مندوب السودان لدى الأمم المتحدة يحمّل الإمارات مسؤولية استمرار الحرب
شهدت جلسة مجلس الأمن سجالاً حاداً بين مندوبي السودان والإمارات لدى الأمم المتحدة، وتبادلاً للاتهامات بشأن تأجيج الصراع.
وخلال جلسة للمجلس بشأن الوضع الإنساني في السودان، مساء الثلاثاء، حمّل مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، الإمارات مسؤولية ما يحدث في بلاده، مطالباً إياها برفع دعمها اللامحدود عن قوات "الدعم السريع".
كما قدّم إدريس مذكّرة تتضمّن أدلة تثبت تورّط الإمارات في الحرب من خلال الدعم الذي تقدّمه لـ"الدعم السريع"، تشمل بيانات خاصة تتعلق بتقديم أسلحة وتجهيزات ومسيّرات، بالإضافة إلى ضبط 6 جوازات سفر إماراتية وُجدت لدى عناصر "الدعم السريع"، مطالباً بإدانة الإمارات وبرفع يديها عن السودان.
وجدّد مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس خلال حديثه في الاجتماع اتهامه لدولة الإمارات بدعم "مليشيات الدعم السريع" قائلاً إن حكومة بلاده تملك أدلة على ذلك.
وأضاف أنه "عندما كان السودان يدعم الدول وحركات التحرّر؛ لم تكن الإمارات مذكورة في التاريخ ولا في خارطة العالم.. نحن نعلم شرّها ونحن الذين أسّسنا مجدها ونهضتها وتراثها الحديث بأذرعنا وملكاتنا العقلية".
وقال الحارث: "أرجو من مجلسكم الموقّر أن يتداول بشجاعة الخطوة الأخيرة؛ وهي ذكر الإمارات وإدانتها حتى تتوقّف الحرب في السودان (...) من يريد صنع السلام في السودان عليه أن يأتي بقلب سليم".
وشدّد إدريس على أن "دولة الإمارات هي التي ترعى الإرهاب المنمذج والعرقي في السودان وأثبت ذلك تقرير لجنة الخبراء منذ ديسمبر 2023".
وأردف: "حشدنا لكم كل البيانات والدلائل والصور ورفعناها إلى مجلسكم الموقّر لكي تناقش، لكن دولة الإمارات بفعلها وشرّها عرقلت الاجتماع بصيغته المطلوبة حتى يتخذ مجلسكم، كما قلت لكم، مشي مسافة الميل المتبقّي، وهو إدانة دولة الإمارات في عدوانها. إن دولة الإمارات مدانة والمدان لا يكون شريكاً في السلام".
بدوره، نفى مندوب الإمارات لدى الأمم المتحدة، محمد أبو شهاب، اتهامات المندوب السوداني ووصفها بأنها "سخيفة"، وقال إن السفير السوداني "يمثّل القوات المسلحة السودانية وهي أحد أطراف الصراع في السودان".
يشار إلى أنه قبل يومين، دعا السودان مجلس الأمن لأن تشمل العقوبات الخاصة بدارفور دولتي الإمارات وتشاد باعتبارها "دولاً ضالعة في انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة"، إذ تدعم وتُسلّح "المليشيات الإجرامية".
وكان سفير روسيا لدى السودان، أندريه تشيرنوفول، قال إن "قوات الدعم السريع ارتكبت مجموعةً من الفظائع والجرائم، التي تمّت إدانتها من قبل حلفائهم الغربيين، وهذا الأمر يُسهّل التخلّص منهم في المستقبل القريب وبكلّ سهولة".
من جهتها، قالت مديرة العمليات والإغاثة في مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إيديم ووسورنو، إن "هناك نقصاً كبيراً في الإمدادات والتمويل ينذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية"، وأشارت إلى أنّ "هذه الإحاطة هي الـ12 منذ اندلاع الصراع في السودان وفي كل مرّة تحذّر من التدهور المتواصل لأوضاع السودانيين".
كما لفتت إلى الانتهاكات التي يرتكبها الدعم السريع من دون أن تسمّيه، وقالت إنّ "القصف يستمرّ على المناطق المكتظة بالسكان ملحقاً الضرر طويل الأمد بالمدنيين، كما أنّه يؤدي إلى تعطيل الخدمات الأساسية بشكلٍ كبير".
وذكرت ووسورنو أنّه وفقاً لمنظمة "أطباء بلا حدود"، أُصيب أكثر من 1300 شخص في الفترة من 25 أيار/مايو الماضي إلى 6 حزيران/يونيو الجاري في الفاشر غرب السودان.
وتابعت أنّ الاعتداء المؤسف على المستشفى الجنوبي يوم 8 حزيران/يونيو الجاري، أجبر المرضى والموظفين على الفرار للنجاة بحياتهم، وبعدها جرى نهب المستشفى ولم يعد يعمل.
كما أشارت إلى أنّ 430 يوماً مضت على الحرب في السودان الأمر الذي جعل حياة السودانيين جحيماً لا يُطاق، مردفةً أنّه "لا بدّ وأنّكم تابعتم تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بشأن هجوم قوات الدعم السريع في قرية ود النورة في ولاية الجزيرة في 5 حزيران/يونيو الجاري، وهذا الهجوم المروّع أودى بحياة أكثر من 100 شخص، بينهم عشرات الأطفال".
وقالت إنّ "القصف العشوائي يستمر في إفساد الحياة اليومية لملايين الأشخاص في ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة وإلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية المتبقّية.
ووفقاً للتقرير السنوي للأمين العام عن الأطفال والصراعات المسلحة، ارتفعت الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في السودان بنسبة مذهلة بلغت 480% من نحو 300 انتهاك في العام 2022 إلى أكثر من 1700 انتهاك في العام 2023.
ويطالب القانون الإنساني الدولي أطراف الصراع باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين أثناء الأعمال العدائية. كما يحظر بشكلٍ صارم العنف الجنسي وأي معاملة غير إنسانية.
وفي وقتٍ سابق، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" من أن "مستقبل أكثر من 24 مليون طفل سوداني في خطر، بسبب الكارثة الإنسانية التي تشهدها البلاد منذ نيسان/أبريل 2023".