رئيس يمني سابق للميادين نت: أرسلنا سلاح دفاع جوي إلى لبنان عام 1982
ينظر الرئيس اليمني ورئيس الحكومة الأسبق علي ناصر محمد (1971 – 1985) إلى ما يجري في وطنه والمنطقة العربية والعالم، بعين الخبير بما يحاك ويدبّر، كيف لا وهو ابن البلد العربي الهام تاريخياً وسياسياً وجغرافياً وجيوسياسياً..
يومها يسجّل لمحمد وقيادته، سحب بطارية الدفاع الجوي من مطار عدن وإرسالها إلى لبنان خلال عدوان 1982 للدفاع عن المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وفق ما كشفه للميادين نت.
وكأن التاريخ يعيد نفسه، اليوم فيكتب لليمن ولبنان أن يكونا في صفوة جبهة الإسناد لغزة وفلسطين.
دعم دائم للقضية الفلسطينية: حتى تحقيق النصر
محمد الذي شغل عدة مناصب سياسية وحزبية، أسس بعد لجوئه إلى دمشق عام 1990، "المركز العربي للدراسات الاستراتيجية"، ومراكز بحثية أخرى هامة، وله مؤلفات عديدة، وبعدها انتخب رئيساً للجنة "الانتفاضة الفلسطينية ومقاومة المشروع الصهيوني".
في عام 2022 انتخب رئيساً لـ "مجموعة السلام العربي" التي عَقدت مؤتمرها التأسيسي في جامعة الدول العربية بحضور مفكّرين ومثقّفين وسياسيين من مختلف أنحاء الوطن العربي في الداخل والخارج.
انكفاء محمد عن السياسة، لم يبعده عن المواقف الوطنية والقومية العربية، ناهيكم عن التفاعل مع أحرار العالم، وهو أكد أمس الخميس بعد لقاء السفير الإيراني في بيروت على "دعم القضية الفلسطينية حتى تحقيق النصر بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس"، وقدّم التعازي برحيل والدة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لمسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف.
"الميادين نت" التقى الرئيس اليمني الأسبق وكان هذا الحوار:
1- بصفتكم رئيساً سابقاً لليمن، كيف تنظر إلى نهضة أدمغة الشعب الفتيّ الذي اجتاز كل المطامع؟
نحن نعتزّ بشعبنا اليمني العظيم عبر التاريخ فعلى أكتافه انتشرت الدعوة الإسلامية في صدر الإسلام في العالم شرقاً وغرباً. وكان الشعب اليمني عصيّاً على الطغاة والغزاة عبر التاريخ كالأحباش والأتراك والبرتغاليين، والفرنسيين والبريطانيين وغيرهم.
واليمن اليوم هو امتداد لهذا التاريخ المجيد والمشرّف.
2- اليمن اليوم، يعطي العالم دروساً، ما أهمية هذا البلد لفلسطين رغم بعده عنها أكثر من 2000 كلم؟
نحن نحيّي شعبنا اليمني، إن دروس يمن العزة والكرامة والنضال والكفاح ليست جديدة على شعبنا الأبي، وهو على الرغم من محنته ومأساته من جرّاء الحرب العبثية إلّا أنه أبى إلّا أن يقف إلى جانب صمود غزة لأكثر من 8 أشهر.
الشعب اليمني اليوم يبذل الغالي والنفيس ويقدّم التضحيات بسبب وقوفه مع كفاح الشعب الفلسطيني، وقد أثبتت غزة والمدن الفلسطينية أنها خط الدفاع الأول عن الأمة العربية والإسلامية والمقدّسات في وجه المشروع الصهيوني وآلته الإجرامية..
أهمية اليمن، تجعل القوى الطامعة تدرك ما لموقعه الجغرافي الاستراتيجي وثرواته الكبيرة من أهمية بالغة، وهذا ما يدفع القوى الإقليمية والدولية الى التكالب عليه.
