مرفأ طرابلس: تعويض تقريبي لربع حركة مرفأ بيروت

مرفأ طرابلس، يحتوي إمكانات كبيرة، خصوصاً لجهة عمق حوضه، مما مكّنه من استقبال سفن صخمة لا يستطيع استقبالها أي مرفأ آخر شرقي المتوسط.
  • استقبال مرفأ طرابلس منذ أكثر من عام أضخم سفن منذ نشأته، كباخرة الحاويات الصينيّة nerval

قام وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار ووزير الاقتصاد راوول نعمة، في حكومة تصريف الأعمال اللبنانيّة، بجولة في مرفأ طرابلس، مع رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي، وبحضور المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي.

الوزيران التقيا مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر، وعقدا معه اجتماعاً إنضم إليه النائب فيصل كرامي، جرى خلاله البحث في الوضع الميداني للمرفأ والاطلاع على أوضاعه ومدى جهوزيته في توفير الخدمات العمليّة والسريعة التي تحتاجها حركة النقل التجاري البحري، وإستعداداته لإستقبال السفن المحملة بالمواد الغذائية الى لبنان، وذلك لـ"تغطية الثغرة التي تركها مرفأ بيروت إثر الكارثة التي أصابته جراء الإنفجار الأخير". 

وخلال الجولة أثنى الوزيران نجار ونعمة، على "الأهمية الإستراتيجية لمرفأ طرابلس، بإعتباره شرياناً إقتصادياً حيوياً للبنان"، حيث أكد نجار على أن "التركيز في هذه المرحلة ستكون على طرابلس التي ليست هي عاصمة الشمال، وإنما ستكون العاصمة الإقتصادية لكل لبنان". 

أما نعمة فقد أشار إلى أن لمرفأ طرابلس "قدرة على أن يستوعب نسبة 30% من الحبوب والعلف التي تأتي إلى لبنان، ومن هنا تنبع إلزامية إستثمار هذه النسبة من الإستيعاب في مرفأ طرابلس".

وفي ظل النكبة التي حلّت بالعاصمة بيروت عبر مرفئِها، اقترح مجلس الدفاع الأعلى اعتماد مرفأ طرابلس بديلاً سريعاً لتعويض خسارة مرفأ بيروت الذي دُمر تدميراً كاملاً جراء الانفجار الذي وقع فيه مساء الثلاثاء 4 آب/أغسطس الجاري.

مرفأ طرابلس، يحتوي إمكانات كبيرة، خصوصاً لجهة عمق حوضه، مما مكّنه من استقبال سفن صخمة لا يستطيعها أي مرفأ آخر شرقي المتوسط.

كذلك، فإنّ المساحات البحريّة المفتوحة أمام المرفأ تتيح استقبال أعداد كبيرة من السفن، كما تتيح استدارة سهلة لها.

وفي السنوات القليلة المنصرمة، جُهز مرفأ طرابلس لأول مرة برافعتين ضخمتين، مكنته من تفريغ البضاعة سريعاً من السفن الوافدة إليه، رغم استقباله للسفن الضخمة. 

ويعتقد مصدر مطلع على واقع المرفأ، أنّه "يعوّض سريعاً خسارة مرفأ بيروت بنسبة الربع، نظراً لضعف تجهيزاته مقارنة مع مرفأ بيروت، ولغياب إهراءات حبوب فيه". 

ومنذ سنة ونيف تقريباً، نجحت أولى التجارب التي ارتقبت أنه سيكون لمرفأ طرابلس دوراً كبيراً في المرحلة المقبلة، وتمثل هذا النجاح في استقبال المرفأ لأضخم سفن منذ نشأته 1952، على سبيل المثال باخرة الحاويات الصينيّة nerval التابعة لشركة CMA CGM الصينيّة.

