وزير العمل اللبناني: تجميد الإجراءات بحقّ العمَّال الفلسطينيين رَهْن بقرار الحكومة

دخلت الاحتجاجات الفلسطينية على إجراءات وزارة العمل اللبنانية أسبوعها الرابع، من دون أن تلوح في الأفق إمكانية التوصّل إلى حلٍ يُنصِف اللاجئين الفلسطينيين في الوقت الذي كشفت فيه مصادر فلسطينية لـ الميادين نت ألا لقاء مع وزير العمل قبل تجميد تلك الإجراءات.
  • وزير العمل اللبناني: تجميد الإجراءات بحقّ العمَّال الفلسطينيين رَهْن بقرار الحكومة

يواصل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان تحرّكاتهم الرافِضة للإجراءات التي يُطبِّقها وزير العمل كميل أبو سليمان بحق العمال الفلسطينيين، وإلزامِهم الحصول على إجازات عمل أسوة بالعمّال الأجانب مع مُراعاة خصوصيّة اللاجىء الفلسطيني. بَيْدَ أن تلك الخصوصية بحسب الفصائل الفلسطينية تقضي بعدم معاملة اللاجئين كأجانب، وبالتالي لا يمكن تطبيق القانون اللبناني على العمّال الفلسطينيين كسائر العمّال الأجانب، عدا أنه لا مجال لمُعادلة المُعاملة بالمثل وذلك لسببٍ بسيطٍ جداً ويكمُن في أن اللاجئين الفلسطينيين أُجِبروا على مُغادرة وطنهم بسبب الاحتلال ولا خيار أمامهم سوى البقاء المؤقّت في المخيمات مع التمسّك بحق العودة ، فيما يستطيع سائر العمّال الأجانب الذين لا يُنصفهم القانون اللبناني العودة إلى بلادهم.


أبو سليمان: الحكومة تقرِّر كيفية التعامُل مع الفلسطينيين
منذ أن دخلت إجراءات وزارة العمل اللبنانية بحق العمّال الأجانب حيِّز التنفيذ في العاشر من شهر تموز / يوليو الفائت ، ويتواصل النقاش في لبنان بشأن إعفاء العمّال الفلسطينيين من تلك الإجراءات ، لا سيما وأن لجنة الحوار الوطني اللبنانية الفلسطينية أقرَّت في العام 2017 ضرورة تمييز العمّال الفلسطينيين ، وبالتالي عدم مُعاملتهم كأجانب، عدا أن قانوناً أقرَّه البرلمان اللبناني عام 2010 أدخل بموجبه تعديلات على قانون العمل اللبناني لاستثناء العمّال الفلسطينيين من المعاملة بالمثل ، وذلك احتراماً لخصوصيّة اللاجىء الفلسطيني في لبنان.إضافة إلى أن لجنة الحوار تضمّ جميع القوى السياسية اللبنانية المُمثَّلة في البرلمان والحكومة ومن ضمنها حزب القوات اللبنانية الذي ينتمي إليه وزير العمل.


