ترامب يعلن الانسحاب من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" مع روسيا.. والأخيرة ملتزمة بها

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعلن انسحاب بلاده من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" مع روسيا، معتبراً أنها "تنتهك الاتفاقية"، لكنه أشار إلى أن "هناك فرصة جيدة جداً للتوصل إلى اتفاقية جديدة مع موسكو". ونائب وزير الخارجية الروسي يؤكد أن بلاده ستبقى ملتزمة بالاتفاقية طالما أنها سارية المفعول.
  • ترامب يزعم أن روسيا لم تلتزم باتفاقية "الأجواء المفتوحة"

انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" المبرمة مع روسيا و32 دولة أغلبها منضوية في حلف الأطلسي. وهذه المعاهدة الدفاعية التي مضى على توقيعها 18 عاماً، هي الثالثة لضبط التسلح، والتي ألغتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، منذ وصوله إلى سدة الحكم.

وأعلن ترامب، أمس الخميس، انسحاب بلاده من اتفاقية الأجواء المفتوحة، "ما دامت روسيا تنتهكها"، على حدّ تعبيره.

وقال  للصحفيين:"أعتقد أن لدينا علاقات جيدة مع روسيا، لكن روسيا لم تلتزم بالاتفاقية، لذلك، سننسحب منها إلى أن يلتزموا بها". لكنه أضاف أن "هناك فرصة جيدة جداً لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاقية جديدة أو القيام بشيء لإعادة هذه الاتفاقية الحالية معاً مرة أخرى".

وتابع ترامب "موسكو لم تف بالتزاماتها الواردة في الاتفاقية التي مر عليها 18 عاماً، وصممت لتعزيز الشفافية العسكرية والثقة بين القوى الكبرى".

بدوره، أعلن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، روبرت أوبراين، أمس الخميس، أنه لا يرجح انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية "ستارت الجديدة" مع روسيا.

وقال أوبراين في حديث لقناة "فوكس نيوز" إن "واشنطن ستدخل في مفاوضات بحسن نية مع موسكو بشأن هذه الاتفاقية".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أفادت بأن ترامب يخطط لإبلاغ موسكو بالخطوة اليوم الجمعة، وأن القرار قد يشكل تمهيداً لانسحاب واشنطن من معاهدة "ستارت الجديدة" التي تحد عدد الصواريخ النووية، والتي يمكن لكل من الولايات المتحدة وروسيا نشرها.

وفي السياق، قال جوناثان هوفمان المتحدت باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن "روسيا تنتهك بشكل صارخ ومتواصل التزاماتها الواردة في الاتفاقية"، مضيفاً أن "موسكو تطبق المعاهدة بأساليب تساهم في تهديد الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء عسكرياً"، على حدّ تعبيره.

وأشار هوفمان إلى رفض روسيا السماح بتحليق الطائرات فوق مناطق حيث تعتقد واشنطن أن موسكو تنشر أسلحة نووية متوسطة المدى، بما فيها مدينة كالينينغراد المطلة على بحر البلطيق قرب جورجيا.

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الولايات المتحدة لم تبلغها رسمياً بعد بانسحابها من اتفاقية "السماء المفتوحة"، معربة عن خيبة أملها إزاء هذا القرار.

وأكّد نائب وزير الخارجية الروسي ألكساندر غروشكو اليوم الجمعة أن بلاده ستبقى ملتزمة اتفاقية "الأجواء المفتوحة" طالما أنها سارية المفعول، رغم إعلان ترامب أن واشنطن تنوي الانسحاب منها.
وقال غروشكو لوكالة "ريا نوفوستي" الإخبارية الروسية: "نحتاج إلى اتّباع نهج براغماتي. طالما أن المعاهدة سارية المفعول، ننوي الالتزام بشكل كامل بمجيع الحقوق والالتزامات المرتبطة بنا في هذه الاتفاقية".

وأضاف أن روسيا "تتصرّف على أساس أن جميع الدول الأخرى ستتصرف بذات الطريقة، وتتّخذ نهجاً واعياً تجاه التزامات الأطراف بهذه الاتفاقية".

وحذّر الدبلوماسي الروسي من أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية سيضر بأمن أوروبا ومصالح حلفاء واشنطن.

