لماذا غور الأردن؟
تقترح خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أسماها الأخير بـ "صفقة القرن" ضمّ غور الأردن إلى "إسرائيل" إذ تعتبر هذه المنطقة إستراتيجية وحيوية. ويتكون غور الأردن من سهول زراعية غنية بمواردها المائية، وهو عبارة عن قطاع ضيق إستراتيجي يمثّل نحو 30% من مساحة الضفة الغربية على طول الحدود مع الأردن. وتنظر "إسرائيل" إلى هذه المساحة الواقعة بين نطاقين صحراويين على أنها حيوية لأمنها.
ويُطلق على الأغوار الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة "سلة غذاء فلسطين"، ويظهر هذا الوصف الأهمية الاستراتيجية لهذا الشريط الشاسع، ويعيش نحو 10 آلاف من أصل 400 ألف من مستوطني الضفة الغربية المحتلة، ضمن غور الأردن، بحسب أرقام الحكومة الإسرائيلية ومنظمات غير حكومية، كما يعيش هناك نحو 65 ألف فلسطيني، بما في ذلك سكان أريحا، ويعد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير شرعي من وجهة نظر القانون الدولي. وعلى الرغم من ذلك، غيّرت الولايات المتحدة موقفها تجاه هذا الملف الحساس في تشرين الثاني/نوفمبر، معتبرة أنّ المستوطنات لا تتعارض والقانون الدولي.
وبحسب بيانات مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، فإن الأغوار تمتد من بيسان حتى صفد شمال، ومن عين جدي حتى النقب جنوباً، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً. وتبلغ مساحة الأغوار الفلسطينية في المنطقة التابعة للضفة الغربية التي احتلتها "إسرائيل" عام 1967، نحو 2400 كيلومتر، وتعادل نحو 30% من إجمالي مساحة الضفة. وبحسب أرقام الاتحاد الأوروبي، فإنّ غالبية عمليات الهدم التي قامت بها "إسرائيل" منذ 2009 كانت في غور الأردن (هدم 2,403 مبان لفلسطينيين).
وتعتبر الأغوار منطقة طبيعية دافئة يمكن استغلالها للزراعة طوال العام، إضافة إلى خصوبة التربة، كما تتوفر فيها مصادر المياه، فهي تتربع فوق أهم حوض مائي في فلسطين، وهي فوق ذلك كله بوابة فلسطين الشرقية، وتمتاز هذه المنطقة بالكثافة السكانية القليلة، إذ يعيش فيها 56 ألف فلسطيني بما في ذلك سكان مدينة أريحا (المدينة الوحيدة في الأغوار)، بحسب بيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني عام 2017. وهو ما نسبته 2% من مجموع السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، مما يعني أنها منطقة مؤهلة لاستيعاب التوسع السكاني الفلسطيني في المستقبل بسبب مساحتها الشاسعة.
وفي المقابل، يعيش هناك نحو 11 ألف مستوطن موزعين على 31 مستوطنة تعرف بـ"المستوطنات الزراعية" لتركيزها على أعمال الزراعة، والتهمت هذه المستوطنات نحو 27 ألف دونم من أراضي الأغوار. ويخضع غور الأردن في جانبه الغربي للسيطرة الإسرائيلية في معظم المناطق، باستثناء مدينة أريحا، الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية.
ونظرت الحكومات الإسرائيلية إلى السيطرة على غور الأردن باعتباره رصيداً استراتيجياً لـ "إسرائيل"، إذ إنه يشكّل حاجزاً أمنياً أمام الحدود الشرقية، ويسمح للقوات الإسرائيلية بتطويق السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو،قال الثلاثاء إن ترامب اعترف لـ "إسرائيل" بالسيادة في غور الأردن ومناطق أخرى، وكان نتانياهو قد وعد خلال الحملة الانتخابية في أيلول/سبتمبر أنّه في حال أعيد انتخابه سيضم غور الأردن، فيما رد الفلسطينيون بأن من شأن إجراء مماثل القضاء على "أيّ فرصة للسلام".
كلام نتنياهو جاء بعد إعلان الرئيس الأميركي عشية الثلاثاء في 28 كانون الثاني/يناير 2020 "صفقة القرن"، وكان من أبرز بنودها إعلان القدس عاصمة "إسرائيل"، وإسقاط حقّ العودة، واعتراف ترامب بسيادة "إسرائيل" على غور الأردن.