  • تفريغ السفينة "جوانا" في مرفأ طرابلس
  • الباخرة "نيرفال" الصينيّة وهي ترسو في مرفأ طرابلس
  • نقل حاويات بالشحن البري في مرفأ طرابلس

 

واعتبر استقبال المرفأ للسفن الضخمة إنجازاً محليّاً كبيراً في زمن تعاني فيه طرابلس، ثاني أكبر المدن اللبنانيّة، تراجعاً كبيراً في حياتها الاقتصادية والاجتماعية والانمائية، لدخولها سلسلة من الحروب الداخلية لعقود طويلة، وهي التي لعبت دوراً تاريخياً واقتصادياً هاماً أواسط القرن التاسع عشر، وحتى سبعينات القرن العشرين.

الحدث يحمل بعداً محلياً كبيراً، فالسفن التي بدأت ترسو في المرفأ، يناهز طولها الـ300 متر، وعرضها الـ40 متر، حملت كل منها ما يقارب الألف حاوية قادمة من مرافيء الصين، ومن مرافىء آسيوية أخرى.

وكان من المرتقب قبل دخول البلاد أزماتها منذ أواخر الصيف المنصرم، أن يشكل مرفأ طرابلس "محطة ترانزيت"، إذ يستقبل السفن الضخمة، ويتمّ عبره توزيع البضائع والحاويات بكل اتجاه عبر سفن أصغر حجماً، تستطيع موانىء المنطقة من اسقبالها.

وسبق لمدير المرفأ الدكتور أحمد تامر، أوضح بأن "مرفأ طرابلس سيكون المرفأ الأكثر قدرة وملائمة للمرحلة المقبلة، خصوصاً في حركة الإعمار التي كان يفترض البدء بها في سوريا".

ولم ينفِ تامر أن هناك موانىء مجهزة بأعماق أحواض قريبة من الحوض الطرابلسي، لكن موقع طرابلس الاستراتيجي يعطي مرفأها بعداً إقليمياً مميزاً لا يتوافر مع بقية الموانىء، ومنها مرفأ بيروت، ومرفأ بور سعيد الذي استقبل بواخراً من الحجم نفسه.

وتوازياً مع تطوّر الحركة في مرفأ طرابلس، أمل تامر تكراراً أن تتمكن إدارة المرفأ من زيادة عمق حوضه من 15,5 متر إلى 17 متر، ومد رصيفه البالغ حالياً 600 متر طولاً، إلى ما يناهز الـ1100، ما يؤهله لمواجهة مختلف تحديات النقل البحري مستقبلاً، لكن العمل الذي كان مفترضاً الشروع به لتطوير المرفأ لم يبدأ بعد.

وفي ضوء قرار مجلس الدفاع الأعلى، باعتماد مرفأ طرابلس بديلاً لمرفأ بيروت، يفترض أن تبدأ ورشة ضخمة لتجهيزه بالرافعات الضخمة، وتوسيع هنغاراته، وتأهيل مساحاته البريّة، وتأمين طرق مواصلات تستطيع استيعاب حركة النقل البريّة منه وإليه، وهي ورشة تبحث اليوم في إدارة المرفأ، مع المعنيين بالأمر على المستوى الحكومي. 

وكانت غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس قد درست واقع المنشآت في لبنان، ووضعت مشروعاً استثمارياً ضخماً، كان من المفترض أن يبدأ بتوسيع مرفأ طرابلس، لكنه ما زال في أدراج السلطات اللبنانية رغم ما لقيه من استحسان وتجاوب من مختلف دول العالم، واستعداد للمشاركة فيه.

ولطالما دعا رئيس الغرفة توفيق دبوسي، إلى بدء العمل بالمنظومة التي قدمتها الغرفة، لافتاً إلى أن قدرة مرافىء المنطقة "تستطيع تأمين مليوني ونصف مليون حاوية، بينما المنطقة بحاجة لـ60 مليون وهي فرصة استثمارية كبرى للبنان، لو بدأ العمل بتطبيقها". 

كما أن المنظومة تؤمن حركة اقتصادية وفرص عمل من شأنها النهوض الكبير بالبلاد على المستوى الاقتصادي.

المصدر: الميادين نت