في جلسة عامة: رئيس الحكومة التونسي يستفز نواب الشعب والتلويح بسحب الثقة منه
تحوّلت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب التونسي المنعقدة اليوم الخميس، من جلسة تقييميه حول فترة المائة يوم الأولى من العمل الحكومي وبرنامج مرحلة ما بعد الجائحة الوبائية على كافة المستويات، إلى جلسة محاسبة والدعوة إلى استقالة رئيس الحكومة الياس الفخفاخ أو سحب الثقة منه.
فقد مثّل الموضوع الذي شغل الرأي العام، والمتعلق بشبهة تضارب مصالح من خلال امتلاك رئيس الحكومة الياس الفخفاخ لأسهم في مجمع شركات خاصة تتعامل مع الدولة، المحور الرئيسي للجلسة العامة لمجلس نواب الشعب، إذ شهدت الجلسة توتراً بين النواب بلغت حد تلفظ رئيس الحكومة بعبارات حادة اعتبرها النواب مستفزة ودفعت ببعض الكتل إلى الاحتجاج والانسحاب من الجلسة.
رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ أثار استياء بعض النواب عندما انتهز فرصة إلقائه كلمة في البرلمان لتوضيح ملف استثماره واستخدم عبارات "مستفزّة" للردّ على تهم الفساد التي تم توجيهها إليه والتي "بلغت حدّ الثلب"، وفق تعبيره.
ورفض بعض النّواب التطرّق لهذه المسألة مطالبين رئيس الحكومة بـ"التقيّد ببرنامج الجلسة وتقييم عمل حكومته والوضع الاقتصادي للبلاد".
وعلّق الفخفاخ بالقول "كدت أن أقول هرمنا من أجل هذه اللحظة.." في إشارة لفرصة الوقوف أمام البرلمان حتى يتسنّى له التوضيح بخصوص أسهم يملكها بشركة لتثمين النفايات بعد الفوز بصفقة عمومية.
وأوضح أن شركته فازت بالصفقة قبل توليه رئاسة الحكومة وهو منصب لم يكن يتوقّعه.
وأردف قائلا: "كلّ من يريد أن يشكّك في نزاهتي وفي شخصي أؤكّد له أنّه لن يجد مجالاً لذلك"، معلّقا بالقول بالدّارجة التّونسية "العباد اللي تحب تضرب مصداقية الشخص اللي قدامكم نقوللهم بالتونسي يبطى شوية"، بمعنى "لن تفلحوا في ضرب مصداقيته" وهو التّعليق الذي دفع نواب "ائتلاف الكرامة" وعلى رأسهم سيف الدين مخلوف، إلى الانسحاب من الجلسة احتجاجاً على استخدام رئيس الحكومة مثل هذه العبارة الدارج استخدامها لدى التّونسيين معتبرين أن رئيس الحكومة "نزل بمستوى الخطاب إلى أدناه، وأهان نواب الشعب".
كما استنكر رئيس الحكومة في سياق متّصل، ما اعتبره تحوّل شبهة تضارب مصالح الى شبهة فساد وإثراء غير مشروع.
الاستقالة أو سحب الثقة
اعتبر النائب المستقل ياسين العياري، أن كلمة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ فيها "ثرثرة ولم يأت بأي جديد". وأضاف أنه كان ينتظر من الفخفاخ اليوم الاعتذار بخصوص ملف تضارب المصالح ووضع نفسه على ذمة المجلس للاستقالة.
وتابع أنه "إذا لم يتقدم الفخفاخ باستقالته، فإنه سيتقدم يوم الإثنين القادم بقضية جديدة ضده".
من جهته، قال رئيس كتلة "قلب تونس" بالبرلمان أسامة الخليفي، إن حزبه ماض في سحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ إذا تم الاتفاق على ذلك في مجلس نواب الشعب
وأوضح، أن قلب تونس سيطالب الفخفاخ بمواجهة مصيره أمام القضاء والقانون، مشددا على ضرورة تطبيق القانون على الجميع كما أكّد النائب حسونة الناصفي رئيس كتلة الإصلاح الوطني أن المواقف متجهة اليوم نحو سحب الثقة من رئيس الحكومة وأعضاء حكومته وهذا ما يتبناه نواب عديدون، وفق قوله .
ودعا رئيس الحكومة إلى توضيح حيثيات هذا الملف للنواب وللرأي العام من خلال إصدار بيان يوضح فيه حقيقة ما حصل كما لفت إلى "ضرورة التعامل مع هذا الملف بروية وإلا فستكون له تداعيات سلبية". ويدور الحديث في أوساط مجلس النواب اليوم عن ترويج عريضة لسحب الثقة من الحكومة أمضى عليها 50 نائباً بعد الكلمة التي ألقاها الياس الفخفاخ.
وأكّد النائب سيف الدين مخلوف رئيس كتلة ائتلاف الكرامة أنه سمع فعلاً بمثل هذه العريضة، مشدداً على أنه لم تصلهم بعد وأنهم ليسوا معنيين بها. ولفت إلى أن موقفهم من الحكومة سيتحدد إثر الإطلاع على نتائج أعمال لجنة التحقيق البرلمانية التي تم الإعلان عن تأسيسها يوم أمس.
تقييم الوضع المالي والاقتصادي للبلاد
واستعرض الفخفاخ تقييماً للوضع المالي والاقتصادي للبلاد، مؤكداً أن نسبة مديونية الدولة بلغت مستويات وصفها بـ"المخيفة"، مشيراً إلى أن نسبة النمو ستبلغ 6% سلبي حسب أخر تحيين وأن عدداً من المؤسسات المالية الدولية على غرار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تتوقع أن تبلغ نسبة النمو 6.8% سلبي معتبراً أن نسبة النمو المتوقعة غير مسبوقة في تاريخ تونس.
وذكر الفخفاخ بالنسب المتوقعة في دول عظمى في أوروبا والتي قال إنها ستكون بين 11 و8% سلبي، مؤكداً أن خبراء الاقتصاد في العالم مندهشون من الوضعية التي أكّد أن العالم لم يشهد لها مثيلاً من قبل التي عرفها اقتصاد العالم.
كما أكّد أنه ستكون هناك تداعيات لنسبة النمو المتوقعة ذاكر القطاعات التي ستتضرر بشكل كبير على غرار قطاع صناعة السيارات وقطاع الطائرات التي قال إنها ستبقى في ضرر سنة 2020 و2021 2022، وأن من القطاعات المتضررة أيضاً قطاع سياحة وقطاع الملابس.
وكشف أن تونس ستخسر أكثر من 130 ألف موطن شغل ستضاف إلى 630 ألف الموجودين و800 ألف الذين ينشطون في القطاع المنظم بأشكال مختلفة، مبرزاً أن مداخل الدولة من الجباية تقلصت بـ5000 مليون دينار .
كما كشف أن مديونية الدولة بلغت 92 مليار دينار دون اعتبار ضمان الدولة للمؤسسات العمومية ومديونيتها للقطاع الخاص. وأشار إلى أن المديونية أصبحت تُمثل نسبة 82% من الناتج المحلي الإجمالي، معتبراً أن هذه النسبة مخيفة وأن المخيف أكثر هو نسبة 60% من المديونية الخارجية.
وذكر آن هذه النسبة لما تبلغ 40% فقط يعتبر خطاً أحمر وأنه لما كان وزيراً للمالية سنة 2013 كانت هذه النسبة في حدود 30%، وأبرز أن تراجع الدينار ساهم في جزء منه من تعميق المديونية.