لماذا فشلت "توتال" في الاستحواذ على ثلث الإنتاج النفطي الجزائري؟

بعد إعلان شركة النفط الفرنسية "توتال" عن فشلها في استملاك أسهم شركة "أناداركو" الأميركية، تساؤلات عن سبب هذا الفشل، ودور السلطات الجزائرية في ذلك.
  • سلطات الجزائر هددت باستخدام حق الشفعة لإسقاط صفقة "توتال" 

أعلنت شركة "توتال" الفرنسية عن فشلها في الاستحواذ على أسهم شركة "أناداركو" في الجزائر، إذ كشف الرئيس التنفيذي لعملاق الصناعة النفطية الفرنسية باتريك بويانيه، في تصريح نقلته جريدة "لوفيغارو"، عن فشل المفاوضات مع مجموعة "أوكسيدنتال بتروليوم"  الأميركية، المالكة لأسهم شركة "أناداركو"  في حقول النفط الجزائري.

وتجدر الإشارة إلى أن "توتال" أبرمت خلال العام الماضي صفقة مع شركة "أناداركو"، تتنازل بموجبها الشركة الأميركية للشركة الفرنسية عن جميع أسهمها في القطاع النفطي في الجزائر، وذلك بموجب اتفاقية قدرت بحوالى 9 مليار دولار، على أن تحصل بموجبه "توتال" على حوالى 30% من إجمالي الصادرات الجزائرية من البترول، وهو الأمر الذي تسبب في أزمة سياسية كبيرة في الجزائر، حيث رفض أغلب الأحزاب والبرلمانيين والسياسيين هذه الصفقة، باعتبارها محاولة من فرنسا للتحكم في أحد المفاصل الحيوية للاقتصاد الجزائري، وبالتالي للقرار السياسي في الجزائر.

وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب كان أعلن في وقت سابق أن سلطات الجزائر لن توافق على هذه الصفقة، وقد تلجأ إلى استعمال حق الشفعة لإسقاطها.

وحق الشفعة في التشريعات الجزائرية يعطي للحكومة الجزائرية حق التدخل في حال أخلَّ أحد الشركاء الأجانب بالمصالح الاستراتيجية للجزائر.

الخبير مهماه بوزيان، أحد المساهمين في إثراء قانون المحروقات الجزائري الجديد، قال للميادين نت إن فشل صفقة "توتال" هو مكسب سياسي واقتصادي استراتيجي للجزائر، مشدداً على أن شركة "سوناطراك" ووزارة الطاقة الجزائرية خاضتا مفاوضات قوية مع مجموعة "أوكسيدونتال بتروليبوم" الأميركية.

وأكد بوزيان أنه، وإضافة إلى الرفض المبدئي للحكومة الجزائرية لاستكمال الصفقة بالطريقة التي حاولت شركة "توتال" الترويج لها إعلامياً، إلا أن أهم نقاط القوة التي امتلكها المفاوض الجزائري مع الجانب الأميركي، هو الامتيازات الواردة في قانون المحروقات الجزائري الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ منذ أشهر فقط.

وأكد مهماه "للميادين نت" أن الامتيازات الجبائية والضريبية والشفافية التي ميزت التشريعات النفطية الجديدة في الجزائر، يبقيان العامل الجيوسياسي الحاسم في الاستدارة الطاقوية الأميركية.

وتابع: "الجزائر تكاد تكون من الدول القلائل في المنطقة التي تشهد استقراراً أمنياً وسياسياً، إضافة إلى أن القطاع المنجمي الواعد يمثل بديلاً جدياً للصناعة البترولية التقليدية التي تشهد تراجعاً لافتاً في جدواها الاقتصادية".

العامل السياسي في إفشال صفقة "توتال" حاضر في الخلفية، بحسب مهماه، لكن من الصعب اعتباره عاملاً حاسماً، بدليل أن شركة "توتال" الفرنسية تعتبر شريكاً أساسياً لمجموعة "سوناطراك" الجزائرية، لكن الشراكة مع الفرنسيين لا تعني السماح لشركة فرنسية بأن تسيطر على ثلث الإنتاج النفطي  الجزائري، وهو الأمر الذي أدركته مجموعة "أوكسيدونتال بترليوم"  الأميركية، وخصوصاً أن استعمال الحكومة الجزائرية ورقة حق الشفعة كان مطروحاً بقوة على طاولة المفاوضات، لكن تم في الأخير الوصول إلى صيغة اتفاق بين المجموعة الأميركية والسلطات الجزائرية من دون الإضرار بمصالح الشركة الفرنسية المتواجدة أصلاً في الجزائر منذ عقود.

المصدر: الميادين نت