أبي...بك العبور
كأنّ أدهم يختبىء بين يدي والده يحاول إخفاء تفاصيله الصغيرة المهشمّة. حضور أدهم، البطل الصغير أشبه بعناد محارب.. بثبات وصلابة مقاوم يانع كزهر نيسان.
يومها، استفاق أدهم من حضرة الموت ونهض محدّقا بالأسفلت ثمّ عبَر على وسادة بلّلها العلقم تارة، وتارة أخرى جففتها دميته "البنيّة". يؤرشف ابن السنوات الثلاث صورة وصوت هذا اليوم ويؤرخهما بكل تفصيل حفظه من لحظة احتضان والدته له بعد غياب ثلاثة أشهر.
بصمت يقابلك، وبصمت يحادثك، وبصمت يودّعك
يخبرك أنه في ذالك اليوم، كان هو ومن معه لا يرون إلا أدهم، البطل أدهم والحضور أدهم وعنوان المسرحية أدهم، وحتى صخب الحياة كان أدهم. وفي لحظة، عندما اكتمل الحضور خارج عالمه، انطلقت صافرة العرض وسطع ضوء واهتز عالم أدهم وهوى. نظر حوله في كل انعكاس للصورة وفي ملامح الحضور الذي بات أصماً وابكما: هل أَنا هُو؟َ هل أعجبتكم بطولتي في العرض الأول؟ هل أكمل؟ كيف أكمل وما عاد لمسرحتي عنوان، وصرت أعدّ وأخرج حركات إيمائية تعبر عن ألم ودماء تسيل على الأرض؟
حسام وحده يسمع صوت "قدّيسه"
في وطننا النازف أكثر من حسام يرغب في محو جزء من ذاكرة أولاده وما خزّن فيها من أرشيف لا لون قوس قزحٍ ولا طعم سكاكرَ فيه.
المصدر: الميادين نت