هل تفرج فرنسا عن المناضل جورج عبد الله قريباً؟

لا يقنط أشهر سجينٍ في أوروبا ولا ترهقه عتمة السجن، وهو يتطلّع دوماً إلى كوّة الأمل، وفي ظلّ ذلك يكفيه أنّ الولايات المتحدة ودول الغرب ومن خلفهما "إسرائيل" تضع كلّ أثقالها لمنعه من تحصيل حريته.
  • يعوّل شقيق جورج عبر الميادين نت على ما صدر من القضاء الفرنسي

لم تضنِ العقود والسنوات العجاف في المعتقل روح المناضل جورج إبراهيم عبد الله، ابن الشمال اللبناني، ولا قوّضت عزيمته، فهو أمسى أيقونة للنضال، بعد 40 عاماً بين القضبان، فقضيته من أطول وأغرب القضايا السياسية في التاريخ الحديث.

وثمّة من يسأل، هل يعقل أن يرضخ القضاء الفرنسي للضغوط الأميركية والغربية و"اللوبيات" الإسرائيلية، بينما تعتبر باريس "عاصمة الحقوق" التي صدر منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تبنّته الأمم المتحدة بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1948.

قرار إفراج جديد؟

قرار إفراجٍ جديد سجّل في منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، الطلب هو الرقم 11 الذي يقبله القضاء الفرنسي منذ سجنه عام 1984، فهل يشكّل بصيص نور لإخراج عبد الله من زنزانته؟

يعوّل شقيقه د. روبير عبد الله على ما صدر من القضاء ويقول لـ الميادين نت: "بعيد صدور قرار الإفراج عنه في الـ 15 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي جرى استئناف القرار، وتحدّدت جلسة الاستئناف في الـ 19 من كانون الأول/ديسمبر، على أن يصدر قرار المحكمة في الـ 20 من شباط/ فبراير المقبل".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ووافقت محكمة فرنسية على طلب إفراج مشروط  عن جورج، كما أفادت "النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب"، مشيرةً إلى أنها ستستأنف القرار.

 وقالت النيابة في بيانٍ إنّ "محكمة تنفيذ الأحكام، سمحت بحصول جورج إبراهيم عبد الله على إفراج مشروط ابتداء من 6 كانون الأول/ديسمبر المقبل بشرط مغادرة الأراضي الوطنية وعدم العودة إليها".

واشنطن تتخذ صفة الادّعاء الشخصي!

لا يقنط أشهر سجينٍ في أوروبا ولا ترهقه عتمة السجن، وهو يتطلّع دوماً إلى كوّة الأمل، وفي ظلّ ذلك يكفيه أنّ الولايات المتحدة ودول الغرب ومن خلفهما "إسرائيل" تضع كلّ أثقالها لمنعه من تحصيل حريته.

وهنا يقول شقيقه روبير إنّ "الولايات المتحدة الأميركية تتخذ صفة الادّعاء الشخصي ضدّ جورج. ولديها نفوذ، سواء في فرنسا أم في لبنان".

ويقول: "هي مسألة تحطيم البعد الرمزي للمناضل جورج عبد الله. من هنا جاءت المبالغة في المذكّرة الأميركية المرسلة إلى المحكمة، إذ اعتبرت أنّ الإفراج عنه يؤدّي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ماذا في المعطيات المساعِدة لتنفيذ قرار الإفراج؟

يؤكّد روبير على جدوى قرار حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، الذي طالب الحكومة الفرنسية حرفياً في حزيران/يونيو الماضي بـ "استعادة جورج إبراهيم عبد الله لأنه أنهى محكوميّته"، وقد علمنا لاحقاً أنّ القرار صدر بالإجماع".

وإذ يؤكّد أنّ "متابعات تجري في هذا السياق، فإنّ العائلة توقّفت بإيجابية عند هذا القرار، وتدعو ولا تزال إلى متابعة تنفيذه".

  • يتابع المناضل عبد الله ما يجري في لبنان والمنطقة من معتقله

وفي الإطار الرسمي، طالب وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال، القاضي محمد وسام المرتضى، "بتوجيه طلب إلى السلطات الفرنسية لإطلاق سراح المناضل اللبناني جورج عبد الله، الذي انتهت محكوميّته في السجون الفرنسية، والمتمادي اعتقاله فيها بصورة غير قانونية".

وجاء طلب وزير الثقافة، بعد مطالبة السلطات الفرنسية، عبر وزارة العدل في لبنان، بتسليمها مواطناً جزائرياً فرنسياً من أجل محاكمته أمام القضاء الفرنسي.

