إيفو موراليس.. رجل الثورة ضد الإمبريالية في كل مكان
من جديد خولت أصوات الفقراء في بوليفيا المناضل ضد "الرأسمالية العالمية" و"الامبريالية الأميركية"، إيفو موراليس، بالفوز بولاية رئاسية جديدة، وهو الذي كان عند وصوله للحكم عام 2006 أول رئيس لبوليفيا من السكان الأصليين.
موراليس، المتحدر من قبائل الإنديز وينتهج سياسة تميل لليسار، ولد وترعرع في كنف عائلة فقيرة، أخذ على عاتقه إيصال صوت الفقراء إلى العالم منذ بداية حياته النضالية كنقابي وممثل لمزارعي نبتة "الكوكا". بقوة صمد أمام الولايات المتحدة في مكافحتها زراعة النبتة التي تؤمن مداخيل مالية لمئات الآلاف من المزارعين والفقراء البوليفيين.
في إطار الحرب التي تنتهجها الولايات المتحدة ضده، ردّ المناضل اليساري مرة على تقرير للبيت الأبيض يصف بوليفيا بأنه "دولة غير متعاونة" في مجال محاربة انتقال المخدرات، بالقول "لا أفهم كيف يلحظ التقرير التقدم الذي حصل في بوليفيا، وفي الوقت نفسه يصنفها دولة غير متعاونة"، مضيفاً "نعلم تماماً أننا لن نحصل على التصديق (تمنحه الولايات المتحدة لإبراز موافقتها على نمط إتلاف الكوكايين)، طالما بقينا أمناء على موقعنا المعادي للرأسمالية وللإمبريالية".
ورأى حينها أنه بدون الوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات نتائج العمليات أفضل، مع أنه وافق على أن نقطة ضعف بوليفيا في هذا المجال هي التكنولوجيا، موضحاً أنه لو امتكلت بلاده رادارات وأقماراً صناعية وطوافات وطائرات لكانت إنجازاتها أفضل.
قبل ذلك طرد موراليس وكالة محاربة المخدرات الأميركية عام 2008، بعد اتهامها بالتآمر على ولايته.
الكاره لإسرائيل والمؤيد لفلسطين وصفته واشنطن بـ "الشيطان"
عام 1997 فاز موراليس بمقعدٍ في البرلمان البوليفي، فحوله إلى منبر للدفاع عن مزراعي "الكوكا"، كما استغله لانتقاد واشنطن وسياستها "الاستعمارية".
لكن انتقاده للسياسة الأميركية لم يقف عند حدود تدخلها في بلاده، بل وصل إلى كل مكان كان للسياسة الأميركية دور سلبي فيه. حظيت القضية الفلسطينية بجزء من تاريخ موراليس النضالي، فإلى جانب الولايات المتحدة، يجاهر موراليس بكراهية "إسرائيل"، فقطع عام 2009 العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل" إبان عدوانها على قطاع غزة، وفي العام 2014، أعلن أن "إسرائيل" "كيان إرهابي"، وألغى السماح بدخول الإسرائيليين لبلاده من دون تأشيرة سفر.
"الشيطان"، كما وصفته واشنطن، انتقد بشكلٍ لاذعٍ مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، لأن "قراراته ظالمة، فهو يفرض عقوبات على إيران التي لا تملك أي قنبلة نووية، فيما يسمح لإسرائيل بأن تملك ترسانة نووية تقدر بين 60 و200 قنبلة ذرية".
كما عبر عن أسف بلاده لأن بعض الدول لا تزال تدعم الولايات المتحدة، رغم "وقوفها وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في فنزويلا"، وقال "للأسف هناك مجموعة من الحكومات أخطأت وقامت بتأييد الانقلاب. يجب دائماً المراهنة على السيادة والسلام، لقد أكد شعب فنزويلا بثقة أنه يسير على هذا الطريق ونحن ندعم أي مبادرة للحوار".
الرجل العصي على الانكسار، أضرب عن الطعام بعد انسحاب نواب وشيوخ المعارضة من اجتماعات الكونغرس في بلاده كمحاولة للضغط عليهم لإقرار القانون الضروري لإجراء العملية الانتخابية، حيث شارك 13 قيادياً من الحركات الاجتماعية في هذا الإضراب الذي جرى في مكاتب الرئاسة، افترش المضربون الأرض وهم يخزّنون الكوكا للصمود، في الوقت الذي كان فيه موراليس يتابع نشاطاته الرئاسية أيضاً. وانضم إليهم لاحقاً أكثر من ألفي بوليفي في جميع أنحاء البلد.
لم يتوقف العداء لموراليس على الجار الأميركي، بل تعداه إلى بعض الدول الأوروبية، ففي عام 2013 رفضت عدة دول أوروبية من بينها فرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا أن تحلق طائرة موراليس فوق أجوائها، بحجة أن المتعاقد السابق مع المخابرات الأميركية، إدوار سنودن، كان في داخلها. قبلت في النهاية النمسا أن تهبط طائرة موراليس على أراضيها، لكنه بقي محتجزاً في المطار لمدة 13 ساعة.
فور عودته إلى بلاده، استقبل موراليس استقبال الأبطال حيث توافد الآلاف إلى مطار "لاباز"، فيما قام باستدعاء سفراء الدول التي لم تسمح لطائرته بالهبوط على أراضيها، وفي العام ذاته نشر الرئيس مقالاً في دورية "لوموند دبلوماتيك" تحت عنوان "أنا الرئيس المحتجز في أوروبا" انتقد فيه عملية احتجازه واصفاً إياها "بإرهاب دولة".
يعيد المناضل اللاتيني، المحب للزعيم الراحل فيديل كاسترو، اليوم ضرب محاولات التمدد الأميركي في بلاده، عن طريق فوزه في الانتخابات التي كانت الولايات المتحدة تعول على خسارته فيها، وخصوصاً أنه استطاع البقاء في سدة الرئاسة من الدورة الأولى للانتخابات.