الكاظمي في طهران وظريف في موسكو: ما هي الأبعاد؟

خارطة سياسية واقتصادية جديدة أخذت في الترسخ أكثر فأكثر على الصعيد العالمي في وجه التفرّد الأميركي بالقرار في مقابل شبه عزلة داخلية وفتور في العلاقات الخارجية حتى مع اقرب الحلفاء تعيشها الإدارة الأميركية.
  • انيس النقاش: المنطقة تتعرض لتجاذبات كبرى بين محور يريد التحرر وآخر يريد الهيمنة

كلام كبير قاله رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في طهران اليوم، أكّد فيه أن العراق لن يقبل أن يكون منطلقاً لأي تهديد من أراضيه لإيران، وأن العراق توّاق لبناء علاقات جيدة وفق مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ولن ننسى وقوف إيران بجوارنا في قتال داعش .

أبعد من ذلك وفي خطوة ستعتبرها واشنطن مخالفة لرغباتها أعلن روحاني والكاظمي حرصهما على زيادة التبادل التجاري بين البلدين ليصل الى 20 مليار دولار، رفع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين يشكّل رداً آخر واضح على مساعي الرياض وواشنطن لإغراء العراق لوقف التعاون في مجال الطاقة مع إيران ( غاز وكهرباء) عبر التسريع في التوقيع على تنفيذ اتفاقية الربط الكهربائي لدول الخليج واتفاقات توسيع المعابر وإعادة فتح معابر مغلقة مع السعودية.

ولعل ما يضفي أهمية بالغة على زيارة الكاظمي إلى طهران هو استقبال المرشد الأعلى السيد علي خامنئي للكاظمي رغم أن السيد خامنئي لم يستقبل أي شخصية أو يقوم بنشاط اجتماعي منذ 5 أشهر.

ومن هذا المنطلق، قال منسق شبكة أمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية أنيس النقاش في حديث ضمن النشرة المسائية على الميادين إن رئيس الوزراء العراقي معني بتنفيذ قرار مجلس النواب العراقي باخراج القوات الأميركية من العراق، مضيفاً أن "من يعتقد أن محور المقاومة في العراق قد نام على ضيم عملية اغتيال الشهيد سليماني فهو مخطىء".

وأوضح النقاش أن الوحدة الوطنية من أهم الشروط لأي دولة لكي تقوم بدور اقليمي أو عالمي، مشدداً على أن المنطقة تتعرض إلى تجاذبات كبرى بين محور يريد التحرر وآخر يريد الهيمنة.

كما اعتبر أن "كل من يراهن على مستقبل الدور الأميركي في المنطقة هو خائب لانه لا يقرأ ماذا يجري في اميركا الآن"، 

وتابع منسق شبكة أمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية قائلاً إن روسيا وإيران متفقتان على ردع واشنطن لعدم احترامها سيادة الدول والتدخل في شؤونها.

في السياق نفسه، قال رئيس مركز التفكير السياسي الدكتور احسان الشمري إن العراق لديه القدرة على التمييز بين الاعداء والأصدقاء ولا يبحث عن خصومات لأنه عانى بما يكفي، مضيفاً أن الكاظمي يحاول تحييد العراق عن صراعات المنطقة ويريد استقراره.

وضمن النشرة نفسها اعتبر الشمري أنه ليس من مصلحة العراق الانخراط في اي من المحاور، مشيراً إلى أن حكومة الكاظمي مؤقتة حسب الاتفاقات السياسية وهو يريد المضي نحو التهدئة.

كما أوضح أن الكاظمي لا يقوم بأي وساطة بشأن الملفات العالقة بين محاور المنطقة، مشدداً على أن العراق لديه القدرة على التمييز بين الاعداء والاصدقاء ولا يبحث عن خصومات لأنه عانى بما يكفي.

كذلك قال  الشمري إن التوجه نحو خيار الحياد سيكون له انعكاسات مهمة على مستوى الاستقرار الداخلي للعراق، مؤكداص أن التوجه نحو خيار الحياد سيكون له انعكاسات مهمة على مستوى الاستقرار الداخلي للعراق.

ما هي الأبعاد الإستراتيجية لاتفاق التعاون بين موسكو وطهران؟

وعلى خطٍ موازٍ، تكتسب زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى موسكو أهمية كبيرة هذا ما أكده ظريف نفسه، وما أكده سفير ايران في روسيا عنوانان بارزان جدا للزيارة كشف عنها ظريف والسفير جلالي الأول هو تمديد اتفاقية التعاون بين البلدين (في كل المجالات) إلى 20 سنة جديدة ( بعد الاتفاقية الاطار مع الصين لمدة 25 سنة ) والثاني هو الدعوة إلى تأسيس ناد للدول التي تفرض أميركا الحظر عليها مثل إيران وروسيا والصين بغية خفض تاثيرات الحظر عبر التعاون مع بعضها بعضا ودعم احداها الأخرى.

قال  الدبلوماسي الروسي السابق فيتشسلاف ماتوزوف ضمن النشرة المسائية إن زيارة ظريف الى موسكو لها أهمية استثنائية لانها تمثّل خطوة جديدة من التقارب بين البلدين، موضحاً أن الجوّ الذي ساد اثناء لقاء ظريف ولافروف في موسكو كان مميزاً.

كما اعتبر ماتوزوف أن القرارات الأميركية لعزل ايران وروسيا الصين هي افكار متخلفة، مضيفاً أن العلاقات بين روسيا وايران أصبحت أعمق بكثير من المرحلة الماضية.

كذلك، قال ماتوزوف إن روسيا والصين وايران لا تسعى للحرب وتؤيد السلم والتعايش لكن ليس على حساب مصالحها الوطنية.

وأشار فيتشسلاف ماتوزوف إلى أنه من الواضح ان بوتين وروحاني توصلا الى لغة مشتركة بشأن القضايا الاستراتيجية.

إذاً، هي خارطة سياسية واقتصادية جديدة أخذت في الترسخ أكثر فأكثر على الصعيد العالمي في وجه التفرد الأميركي بالقرار في مقابل شبه عزلة داخلية وفتور في العلاقات الخارجية حتى مع أقرب الحلفاء تعيشها الإدارة الأميركية ونتيجة المعادلة هي ما يؤكد عليه دبلوماسييون أميركييون ووسائل اعلام من داخل المنظومة الحاكمة في واشنطن من ان مكانة الولايات المتحدة كشرطي للعالم قد ولى.

 

المصدر: الميادين