بدوره، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الولايات المتحدة الخميس إلى "إعادة النظر" في قرارها. وقال  "أشعر بالأسف العميق على الإعلان"، مضيفاً "سنعمل مع شركائنا لحض الولايات المتحدة على إعادة النظر في قرارها".

وأضاف أن ألمانيا وفرنسا وبولندا وبريطانيا أوضحت مراراً لواشنطن أن وجود صعوبات من الجانب الروسي "لا يبرر" الانسحاب من الاتفاقية.

وأفاد دبلوماسي فرانس برس أن مندوبي حلف شمال الأطلسي سيعقدون اجتماعاً عاجلاً اليوم لمناقشة التطورات الناجمة عن انسحب الولايات المتحدة من الاتفاقية.

من جهته، صرح الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، أن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من معاهدة الأجواء المفتوحة هو مظهر من مظاهر التفكير العائدة لحقبة الحرب الباردة، ومثال على رفضها بالالتزام بالاتفاقات الدولية.

وأعرب المسؤول عن أسفه العميق لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، وقال: "إن هذه الخطوة من جانب الولايات المتحدة، إلى جانب الاتفاقيات والمعاهدات التي انسحب منها الرئيس الأميركي مؤخراً، هي مظهر من مظاهر أساليب التفكير العائدة لحقبة الحرب الباردة، وهي سياسة العمل الأحادية الجانب".

وأضاف المسؤول: "إن انسحاب واشنطن من معاهدة الأجواء المفتوحة لا يساعد في الحفاظ على الثقة والانفتاح بين الدول في المسائل المتعقلة بالأمن والدفاع وسيؤثر سلباً على تحديد الأسلحة على الصعيد الدولي".

ومنعت موسكو في العام 2019 رحلات كان من المقرر أن تراقب مناورات عسكرية روسية، وهو أمر تسمح به المعاهدة عادة.

وفي 5 آب/أغسطس 2019 أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو ستضطر لتطوير صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بكامل طاقتها فور تأكدها من إتمام واشنطن تطوير صوارخ كهذه وشروعها في تصنيعها، وذلك بعد إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من معاهدة الحد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى الموقعة مع الاتحاد السوفيتي (السابق).

وأكد بوتين حينها أن خروج الأخيرة من معاهدة التسلح قد يؤدي إلى سباق تسلح يصعب كبحه.

وفي آب/أغسطس العامي الماضي، أعلن مسؤول في الاتحاد الأوروبي أن بروكسل دعت روسيا والولايات المتحدة إلى إجراء حوار نشط حول الحد من التسلح. وحذّر الاتحاد الأوروبي حذّر من سباق تسلح جديد.

ما هي اتفاقية الأجواء المفتوحة؟

تسمح اتفاقية "الأجواء المفتوحة" بين روسيا والولايات المتحدة و32 دولة أخرى، معظمها منضوية في حلف الأطلسي، لجيش بلد عضو فيها بتنفيذ عدد محدد من الرحلات الاستطلاعية فوق بلد عضو آخر بعد وقت قصير من إبلاغه بالأمر.

ويمكن للطائرة مسح الأراضي تحتها، وجمع المعلومات والصور للمنشآت والأنشطة العسكرية. وتكمن الفكرة في أنه كلما عرف الجيشان المتنافسان معلومات أكثر عن بعضهما البعض، قل احتمال الصراع بينهما. لكن الجانبين يستخدمان الرحلات الجوية لفحص نقاط ضعف الخصم.

وتشعر الولايات المتحدة بالامتعاض لأن روسيا لن تسمح برحلات جوية أميركية، فوق المناطق التي تعتقد واشنطن أن موسكو تنشر فيها أسلحة متوسطة المدى، وقد تشكل تهديداً لدول الاتحاد الأوروبي.

وستصبح اتفاقية السماء المفتوحة ثالث اتفاقية دولية في مجال الرقابة على الأسلحة تنسحب منها إدارة ترامب التي سبق أن تركت عام 2018 الاتفاق النووي مع إيران، ثم خرجت العام الماضي من معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى المبرمة مع موسكو عام 1987.

ويأتي ذلك وسط مخاوف من أن واشنطن ستقرر عدم تمديد معاهدة ستارت التي تقضي بتخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للولايات المتحدة وروسيا، وتنتهي فترة سريانها العام القادم.

 

 

المصدر: وكالات