أما في المجالين الحزبي والشعبي، فيقول شقيقه "هناك جانبان إنساني، حقوقي ونضالي، فمن الناحية الإنسانية الحقوقية، ثمّة إجماع لبناني على رفض الظلم الذي لحق به، واستهجان لتجاوز الإدارة الفرنسية قراراتها القضائية. أما على المستوى السياسي والنضالي فالأمر مرتبط بطبيعة الاتجاهات الحزبية والسياسية في لبنان".

وخلال ذلك يتابع المناضل عبد الله ما يجري من معتقله، وهو على اتصال شبه دائم بالعائلة، ويكشف شقيقه أنه "بمرور الزمن يزداد اهتمامه بالتفاصيل اليومية وبالأوضاع المعيشية والحياتية، ولا سيما ما يتصل بالشؤون الصحية للكبار".

جورج لا يغفل القضايا الكبرى

وهو إلى ذلك، لا يغفل القضايا المبدئية الكبرى، معبّراً بالطبع "عن تضامنه الدائم مع الشعبين اللبناني والفلسطيني، وهو يستنكر الارتباكات والمجازر" التي يقوم بها الاحتلال.

ويوضح أنّ "ما يحدث، مع الأسف، تجاوز مسألة التطبيع (مع الاحتلال)، وخصوصاً بعد دخول "الجيش" الإسرائيلي إلى سوريا. هناك يبدو في الوقت الراهن أنّ التنافس بات بين قوى مطبِّعة وأخرى في طريقها إلى التطبيع. أما عن النضال ونجاعته، فتلك مسألة تتعلّق بالموقف المبدئي من الظلم والاحتلال وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها".

ويؤكّد روبير عبد الله أنه "بين حقّ القوة وقوة الحقّ سجال لا ينتهي، وجورج من المناضلين الذين أمضوا العمر دفاعاً عن القضايا المحقّة".

تاريخ من النضال

-جورج عبد الله من مواليد 2 نيسان/أبريل 1951 في القبيات في قضاء عكار شمالي لبنان. تخرّج في عام 1970 من دار المعلمين في الأشرفية، بيروت.

-ناضل في صفوف الحركة الوطنية اللبنانية، ثمّ التحق بالمقاومة الفلسطينية وكان عضواً في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

-جُرح أثناء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978.

-أحدث العدوان الإسرائيلي المتمادي في ظلّ الصمت العالمي الذي بلغ حدّ التواطؤ، ولا سيما مع عدوان العام 1982 الشامل على لبنان، ثورة عارمة في نفوس الكثير من المناضلين اللبنانيين والعرب الذين اندفعوا يجوبون دول العالم في محاولات منهم لملاحقة الإسرائيليين رداً على الخسائر الفادحة التي لحقت بالشعب العربي.

اقرأ أيضاً: المناضل جورج عبد الله عبر"الميادين نت": أيّ حراك لا تكون بوصلته فلسطين هو فاقد لرشده السياسي

-كان جورج عبد الله واحداً من تلك المحاولات الكفاحية، في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1984 اعتقلته السلطات الفرنسية، بعد أن لاحقته في مدينة ليون الفرنسية مجموعة من الموساد وبعض عملائها اللبنانيين. ولم تكن السلطات الفرنسية، الأمنية والقضائية تبرّر اعتقاله بغير حيازة أوراق ثبوتية "غير صحيحة" تبيّن أنها جواز سفر جزائري شرعي.

  • يؤكد المناضل عبد الله أن بين حقّ القوة وقوة الحقّ سجال لا ينتهي

الاتهامات التي طالت جورج عبد الله

-  شبهة تأسيس "الفصائل المسلّحة الثورية اللبنانية" والتخطيط لمجموعة من العمليات أبرزها:

محاولة اغتيال كريستيان أديسون تشابمان، المسؤول الثاني في السفارة الأميركية في فرنسا، في 12 تشرين الثاني/نوفمبر1981.

اغتيال الكولونيل تشارلز راي، الملحق العسكري في السفارة الأميركية في فرنسا، في 18 كانون الثاني/يناير 1982.

اغتيال ياكوف بارسيمنتوف، السكريتير الثاني للسفارة الإسرائيلية في فرنسا، في 3 نيسان/أبريل 1982.

تفخيخ وتفجير سيارة رودريك غرانت، الملحق التجاري في السفارة الأميركية في فرنسا، في 22 آب/أغسطس 1982.

اغتيال الدبلوماسي الأميركي ليمون هانت، المدير السابق للقوات الدولية في سيناء، في 15 شباط/فبراير 1984.

محاولة اغتيال القنصل العامّ للولايات المتحدة الأميركية في ستراسبورغ، روبرت أونان هوم، في 26 آذار/مارس 1984.

انتهت مدة سجن عبد الله عام 1999 وحصل على حكم بالإفراج المشروط عام 2003، لكنّ جميع القرارات التي تجاوز عددها الـ 10 لقيت رفضاً بخروجه بسبب التدخّلات الأميركية.

 

 

المصدر: الميادين نت