عدم يقين يُخيّم على المشهد في تل أبيب بانتظار رد حزب الله على الإعتداء الأخير في سوريا الذي أدى إلى استشهاد أحد مقاومي الحزب.
الرد الذي تنتظره "إسرائيل" أخرج كبار المسؤولين عن صمتهم، وأدخل الجيش الإسرائيلي في مرحلة الاستعدادات الفعلية التي تسبق الضربة المتوقعة، وهو ما عكسته تصريحات وزير الأمن بني غانتس وبيانات الناطق باسم الجيش الاسرائيلي.
وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن غانتس قوله إن "لبنان وسوريا يتحملان المسؤولية المباشرة عن كل عملية تحصل من أراضيهما".
الإجراءات الإسرائيلية عند الحدود مع لبنان توحي بحجم القلق، فمن إغلاق المجال الجوي شمال فلسطين المحتلة، إلى تقليص القوات عند الحدود.
رفع مستوى الحذر في الجانب الإسرائيلي، تزامن مع إعلان مفاجئ عن زيارة خاطفة وصفت بـ"العملية" لرئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي إلى "إسرائيل"، ولقائه عدداً من المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والأمنيين.
في الأثناء علمت مراسلة الميادين في فلسطين المحتلة أن الأمم المتحدة أبلغت حزب الله رسالة من تل أبيب بأنها لم تكن تعرف بوجود الشهيد علي كامل محسن أثناء اعتدائها الأخير، ولم تقصد قتله.
موجة التهديدات التي توالى على إطلاقها عدد من المسؤولين الإسرائيليين، ترافقت وفقاً لمعلقين مع رسائل تهدئة بعثت بها "إسرائيل" عبر قنوات سرية إلى الجانب اللبناني.
يقول محلل الشؤون العسكرية في القناة 13 الإسرائيلية، ألون بن دافيد، إن "هذا مقلق لأن الرد من جانب حزب الله سيأتي، وسنكون معلقين في اختبار النتيجة، أعتقد أن نصر الله لا يريد مواجهة واسعة، لذلك نرى خطوات الجيش من إغلاق طرقات وتقييد لحركة الآليات العسكرية". ويضيف أن "زيارة رئيس الأركان الأميركية المشتركة، مارك ميلي، مهمة جداً فهو لا يأتي إلى هنا لزيارة مجاملات، هو يأتي إلى إسرائيل لزيارة لعدة ساعات ويجتمع مع رئيس الأركان ومع وزير الأمن ومع رئيس الموساد".
من جهته، يقول أور هلير، مراسل الشؤون العسكرية في القناة ذاتها، إن "الجيش الإسرائيلي يقلص قواته في الخط الأمامي، ويرسل جنوداً وعتاداً غير ضروريين إلى الخلف، لكي لا يكونوا في نقاط خطرة، والرسالة اليوم للجنود في قيادة المنطقة الشمالية: لا تكونوا أهدافاً لنيران حزب الله".
ربما اختصر الإعلام الإسرائيلي الصورة بدعوته الجنود إلى ألا يكونوا أهدافاً لنيران حزب الله، فكيف ثبتت المقاومة معادلة الردع ورسمت حدود قواعد الاشتباك؟ وما هي مآلات التطورات؟ وأي صلة لها بالنشاط الأميركي المتصاعد في المنطقة، الذي تجسد بزيارة مفاجئة لرئيس هيئة الأركان إلى تل أبيب ووصول حاملتي طائرات أميركيتين إلى المنطقة؟ فأي رسائل تحمل؟ ولماذا كل هذا التحشيد والعسكرة في المتوسط؟
الباحث العسكري، العميد محمد عباس، يؤكد للميادين أن "تل أبيب لا تسلم بقواعد الاشتباك بشكل دائم، وتسعى إلى تغييرها وخرقها كل فترة"، موضحاً أنه "قد يكون هناك تقديرات إسرائيلية بأن المقاومة لن ترد بسبب الظروف الراهنة في لبنان".
وأضاف عباس أن "تل أبيب ترغب في التصعيد في هذه الفترة لجر الولايات المتحدة إلى الحرب"، مشيراً إلى أن "الوجود الأميركي في المنطقة هو لدعم إسرائيل في أي حرب قد تندلع".
بدوره، يشدد الخبير في الشؤون الأميركية، سعيد عريقات،على أن "أي عدوان إسرائيلي يتم التنسيق بشأنه مع الولايات المتحدة الأميركية"، لافتاً إلى أن "مواجهة ساخنة مع إيران ربما تكون المنقذة بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تراجع وضعه الانتخابي".
ويقول عريقات للميادين، إن "الزيارة الخاطفة لرئيس هيئة الأركان الأميركية إلى تل أبيب ربما تأتي في إطار التصعيد"، معتبراً أن "تعزيز الولايات المتحدة وجودها في المتوسط بحاملات طائرات هي رسالة لحلفائها وأعدائها".
من جهته، يعتبر الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عماد أبو عواد أن "هناك قناعة إسرائيلية كبيرة بأن رد حزب الله قادم بصرف النظر عن التوقيت"، موضحاً أن "مصلحة تل أبيب تكمن بعدم وجود قوة في المنطقة ذات ثقل كبير كتركيا أو إيران".
وقال أبو عوّاد للميادين، إن "تل أبيب تتمنى وقوع صدام عسكري بين تركيا ومصر وبين إثيوبيا ومصر"، مشدداً على أن "الوجود الأميركي في المنطقة هو لحفظ المصلحة الإسرائيلية، والأعين الآن على تركيا وإيران".