فيما تبدو أجواء الاتفاق الإيراني مع مجموعة الخمسة زائداً واحداً إيجابية، تستمر الحرب السعودية على اليمن وهو ما يرى فيه البعض نوعاً من الارتباط المتصل برغبة الولايات المتحدة في فرض توازن ما على المنطقة.
- الولايات المتحدة تلعب الشطرنج على أكثر من رقعة وفي آن للبحث عن فوز
بين اشتعال وترقب
يستوي الشرق الأوسط والأعين على ضفتي الخليج... عين على إيران التي تخوض جولات الحسم
في مفاوضاتها النووية، والسعودية التي تشنّ عاصفة الحزم في جهودها لاستعادة حديقتها
الخلفية... بين هذا وذاك تبدو الولايات المتحدة كمن يلعب الشطرنج على أكثر من رقعة،
وفي آن يرغب في الفوز في كل مكان.
تريد الولايات
المتحدة اتفاقاً مع إيران، يـنهي عقوداً من التوتر حول برنامج طهران النووي. الاتفاق
من وجهة نظر واشنطن سيشكل إنجازاً شخصياً للرئيس باراك أوباما في نهاية ولايته الثانية،
وهو أيضاً فرصة للحسم سلباً أي إمكانية لحصول
الجمهورية الإسلامية على قنبلة نووية...
الطمأنة ووقف
التوتر إنجازان هامان لكن لا شك أن هناك أسباباً أخرى، منها التعاون مع الدولة التي
كانت تشكل ثالث أضلاع محور الشر في إرساء الاستقرار
في المنطقة، وكذلك تأمين مجالات استثمار جديدة، وسوق كبير للتجار الأميركييين.
تعلم واشنطن أن
رفع العقوبات عن إيران من شأنه أن يعطيها مجالاً أكبر لتصبح القوة الأهم في الشرق الأوسط، ولا سيما أن تأثيرها السياسي
والعسكري في العراق وسوريا ولبنان واليمن يجعلها مؤهلة لما هو أكثر... ولأن السعودية حليفة الولايات المتحدة
الأولى في المنطقة، وهي منذ اللحظة الأولى للحديث عن اتفاق إيراني أميركي أبدت خشيتها،
بل وقلقها من أي تقارب بين عدوتي الأمس، قررت واشنطن أنه لا بد من إعادة فرض توازن
ما على خريطة الشرق الأوسط.
كان تقدم أنصار
الله في اليمن مؤشراً على تعاظم تأثير حلفاء طهران في الحديقة الخلفية للرياض... تحركت
السعودية لإقناع من يمكن إقناعه بأهمية تشكيل حلف يواجه هذا التقدم. أما الولايات المتحدة
فرأت في ذلك إحياءاً لمحور الاعتدال المؤيد لها بشكل عملي، وفي آن سعياً لاجتذاب الشارع
العربي المنجرف خلف الجماعات المتطرفة باتجاه جهات أكثر اعتدالاً. لكن الأهم كان أن
السعودية وحلفاءها أعطت الضوء الأخضر لعملية استعادة دورها، فإما أن تنجح وتعيد ترتيب
الخريطة، أو أن تفشل وللفشل تداعيات كبيرة، ولاسيما مع إيران من دون عقوبات دولية.