مسجد الهادي في اليمن من أهم معالم مدينة صعدة الأثرية
تقرير مراسل الميادين في اليمن أحمد عبد الرحمن
في الجهة الجنوبية الشرقية لمدينة صعدة القديمة في شمال اليمن يربض جامع الإمام الهادي كأقدم جوامع المدينة وأهمها، حيث يعود تاريخ بنائه إلى العام 290 هجرية، وعلى امتداد الفترات التاريخية لليمن، مثّل الجامع مقصداً لطلاب العلم لاسيما في المواسم الدينية كشهر رمضان الذي يستغله الناس للتجمع في حلقات ذكرٍ وقراءة للقرآن وتدبر آياته.
إمام الجامع قال عن رواية تأسيسه "تشير بعض الروايات إلى أن الإمام الهادي ذات يوم ركب دابته وهو في صعدة القديمة، المطلة على جبل تلمس، وقد رأى نوراً فسار إليه، ولما بلغ ذلك النور التفت وراءه فلم يجد شيئاً، والتفت يمينه، وإذا بنور على يمينه، وهكذا حتى خط هذا المسجد موضع ذلك النور، وانتقلت صعدة القديمة إلى هذا المحل وعمرت صعدة وانتقل معه أبناء صعدة والتجار موضع هذا الجامع المقدس".
بتصميم يعكس في أحد وجوهه جمال العمارة الإسلامية في اليمن تأخذ أحد منارات الجامع مساحة 50 متراً باتجاه السماء، وله قبتان بنيت إحداهما وهي القبة الخضراء على شكل نصف دائرة، كما يقف المسجد على خمسين عمود، وتم تقسيمه بحسب بعض المرويات التاريخية، إلى محرابين يفصل بينهما فناء مكشوف خصص أحدهما للأئمة والآخر للعامة.
يتابع إمام الجامع "في القرن التاسع الهجري قام الإمام شرف الدين بتوسعة هذا المسجد، وأمر ابنه الأمير شمس الدين بتوسعة المسجد، فقام ببناء مرافق متعددة له، وتوسعة احتوت على جناحين، جناح شرقي وجناح غربي ومقدم ومؤخر وكذلك ساحة في وسط هذا المسجد".
تعرض المسجد في فتراتٍ زمنية مختلفةٍ لإهمال الدولة، ما تسبب في إغلاق أبوابه المتعددة طوال أيام الأسبوع باستثناء يوم الجمعة، وبعد عقود من التجاهل لوضعه بدأ مؤخراً العمل على ترميمه كي يستعيد وهجه ومكانته الدينية كجامعٍ ومدرسة ومعلم تاريخي.
يقول إمام الجامع "تعرض لإهمال فترات طويلة من الزمن وما يقرب 45 سنة، إهمال شديد في مرافقه، حتى أن بعض القباب كان قد أصابها الملح، الآن نبدأ في تجديد القباب، وإعادة النقشات الإسلامية الأصيلة لهذا المسجد"..
ويتألف مسجد الهادي من صحن مكشوف في الوسط تحيط به أربعة أروقة أعمقها رواق القبلة، وعده المؤرخون على مدى أكثر من عشرة قرون خلت جامعة علمية ومنار إشعاع فكري وديني وثقافي.
يحتاج التاريخ كهذا المسجد إعادة ترميم الكثير من مراحله المشوهة بفعل اعتداءاتٍ شبيهةٍ إلى حدٍ بعيدٍ، بما تعرضت له أهم معالم هذه المدينة.