وعلى الرغم من إعلان رئيس البرلمان نبيه بري في 18 تموز / يوليو الفائِت أن "القرار بشأن العمّال الفلسطينيين قد انتهى ، وأن الوضع سيعود كما كان في السابق"، أي إلى ما قبل تنفيذ إجراءات وزارة العمل ، إضافة إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أثنى على موقف بري ، أعلن بدوره أن مجلس الوزراء سيتّخذ القرار المُناسِب الذي يصبّ في الاتجاه عينه الذي أشار إليه بري، وعليه أعلن الوزير أبو سليمان من البرلمان اللبناني أن "هذا الموضوع أصبح وراءنا ويجب وقف الشغب الذي يحصل على الطرقات ، لأن لا معنى له خصوصاً وأن هذه الإجراءات تساعد العمال. فعندما يتمّ تسجيلهم في قانون العمل يقدّم لهم الضمانات ضد الصرف التعسّفي ويأخذون الحد الأدنى للأجور وليس أقل"، مشّدداً على أن "لا إجراءات ضدّهم ومستمرون بالخطة".لكن تلك الإجراءات لم يتم تجميدها عملياً ، وجاء موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في حديثٍ لتلفزيون أم تي في اللبناني ليُثني عليها ، مُنتقداً ما سمَّاه تدخّل الرئيس بري في عمل السلطة التنفيذية ، ومؤكّداً أن الرئيس الحريري يدعم تلك الإجراءات.
تلك المواقف وما سبقها كانت السبب في إعادة تعقيد الأمور ، وكذلك عدم حضور الوفد الفلسطيني إلى السرايا الحكومية للقاء الوزير أبو سليمان برعاية الحريري ، وكشفت مصادر فلسطينية للميادين نت أن " عدم حضور الوفد الفلسطيني للقاء أبو سليمان كان بسبب رفض الأخير الإعلان عن تجميد الإجراءات بحق العمال الفلسطينيين، وأن ما عقَّد الأمور أكثر هو موقف جعجع الرافِض لتجميدها".
وعند هذا الحد توقّفت المفاوضات مع وزير العمل واستمرّت التحرّكات الفلسطينية الرافِضة لخطة وزارة العمل.
أما أبو سليمان فأكّد للميادين نت أنه " مُستعدّ لتقديم كل التسهيلات للفلسطينيين تحت سقف القانون "، وأنه " ينتظر تسلّمه المطالب الخطيّة للفلسطينيين ومن ثم يُصار إلى بحثها".
وكرَّر موقفه الداعِم لإجراءات وزارة العمل لافتاً إلى ضرورة تعديل القانون، وأوضح في حديث تلفزيوني أنه " مُنفتِح على الحوار ولكن ليأتوا إلى هذا الحوار أولاً، إذ تخلّف الوفد الفلسطيني عن الحضور إلى الاجتماع الأخير الذي كان مُقرَّراً في السراي الحكومية. ليوضحوا طلباتهم، فكيف لي أن أتجاوب معهم وهم لم يأتوا إلى الاجتماع ليعرضوها. الحوار لا يقوم في ظلّ أيّ تهويل. لا يمكن أن يأتي أحد إلى الحوار بشروطٍ مُسبَقة. لقد وجَّهت رسالة واضحة فيها قراءة قانونية ونشرتها بالعربية والإنكليزية والفرنسية، دعوت الفلسطينيين ليناقشوني في القانون ويأخذوا استشارة قانونية. قالوا إنهم إن حصلوا على إجازة عمل يخسرون صفة اللجوء، فأكَّد لهم رئيس "الإنروا" إن ذلك غير صحيح فإجازة العمل لا تُسقِط عنهم صفة اللاجئ. الحوار المنطقي هو حول السندات المطلوبة للحصول على إجازة عمل كما ينصّ القانون ، ولكن المطلوب أولاً أن يقرِّوا بضرورة الحصول على إجازة. المطلوب حوار هادئ لا حوار في الشعارات والحديث عن صفقة القرن".
ووفق تلك المُعطيات فإن الاعتراض الفلسطيني سيستمر ضد إجراءات وزارة العمل لا سيما وأن مصادر فلسطينية أكّدت أن الحريري قطع وعداً للقيادات الفلسطينية التي التقاها بأنه سيعمل على إعادة الأمور إلى سابق عهدها ، في إشارةٍ إلى إلغاء الإجراءات بحق الفلسطينيين.
وإلى أن ينعقد مجلس الوزراء اللبناني المُعطَّل بفعل الأزمة السياسية في البلاد فإنه من غير المُرجَّح أن تجمِّد وزارة العمل إجراءاتها بحق الفلسطينيين ، وفي المقابل فإن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان سيواصلون اعتراضهم السلمي على تلك الإجراءات .