في ظل الأزمات الإقتصادية، صناديق الثروة السيادية تسعى لتدبير أكثر من 100 مليار دولار
في الوقت الذي تتعامل فيه مع أزمة فيروس كورونا وانهيار في أسعار السلع الأساسية، تلجأ دول لصناديق الثروة السيادية لتدبير أكثر من 100 مليار دولار، وهو رقم مرشح للزيادة في ظل تنامي ضغوط الميزانية لدى بعض الاقتصادات الناشئة.
وتعكف حكومات من أنغولا إلى تيمور الشرقية، على بناء مدخرات للأوقات العصيبة للمساعدة في تحقيق الاستقرار لاقتصاداتها ودعم مواطنيها في حال حدوث صدمات.
وتبلغ قيمة بعض الصناديق، وخصوصاً تلك المستمدة من ثروات السلع الأساسية، أضعاف الناتج الاقتصادي.
وفي السياق، قالت مؤسسة صناديق الثروة السيادية العالمية، إن من المرجح أن تستنزف الضربة المزدوجة الناتجة عن انهيار أسعار السلع الأساسية والجائحة، التي أوقفت معظم النشاط الاقتصادي لشهور، صناديق الاستقرار في دول مثل بيرو وكولومبيا.
وأضافت أنه يجري على الأرجح إنفاق مبالغ كبيرة من صناديق مماثلة في غانا ونيجيريا، في حين أدت 24 عملية سحب قيمتها الإجمالية حوالي 137 مليار دولار إلى خفض كبير للمدخرات أو صناديق للتنمية في البحرين والكويت وإيران وأنجولا.
ولا يزال ذلك ضئيلاً إلى حد ما مقارنة بإجمالي أصول بنحو تسعة تريليونات دولار تجري إدارتها في مختلف الصناديق. كما، تفضل بعض الحكومات خفض الإنفاق عن اللجوء إلى صناديقها السيادية ولا تتمكن حكومات أخرى من فعل ذلك بسبب قواعد تنظيمية.
لكن حجم الأزمة يعني أنه من المرجح أن يكون هناك ضغط من أجل المزيد من السحب، حتى مع تنامي التساؤلات حول كيفية وتوقيت إعادة ملء مثل تلك الصناديق.
وقال آندرو باور، المستشار لدى معهد إدارة الموارد الطبيعية "حيز الأموال العامة آخذ في النفاد في بعض الدول، لاسيما الأسواق الناشئة الغنية بالنفط والمعادن والدول منخفضة الدخل".
وأكد سيتي، في مذكرة بحثية مؤخراً أن منغوليا لديها فجوة تمويلية خارجية حجمها 840 مليون دولار هذا العام، في حين تتوقع غانا عجزاً في الميزانية 11.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال باور، إنه في الوقت الذي لا تجني فيه بعض الصناديق السيادية من استثماراتها سوى عوائد في خانة الآحاد، فإنه قد يكون من المنطقي أكثر بالنسبة للحكومات التي تواجه تكاليف اقتراض مرتفعة أن تعتمد على مدخراتها بدلاً من جمع ديون.
أما الحكومات الأعلى تصنيفاً مثل قطر، التي باعت سندات بعشرة مليارات دولار في ذرة الجائحة في نيسان/أبريل ويبلغ حجم صندوق الثروة السيادية لديها 300 مليار دولار، فإن حاجتها للسحب من صناديق الثروة السيادية أقل.
والأوضاع المالية في النرويج وسنغافورة آمنة على الرغم من خطط لسحب ما مجموعه 73 مليار دولار تقريباً من اثنين من صناديقهما، وهو ما يمثل نسبتين مئويتين في خانة الآحاد من إجمالي أصولهما.
إلى ذلك، أشارت روسيا إلى أنها قد تسحب ما يصل إلى الثلث من صندوقها الوطني للثروة البالغ 130 مليار دولار هذا العام، في حين عمدت قازاخستان، وهي مصدر كبير آخر للنفط، إلى تسييل أصول بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوقها البالغ حجمه 60 مليار دولار.
ولا تنشر صناديق أخرى، مثل هيئة الاستثمار في بروناي، ومؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية وجهاز أبوظبي للاستثمار، بيانات السحب.
وقال باور، إن بعض الدول لم يعد في صناديقها السيادية سوى القليل جداً بعد أن أفرطت في الاقتراض منها، مشيراً إلى الجزائر ونيجيريا وفنزويلا.
ولا تلجأ جميع الحكومات للسحب، حتى مع تعرض المالية العامة للضغط.
فقد توقفت الكويت، التي قلصت 3 مليارات دولار من ميزانيتها الأسبوع الماضي، عن السحب من صندوق الأجيال القادمة البالغ حجمه 530 مليار دولار بسبب قيود قانونية.
وقالت داناي كيرياكوبولو، كبيرة الاقتصاديين بمنتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية، وهو مؤسسة بحثية، إن الاستخدام الحالي والمستقبلي يعتمد بشكل كبير على نظرة الدول لصناديقها السيادية، فالقليل منها هو من لديه تاريخ طويل.
وأضافت "هي من ناحية صناديق للأجيال القادمة، لذا فإنها يجري ادخارها للمستقبل من أجل الحفاظ على تلك الثروة، لكن من الناحية الأخرى، فهي صناديق للأوقات العصيبة، وإذا لم تستخدمها الآن وأنت تواجه عاصفة، فمتى ستستخدمها؟".