الإعلان عن تشكيلة الحكومة التونسية: انفراج نسبي
الإعلان عن تركيبة الحكومة جاء بعد تعثّر، إذ أرجأ رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس الأربعاء الحسم فيها بسبب وجود شخصيات سياسية غير مستقلة في التركيبة، ما خلق إرباك في البلاد بدءاً بتغيير مضمون المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس رئيس الحكومة المكلف وتعدد بلاغات رئاسة الجمهورية وتسريب قائمة أعضاء الحكومة المقترحة بالإضافة إلى بلاغ حركة "النهضة".
انفراج نسبي ولكن...
كشف رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، عن تركيبة حكومته اليوم الخميس، معلناً بذلك عن انفراج نسبي في مسار تشكيل الحكومة الذي طغت عليه التجاذبات السياسية، وانتهت أمس الأربعاء بتضارب في التصريحات بين الجملي ورئاسة الجمهورية.
وكان من المفترض أن يعلن الجملي أمس الأربعاء عن تركيبة الحكومة الجديدة، خلال مؤتمرٍ صحفي إثر لقائه برئيس الجمهورية قيس سعيد، إلاّ أنه أرجأ المسألة إلى اليوم، رافضاً الكشف عن أسماء أعضاء الحكومة معللاً ذلك أنه سيتم الإعلان عنها بعد إحالة القائمة بالطرق القانونية لرئيس البرلمان.
في المقابل، أصدرت رئاسة الجمهورية بلاغاً أكدت فيه أن مشاورات تشكيل الحكومة متواصلة وسيتم الإعلان في وقت لاحق عن تركيبة الحكومة، ما خلق ضبابية وتعتيماً طغت على كواليس تشكيل الحكومة، وتحديداً داخل مؤسسات الدولة، حتى أن بعض القراءات السياسية ذهبت إلى اعتبار وجود خلاف بين قيس سعيد وحركة "النهضة" عززته الوثائق التي تم تسريبها أمس والتي تحمل توقيع رئيس الحكومة المكلف وتتضمن القائمة الاسمية لتركيبة الحكومة، علماً أن التركيبة التي تضمنتها الوثائق المسربة هي نفسها التركيبة التي أعلن عنها الجملي اليوم.
في هذا السياق، يقول الإعلامي والمحلل السياسي نزار مقني في تصريح لـ "الميادين نت" إن هناك صراعاً خفياً بين الحزب المكلّف بتشكيل الحكومة ورئاسة الجمهورية وهو ما تجلى في حرب البلاغات المتناقضة.
وأشار مقني إلى أن هذا الصراع بدأ منذ أن أراد رئيس الجمهورية الوساطة في تقريب وجهات النظر بين "النهضة" وحركة "الشعب" و"التيار" و"تحيا تونس" والذي أنهاه سريعاً بعد أن قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إنه مر إلى مخطط "ب" لتشكيل الحكومة.
وأضاف "لا يخلو ما حصل أمس (الأربعاء) في الندوة الصحفية من عدم إعلان الجملي لتركيبته من تجاذبات موجودة داخل الأحزاب المطروحة للمصادقة على الحكومة وخاصة داخل حركة النهضة في علاقة بعدم وجود شخصيات موثوقة بالحركة داخل التشكيلة".
وكانت حركة "النهضة" نشرت بياناً أمس، أكّدت فيه أنّ وفداً عن الحركة يترأسه راشد الغنوشي التقى الثلاثاء الماضي، رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، الذي تولى عرض مشروع تشكيلة الحكومة.
وذكرت "النهضة" أن وفدها أبدى عدداً من الملاحظات الهادفة لتطوير المقترح حتى يكون أكثر استجابة لتطلعات التونسيين والتونسيات وقدرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
وقالت إن مؤسسات الحركة مازالت في انتظار التشكيلة النهائية للحكومة لاتخاذ الموقف المناسب منها.
مسلسل تشكيل الحكومة قد يطول
ذهب نزار مقني في تحليله إلى أن مسلسل تشكيل الحكومة سيطول خاصة بعد البيان الذي صدر اليوم عن حزب "قلب تونس" يشير فيه إلى أنه "لن يمنح الثقة لها إلا بعد أن يجري محادثات مباشرة مع قياديه واطلاعه رسمياً على التشكيلة"، التي قال إنها لا تروق لكثير من مكوّنات المشهد السياسي في تونس كـ"اتحاد الشغل" الذي يريد أن تكون الحكومة بعيدة عن الأحزاب.
مقني عبّر عن اعتقاده بأن الحكومة بهذا الشكل لن تمر في الجلسة العامة، طالما لم تتغير المعطيات والمواقف في الدقيقة 90 خاصة وأن "النهضة تتقن جيداً فن تدوير الزوايا ولعبة الكواليس".
يشار إلى أن القيادي بحزب "تحيا تونس" مصطفى بن أحمد، أكّد في تصريح إعلامي أنّ حزبه واستناداً إلى الظروف الحالية، لن يصوّت لصالح الحكومة، مجدّداً دعم حزبه لتشكيل حكومة مصلحة وطنية تتضمن ''أسماء وازنة'' وفق تعبيره.
واعتبر أنّ الكفاءة وحدها لا يمكن أن تكون مبرّرا للانتماء للحكومة، مشيراً إلى أنّ الأسماء المقترحة في الحكومة الجديدة يوجد حولها خلاف كبير وتباين في الآراء.
من جهته، رأى القيادي في "حركة الشعب" زهير المغزاوي، أن الحكومة التي أعلن عن تركيبتها الحبيب الجنلي "ليست حكومة كفاءات بل حكومة محاصصة حزبية" بين "النهضة" و"قلب تونس" وأطراف أخرى في البرلمان.
فهل ستحظى حكومة الجملي بثقة البرلمان، أم أنها ستفشل ليتواصل سيناريو التشكيل؟