السفير البابويّ في لبنان: عقيدة المسيحيين ولدت في هذه المنطقة
للسفير البابوي في لبنان المونسينيور "غابريال كاتشيا" مكانة محببّة في قلوب اللبنانيين ، فهو من السفراء البابوييّن النشطين الذين يعملون بصمت، لزرع بذور المحبة والسلام والحوار بين الأديان تطبيقاً لتعاليم الإرشاد الرسولي و"السينودو"، وهو ما إنفكّ يجول في المناطق اللبنانية دون تمييّز بين منطقة وأخرى في زيارات كنسية ورعوية حتى أنّ منطقة عكار الواقعة في أقصى شمال لبنان، رحّبت في أيار/ مايوعام 2011 بقدوم أول سفير بابوي اليها منذ العام 1979 مستعيداً خطى سَلَفه كارلو فورنو قبل 32 عاماً.
بعبارة "ناطرينك" تستقبل السفارة البابوية (كما كلّ لبنان) في منطقة حريصا ( شرق بيروت) والتي ترتدي حلّة قشيبة إحتفاءً بزيارة قداسة البابا بينديكتوس السادس عشر الى لبنان، حيث يبدو سعادة السفير المونسونيور كاتشيا مع طاقم السفارة في قمة الإنشغال ووضع اللمسات الأخيرة تحضيراً لزيارة "الحبر الأعظم" التاريخية للجمهورية اللبنانية.
وهنا يصف السفير المونسينيور كاتشيا لموقع الميادين الإلكتروني "إنها زيارة دولة وزيارة رعوية في آن وهي استجابة لدعوة موجهة من رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان ، وكذلك لدعوة من البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وتأتي تأكيداً لتعزيز العلاقات الممتازة التي لطالما وجدت بين الكرسي الرسوليّ ولبنان".
وفيما يعود كاتشيا بالتاريخ، تعتبر هذه الزيارة اليوم، الثالثة لحبر أعظم الى لبنان، حيث "سبق أن زاره قداسة البابا بولس السادس في 2 كانون الأول/ ديسمبرعام 1964 حيث توّقف في المطار وهو في طريقه الى الهند، وبعدها كانت زيارة لا تنسى لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني في 10 و11 أيار/مايو عام 1997 التي أعادت لهذه البلاد مكانتها في السينودوس تحت عنوان معبّر وهو" الرجاء الكبير للبنان".
وعن زيارة قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر يقول سعادة السفير "إن السبب الرئيس لها هو التوقيع على الإرشاد الرسوليّ بعد الجمعية الخاصة للشرق الأوسط لسينودوس الأساقفة التذي عقد في الفاتيكان في تشرين الأول / أكتوبر عام 2010 ، والذي وضع النصّ الهام لكلّ المسيحيين، والسلطات الدينية والمدنية، كذلك لأصحاب النوايا الحسنة في الشرق الأوسط والعالم أجمع".
أهمية الزيارة .. بعد الأحداث في المنطقة
ويعددّ سعادته الأسباب الهامة التي تكتنزها هذه الزيارة اليوم، فهي "تحمل أبعاداً عدة: كنسية، إجتماعية، وطنية، إقليمية، وحتى دولية خصوصاً بعد الأحداث التي حصلت منذ عام ونيّف في المنطقة، والتي كانت في صلب إهتمام العالم، ليس فقط على الصعيد السياسي، بل ايضاً بسبب التغييرات التي تحصل على المستوى الثقافي من أجل آفاق جديدة، والأب يحمل بقلبه وصلاته الوضع المأساوي الذي يعاني منه الشعب السوري، وطبعاً إن قداسته قريب دائماً من الذين يعانون والذين همّ ضحايا العنف والقتل التعسّفي".
ويعقّب كاتشيا: "الأب الأقدس يأتي كـ"صديق للإنسان" ليذكّرنا بأن قدرنا أن نعيش معاً وسوياً، وأن هذه الدعوة ترتكز على نظرة التقارب والرعاية تجاه بعضنا البعض.الأب الأقدس يأتي الينا أيضاً كـ"صديق لله "، فلسفة بطرس ليذكّر الجميع بأهمية وجود الله بحياة كلّ واحد منا وليؤكد ايمان المسيحيين بدينهم".
"المنطقة عزيزة على المسيحيّين"
وفي ظلّ ما تشهده منطقة الشرق الأوسط والعالم العربيّ من تغييّرات وأحداث، يؤكد السفير البابوي للميادين نت أن "هذه المنطقة في العالم هي عزيزة على المسيحيين لإن عقيدتهم ولدت فيها ولا تزال، هذه الأرض تباركت بوجود المسيح الذي عبر منطقة صور وصيدا ، كما أخبرنا الإنجيل (المقدّس)، أرض مرّت عليها الرسل الأولى، ووفقاّ لتقليد قديم (للسيّدة) مريم العذراء وكذلك القدّيس بولس، ووفقاً لما نقرأه في وثائق الرسل، فإن هذه الأرض هي أرض شهداء ضحوّا بدمائهم من أجل إيمانهم بعقيدتهم ، أرض النسّاك والرهبان والقديسين ، لهذا فإن هذه الزيارة ستتيح لقداسة البابا بنديكتوس السادس عشر التعرّف عليها، وهي أيضاً عزيزة على المؤمنين من الديانات السماوية الأخرى ،مما يحتّم العيش معاً وتقاسم المصير المشترك ".
ويفنّد سفير الفاتيكان في لبنان لمسيرة "القدّيسين" من القديس "شربل" الى "الحرديني" و "رفقا "وغيرهم ، مشددّا على أن الأبّ الأقدس سيعيد بزيارته ووجوده " الإهتمام والمكانة الخاصة لهذا الجزء من العالم والذي تجلّى عندما عقد" المجمّع الكنسي للأساقفة في الشرق الأوسط "، والحماس الكبير لوصول قداسته ما هو الاّ تعبير عن أهمية المظهر الفكري الذي يكثّف المبادرات على المستوى الشخصي والمشترك مع وقفات صلاة ولقاء بين المسلم والمسيحي، ليبقى لبنان "بلد رسالة للشرق والغرب" كما أسماه سلفه الطوباوي "يوحنا بولس الثاني" .