3- ما هي المخاوف التي تهدّد اليمن اليوم؟
ما يهدّد اليمن اليوم هو استمرار الحرب التي دخلت عامها العاشر وأدت إلى تدمير الدولة ومؤسساتها. ونحن طالبنا منذ اليوم الأول للحرب وما زلنا نطالب بوقفها ودعم مسار السلام واستعادة الدولة والحفاظ على وحدة اليمن، ونقول إن في استقرار اليمن استقرار للمنطقة بل وللعالم.
4- بعد دخول الهدنة بين التحالف السعودي وحكومة صنعاء حيّزَ التنفيذ عام 2022، إلى أين يتجه اليمن؟
لقد باركنا إعلان الهدنة ونحن نؤيّد كلّ الجهود التي بُذلت من قبل سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية وحكومة صنعاء والمبعوث الأممي هانس غريندبيرغ، ولكننا نرى أن الحل هو بوقف دائم للحرب واستعادة الدولة والحفاظ على وحدة اليمن أرضاً وشعباً.
5- لو كنتم في سدّة الرئاسة اليوم، ماذا كنتم ستفعلون لغزة المكلومة وأهلها؟
عندما كنّا في سدّة الرئاسة، وقفنا كقيادة وشعب إلى جانب الشعب الفلسطيني وقدّمنا جميع أشكال الدعم المادي والمعنوي الى فلسطين. بل عمدنا إلى سحب بطارية الدفاع الجوي من مطار عدن وأرسلناها إلى لبنان للدفاع عن المقاومة الفلسطينية واللبنانية في مواجهة الطيران الإسرائيلي عام 1982 أثناء اجتياح لبنان.
واستقبلنا أكثر من 5000 مقاتل خرجوا من لبنان قسراً بعد اجتياح "إسرائيل" عام 1982.
نحن لا نَمُنن الشعب الفلسطيني ولا الشعب اللبناني بهذا الدعم، وإنما نعتبره واجباً قوميّاً تجاه تضحيات المقاومة وصمودها ومقاومتها للاحتلال.
وسواء كنا في السلطة كما أشرتم، أو خارجها فإن موقفنا هو تقديم ما نستطيع من أنواع الدعم لغزة الصامدة، ولكن بغيابنا حاضراً عن السلطة في اليمن، فإن شعبنا والقيادات المخلصة تقوم بهذا الدور المشرّف.
6- هل يبارك الرئيس علي ناصر محمد جبهة الإسناد اليمنية لغزة؟ وماذا عن دورها وفاعليتها؟
نحن مع أي جبهة لدعم غزة، سواء كان في اليمن أو خارجه. كرئيس لـ "مجموعة السلام العربي" التي تشكّلت من شخصيات فكرية وثقافية وسياسية بارزة في الوطن العربي، فإننا أعلنّا وقوفنا أكثر من مرة إلى جانب غزة والقضية الفلسطينية حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
7- ماذا تقولون لقادة الدول العربية؟ وهل دحض ما يجري في غزة ادعاءات إيجابيات التطبيع مع العدو؟
مع الأسف، إن الموقف الرسمي والشعبي العربي كان ولا يزال دون المستوى المطلوب لدعم غزة والقضية الفلسطينية. وصوت الشعوب وطلاب الجامعات في العالم لمساندة القضية الفلسطينية كان أعلى من صوت الموقف الرسمي والشعبي العربي مع الأسف، حسبي الله ونعم الوكيل.
8- قالها جمال عبد الناصر "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة"، إلى أي مدى تثبت الأحداث مصداقيته؟
لقد قال الرئيس الراحل الخالد جمال عبد الناصر إن ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، وهذا صحيح. والزعيم عبد الناصر كان قد جسّد ذلك قولاً وفعلاً، ووقف إلى جانب القضية الفلسطينية في بداية حياته عندما كان ضابطاً في معركة الفالوجة عام 1948 وحتى وفاته في 28 أيلول/سبتمبر 1970.
وقد ودّع الحياة في ذلك اليوم المشؤوم بعد أن ترك الرؤساء والملوك الذين شاركوا في القمة الخاصة لفلسطين بعد أحداث أيلول/سبتمبر في الأردن عام 1970.
مصر كانت وما زالت قلب العروبة النابض وضحّت من أجل القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية والإسلامية، فعندما تنهض مصر تنهض الأمة العربية من المحيط إلى الخليج..
9- زرتم لبنان، كيف تقيّمون واقع حال جبهة الإسناد اللبنانية لأهل غزة؟
لقد زرت لبنان التاريخ والحضارة أكثر من مرة، وتعرّفت الى شعبه عن قرب، والتقيت بقادته ومثقّفيه وقادة أحزابه الذين يقفون إلى جانب غزة والقضية الفلسطينية. ونحن نؤيد ونساند جبهة الإسناد اللبنانية لأهلنا في غزة، ونحيي صمودها وتضحياتها الغالية في سبيل حماية الأراضي اللبنانية ودعم صمود شعبنا الفلسطيني في غزة والمدن الفلسطينية.. فلبنان شعباً وحكومة قدّم تضحيات كبيرة واحتضن الآلاف من الفلسطينيين وقدّم أشكال الدعم كافة لهم وهو يدفع ثمن الموقع والموقف تاريخياً..
اقرأ أيضاً: كاميرا الميادين تجول حيث نشر الاحتلال مشاهد لعناصر المقاومة جنوبي لبنان (فيديو)
10- هل يمكن القول إن العد العكسي بدأ للكيان الإسرائيلي؟
لقد كسرت غزة الصامدة هيبة الكيان الصهيوني و"جيشه" الذي كان يدّعي أنه "جيش" لا يقهر، وألحقت به الهزيمة والخسائر العسكرية والبشرية والنفسية والاقتصادية التي تفوق كل خسائره في معاركه مع العرب منذ 1948 وحتى اليوم.
ونحن لا نقلل من التضحيات العربية ضد "إسرائيل"، ولكن من وجهة نظري، هذه الحقيقة. كما نشاهد اليوم تضامناً عالمياً غير مسبوق لصالح القضية الفلسطينية وهذا بحد ذاته يعتبر تحوّلاً كبيراً في مسار الصراع مع العدو الإسرائيلي، وبداية العد التنازلي لنهايته.
11- عشتم في سوريا، فماذا تقولون في الحرب والعقوبات، وهل تتشابه مع ما يفرض على شعب اليمن؟
لقد تعرّضت الدول والشعوب العربية لحروب استهدفت قدراتها العسكرية والاقتصادية والبشرية، ابتداءً من لبنان ومروراً بالصومال والسودان وليبيا والعراق وسوريا التي صمدت بشعبها وقيادتها وحلفائها ضد المؤامرة الدولية والإقليمية التي شارك فيها أكثر من 170 ألف مرتزق، إضافة إلى القوى الأخرى التي حملت السلاح لإسقاط النظام وصرفت مئات المليارات لتدميرها. وهي دفعت وتدفع ثمن موقعها وموقفها من القضية الفلسطينية.
وكلّ ما جرى كان في صالح أعداء الأمة العربية وأعداء القضية الفلسطينية، ولكن إرادة الشعوب العربية لن تنكسر إذا امتلكت مشروعاً وطنيّاً قوميّاً يلبّي طموحات هذه الجماهير.
نحن ندرك التعقيدات والمؤامرات التي تمرّ بها الأمة العربية، ولكن إرادة الشعوب أقوى من هذه المؤامرات والحروب بدليل ما يجري في غزة الصامدة منذ ثمانية أشهر وأكثر في أرض لا تزيد مساحتها عن 365 كيلومتراً، وشعب لا يزيد عن مليوني نسمة.
إرادة الشعوب لا تُكسر ولا تُهزم.