الأسير الأقدم في قطاع غزة.. ضياء الفالوجي عميد الأسرى وصاحب نضال طويل
يعتبر الأسير ضياء الفالوجي (43 عاماً) أقدم أسير في قطاع غزة. فهو الوحيد من القطاع المتبقي من الأسرى القدامى الذين دخلوا السجون الصهيونية قبل اتفاق أوسلو عام 1993، وقد تخطى عامه الـ27 على التوالي وقضى من سنوات عمره في السجن أكثر مما قضاه قبل الاعتقال.
غداة العملية الفدائية التي نفذها ضياء في 10 تشرين الأول/أكتوبر عام 1992، كتبت الصحف العربية والعبرية عن فتى من مدينة خانيونس يبلغ من العمر (16 عاماً)، نفذ عملية بواسطة معول في مستوطنة جينيتال التابعة لمجمع غوش قطيف، التي كانت مقامة على أراضي خانيونس، أدت إلى مقتل ضابط إسرائيلي كبير تبيّن لاحقاً أنه شارك في عملية اغتيال كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار في عام 1973، والتي قاد تنفيذها رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق وقتها ايهود باراك.
تم اعتقال ضياء بعد العملية مباشرة وتعرض لأبشع أنواع التعذيب من مخابرات الاحتلال، التي استخدمت كل أشكال العقاب الجماعي بحق عائلته، وحرمته من رؤية ذويه لسنوات عديدة.
تقول والدة الفالوجي، نجاة الاَغا "أم ضياء" الذي تجاوز عمرها الـ70 عاماً "بقي ضياء 9 أشهر في غرف التحقيق والعزل الانفرادي في معتقل للأسيرات لأنه لم يكن هناك سجن للأشبال، ولأنه أصغر من أن يُحكم بالسجن مدى الحياة، انتظروا حتى أتم الـ17 عاماً وحكموه بالسجن 99 سنة، دخل ضياء طفلاً صغيراً وها هو الآن صار رجلًا".
كان ضياء في الصف التاسع عند اعتقاله، إلا أنه اليوم أنهى دراسته الجامعية من جامعة القدس المفتوحة في تخصص التاريخ. ولم يكتف بذلك وحسب، فلا يفوّت الأسير دورة تعليمية أو ورشة تدريبية في السجن إلا ويتقدم لها ليحاول إلهاء نفسه بالدراسة والعلم.
عرف ضياء كيف يحول جهاده وعلومه الجامعية إلى فعل من خلال خدمة الأسرى وتقوية معنوياتهتم "فما أن يُعتقل أسير جديد حتى يثقفه ويهتم به ويعطيه مصروفاً ليساعده، عاش بين الأسرى أكثر مما عاش بيننا"، تقول والدته.
تفرح أم ضياء جداً بالأسرى المحررين الذين يقولون لها "ضياء هو أبونا، أبو الأسرى كلهم، فعندما يخرج أي أسير من السجن يذهب ضياء إليه ويعطيه ملابسه الجيدة ليقابل بها عائلته، ويصر عليه بأن يلبسها لحظة خروجه".
يقول مدير شؤون الأسرى في غزة عبد المناصر فروانة عن "أم ضياء" إنه "بصحبتها تخطينا حدوداً طويلة، وزرنا عواصم عربية وأوروبية عديدة، ودخلنا الأمم المتحدة في جنيف ومؤسسات دولية وإقليمية كثيرة، فأينما ذهبنا وجدناها حاضرة، وأينما وجدت حضرت معها معاناة الأسرى ورسالتهم، فكانت خير من مثّل الأسرى وناب عن أمهاتهم". ويلفت إلى أنها أضحت عنواناً لقضية الأسرى، وأماً لكل المغيبين وراء الشمس بفعل السجان، فاستحقت أن نطلق عليها "أم الأسرى"، وفق تعبيره.
وفي الخامس من أيار/ مايو عام 2003 اعتقل الاحتلال محمد، شقيق ضياء. وحكم عليه بالسجن 13 عاماً بالإضافة إلى غرامة بقيمة 6000 شيكل. وقد أمضاها كاملة داخل الأسر. فعندما اعتقل ضياء كان محمد طفلاً يبلغ من العمر 11 عاماً.
وعاش محمد فترة محكوميته في المعتقل مع ضياء، أحياناً في الغرفة نفسها، وأحياناً في القسم نفسه، فصارت العلاقة بينهما قوية جداً. وقد توفي والدهما إثر جلطة ونوبة قلبية أصابته في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005.
وكانت لحظة انتهاء محكومية محمد عام 2015 من أصعب اللحظات التي عاشها ضياء خلال أسره،تقول والدته: "أخبرني الأسرى أن ضياء ظل فترة طويلة بعد الإفراج عن محمد لا يستطيع تناول طعامه لأنه اعتاد أن يتشارك مع محمد فيه، وإلى الآن عندما أزوره، محمد هو أول من يسأل عنه".
يعتبر الأسير الفالوجي من الأسرى القدامى المعتقلين منذ ما قبل اتفاقية "أوسلو"، وما يُعرفوا بالدفعة الرابعة، التي كان من المفترض إطلاق سراحها في أواخر آذار/مارس عام 2014، في إطار التفاهمات الفلسطينية- الإسرائيلية برعاية أميركية، إلا أن حكومة الاحتلال تنصلت من تعهداتها ولم تلتزم بتطبيق ما اتفق عليه، حين التزمت بإطلاق سراح الدفعات الثلاثة الأولى، فيما ينتظر الفلسطينيون إطلاق سراح الدفعة الرابعة.
مع الأسير الفالوجي ترتفع قائمة "جنرالات الصبر" - وهو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على الأسرى الذين مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد بشكل متواصل - إلى 29 أسيراً. وفيهم 12 أسيراً، ممن مضى على اعتقالهم أكثر من 30 عاماً متواصلة، وهم من يُطلق عليهم "أيقونات الأسرى"، وأقدمهم كريم وماهر يونس، المعتقلين منذ كانون الثاني/يناير 1983.