العقوبات والقيود على المساعدات المقدمة إلى سوريا تهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية فيها

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تؤكد أن "صعود الجماعات التي أطاحت الأسد يهدّد بتفاقم الأزمة الإنسانية التي فجّرتها الحرب الأهلية"، ورأت أن من غير المرجّح أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات فورية لرفع العقوبات.
  • القيود المفروضة على المساعدات المقدّمة إلى سوريا تهدّد بتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد

أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن "صعود الجماعات المتمردة التي أطاحت (بحكم الرئيس السوري السابق بشار) الأسد يهدّد بتفاقم الأزمة الإنسانية التي فجّرتها الحرب الأهلية".

وأشارت الصحيفة إلى أنَّ أي حكومة جديدة سترث العقوبات التي فرضتها دول من مختلف أنحاء العالم على سوريا في ظل حكم الرئيس السابق، والتي أدت إلى إعاقة اقتصادها، وهو ما من شأنه أن يقيّد بشدة التمويل اللازم لإعادة إعمار سوريا ويحدّ من المساعدات المقدّمة للمدنيين ما لم يتحرّك المجتمع الدولي لرفعها.

ورأت أن من غير المرجّح، مع اقتراب إدارة بايدن من الرحيل الشهر المقبل وعدم تشكيل إدارة ترامب بعد، أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات فورية لرفع العقوبات ورفع تصنيف هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية. ومن المرجح الآن أن تستمر في الاعتماد على الاستثناءات الإنسانية لدعم المدنيين السوريين.

وشدّدت على أنّ العقوبات المفروضة على نظام الأسد ليست التحدي الوحيد الذي قد يعوق القادة الجدد للبلاد في الوقت الذي تكافح سوريا لإيجاد موطئ قدم لها، مشيرةً إلى أن "هناك مشكلة رئيسية ثانية تزيد من تعقيد القضية، فالفصيل الرائد في شبكة المتمردين التي أطاحت الأسد، هيئة تحرير الشام، مصنّف منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة وغيرهما".

وأكدت أن "هذا التصنيف يعني أن أيّ حكومة تديرها الجماعة لا يمكنها حتى الآن الحصول على مساعدة لإعادة الإعمار، ويضيّق بشكل أكبر المسارات المتاحة للدول التي تحاول إرسال المساعدة إلى سوريا".

ونقلت عن أليكس زردن، وهو زميل بارز في مركز الأمن الأميركي الجديد عمل سابقاً في مجال الإرهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة الأميركية، قوله: "سوريا واحدة من أكثر الدول التي تخضع لعقوبات شاملة في العالم، وهي تواجه تصنيفات أخرى وضوابط تصدير تؤثر بشكل مباشر في النشاط الاقتصادي هناك، بما في ذلك المساعدات الإنسانية". وأضاف: "نتيجة للتشابك بين القيود، من الصعب للغاية توفير المساعدات الإنسانية في سوريا مقارنة بالدول الأخرى".

ولفتت إلى أن هناك اتفاقاً واسع النطاق في المجتمع الدولي على أن سوريا تحتاج بشدة إلى المزيد من المساعدات، وهناك بعض الجهود جارية لمساعدة السوريين المحتاجين، على الرغم من التحديات التي تفرضها العقوبات وغيرها من العقبات، وقالت بريطانيا يوم الأحد إنها سترسل 50 مليون جنيه إسترليني أو 63.5 مليون دولار، كمساعدات إنسانية جديدة للنازحين في سوريا واللاجئين السوريين في لبنان والأردن. ويوم الأربعاء، قالت ألمانيا إنها سترسل 8 ملايين يورو (نحو 8.4 ملايين دولار) للمساعدات الإنسانية.

ورأت أن مثل هذه المساهمات لا تمثل سوى جزء ضئيل من الأموال مقارنة بما تحتاجه سوريا لإعادة البناء بعد أكثر من عقد من الحرب. وفي حين توجد بعض الاستثناءات الإنسانية، يقول الخبراء إن المحظورات الأوسع نطاقاً لا تمنع المساعدة للحكومة الجديدة فحسب، بل إنها تكبح أيضاً المساعدات المقدّمة للمدنيين وتهدّد فرص استقرار سوريا.

وأضافت: "منذ إطاحة الأسد، كان هناك نقاش دولي متزايد حول رفع تسمية الإرهاب عن هيئة تحرير الشام إذا التزمت بتعهّداتها بدعم العملية الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. وتحظى هذه النظرة ببعض الدعم في دوائر السياسة الخارجية الأميركية"، داعياً الولايات المتحدة إلى التعامل بشكل مباشر مع هيئة تحرير الشام.

واعتبرت أن "الوقت يشكّل ترفاً لا يتمتع به العديد من المدنيين السوريين الذين يحتاجون إلى مساعدة فورية".

يذكر أن كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي قالوا في اجتماع في بروكسل مؤخراً إنهم "يريدون ضمانات من أعضاء الحكومة السورية المؤقتة بأنهم يستعدون لمستقبل سياسي سلمي، يشمل جميع الأقليات"، لرفع العقوبات عن سوريا وبدء تقديم المساعدات إلى الدولة.

وأعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاجا كالاس، أنّ الاتحاد لن يرفع العقوبات عن سوريا "قبل أن يضمن أنّ حكّامها الجدد لن يضطهدوا الأقليات، وسيحمون حقوق المرأة، داخل حكومة موحّدة تنبذ التطرّف الديني".

اقرأ أيضاً: "أن بي سي" عن مسؤولين أميركيين: إدارة بايدن تدرس رفع "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب

المصدر: صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية