فرنسا: "أقاليم ما وراء البحار" تفتتح الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية

سكان "أقاليم ما وراء البحار" التي تسيطر عليها فرنسا يبدأون الإدلاء بأصواتهم، اليوم السبت، في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، التي تحظى بترقّب واهتمام غير مسبوقين، مع صعود أقصى اليمين.
  • ناخب في "سانت بيار وميكلون" يدلي بصوته خلال الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، في الـ29 من الشهر الماضي (أ ف ب)

بدأ سكان "أقاليم ما وراء البحار" التي تسيطر عليها فرنسا الإدلاء بأصواتهم، اليوم السبت، وذلك في الدورة الثانية والأخيرة من الانتخابات التشريعية التي وُصفت بـ"التاريخية"، والتي تترقّب عواصم عديدة نتائجها، مع صعود أقصى اليمين، في مقابل تشكّل "جبهة جمهورية" ضدّه.

والناخبون في أرخبيل "سان بيار وميكلون"، الواقع في شمالي المحيط الأطلسي، هم أول المتوجّهين إلى صناديق الاقتراع، وذلك بدءاً من الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت غرينتش (الثامنة بتوقيت سان بيير، والحادية عشرة بتوقيت باريس).

وفي الدائرة الوحيدة في هذا الإقليم، يتنافس مرشّح ينتمي إلى اليمين، وآخر اشتراكي.

وبعد "سان بيار وميكلون"، سيتوجّه الناخبون في "غوايانا الفرنسية" (في الساحل الشمالي لأميركا الجنوبية) و"الأنتيل" (في البحر الكاريبي)، إلى صناديق الاقتراع.  

كما سيدلي فرنسيّو أميركا الشمالية بأصواتهم، بالإضافة إلى الناخبين في "بولينيزيا الفرنسية" (في جنوبي المحيط الهادئ)، ثم "كاليدونيا الجديدة" (في جنوبي المحيط الهادئ أيضاً، وشهدت توترات خلال الشهر الماضي)، خلال فترة المساء.

أما الناخبون في داخل فرنسا، وأولئك في "أقاليم ما وراء البحار" الأخرى التي تسيطر عليها فرنسا، فسيدلون بأصواتهم غداً الأحد.

بين القلق والأمل.. ترقّب لنتائج الانتخابات

نادراً ما أثارت انتخابات تشريعية في فرنسا قدراً مماثلاً من القلق لدى البعض، وسط تخوّف من فوز أقصى اليمين بالأغلبية المطلقة، والأمل لدى آخرين يريدون منحه الحكم عبر التصويت لحزب "التجمّع الوطني"، برئاسة جوردان بارديلا (28 عاماً)، الذي يسعى لرئاسة الحكومة.

وفي حال فوز أقصى اليمين بالأغلبية المطلقة، فإنّ توليه رئاسة الحكومة سيمثّل سابقةً في فرنسا، منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعدما تصدّر أقصى اليمين النتائج في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الأسبوع الماضي، فإنّ استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أنّ "التجمّع الوطني"، الذي تتزعّمه مارين لوبان، لن يحظى بالأغلبية المطلقة، أو سيواجه صعوبةً في الحصول عليها.

ووجدت الاستطلاعات التي أُجريت قبل ساعات من اختتام الحملات الانتخابية أنّ ثمة تقارباً بين حظوظ الكتل الثلاث: "التجمّع الوطني" وحلفاؤه في أقصى اليمين، تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" الذي يضمّ أحزاباً وقوى يساريةً بينها حزب "فرنسا غير الخاضعة" بزعامة جان لوك ميلانشون، ومعسكر رئيس اليمين إيمانويل ماكرون "الماكرونيين" في يمين الوسط.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

بناءً على ذلك، فإنّ الانتخابات التشريعية ستفضي إلى تشكيل جمعية وطنية يحصل فيها أقصى اليمين على ما يتراوح بين 170 و210، وهي أقل من العدد المطلوب لتحقيق الأغلبية المطلقة، والتي تحتاج إلى الفوز بـ289 مقعداً، بحسب نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة.

ووفقاً لها، ستأتي "الجبهة الشعبية الجديدة" في المرتبة الثانية، مع حصولها على ما يتراوح بين 155 إلى 185 مقعداً، يليها معسكر ماكرون، الذي يُرجّح حصوله على ما يتراوح بين 95 و125 مقعداً.

وعليه، يكون احتمال قيام جمعية وطنية "منقسمة ومعطّلة" قائماً وبقوة، وهو سيناريو من شأنه أن "يُغرق فرنسا في المجهول"، ويجعلها "بلداً يتعذّر حكمه"، بينما تستعدّ لاستقبال دورة الألعاب الأولمبية في الـ26 من تموز/يوليو الحالي، وحتى الـ11 من آب/أغسطس المقبل.

أما إذا خالفت النتائج التوقّعات، وحصل فيها أقصى اليمين على الأغلبية المطلقة بعد تحقيقه فوزاً ساحقاً في انتخابات البرلمان الأوروبي، فإنّ بارديلا سيصبح أصغر رئيس حكومة فرنسية، وسيكون ضمن إجراءاته تطبيق مشروع مناهض للهجرة، يروّج له حزبه منذ عقود.

وقد ينتج فوز أقصى اليمين تعايشاً غير مسبوق بين رئيس مؤيد للاتحاد الأوروبي، وحكومة معادية له. ومن شأن هذا الأمر أن يطلق شرارة خلافات بشأن صلاحيات رئيسَي السلطة التنفيذية، وخصوصاً في المسائل المتعلقة بالدبلوماسية والدفاع.

تجاذبات عشية الدورة الثانية من الانتخابات

منذ قرار الرئيس الفرنسي المفاجئ بحلّ الجمعية الوطنية، بعد فشل معسكره في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في الـ9 من حزيران/يونيو، أكدت التطورات التي تعيد تشكيل المشهد السياسي الفرنسي صعود "التجمّع الوطني"، الذي يأمل الوصول إلى السلطة.

لكن المخاوف من قيام حكومة برئاسة أقصى اليمين أفضى، بعد مفاوضات شاقة، إلى تشكيل "جبهة جمهورية" جديدة، مع انسحاب نحو 210 مرشحين من اليمين ويمين الوسط واليسار، بهدف قطع الطريق أمام مرشحي "التجمّع الوطني" في الدورة الثانية.

إزاء ذلك، ندّدت لوبن بتشكيل "حزب واحد" يجمع "الذين يريدون البقاء في السلطة، بخلاف إرادة الشعب"، بحسب ما صرّحت به.

في المقابل، حذّر رئيس الحكومة، غابريال أتال من أنّ "الخطر اليوم يتمثّل في غالبية يهيمن عليها أقصى اليمين"، معتبراً أنّ هذا الأمر سيكون "كارثياً".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وتحدّث أتال، أمس الجمعة، عن احتمال حصول "عرقلة سياسية (من قِبل أقصى اليمين)"، مؤكداً أنّ بإمكان حكومته "ضمان استمرارية الدولة للوقت اللازم إذا لم تنبثق أغلبية واضحة عن صناديق الاقتراع، من خلال تصريف الأعمال في انتظار تشكيل حكومة جديدة".

وفي خضمّ التجاذبات الذي تعيشها فرنسا عشية الانتخابات، حذّر العضو اليساري في البرلمان الأوروبي، رفاييل غلوكسمان، من "تراجع عزيمة الناخبين"، مؤكداً أنّه "لا يمكن استبعاد احتمال تحقيق أقصى اليمين الأغلبية المطلقة". وغلوكسمان هو مؤيّد للتحالف اليساري، على الرغم من معارضته "فرنسا غير الخاضعة".

اقرأ أيضاً: كيف يبدو المشهد الفرنسي عشية انتخابات الدورة الثانية.. ما هي الخيارات المتوقعة؟

المصدر: وكالات + الميادين نت