بذريعة إيصال المساعدات.. الولايات المتحدة تبدأ بناء الرصيف البحري في غزة

بالتوازي مع استمرار دعمها للاحتلال الذي يشدّد عدوانه وحصاره على غزة، الولايات المتحدة تبدأ بناء رصيف بحري وتدعي أنه لـ"إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
  • أفراد على متن سفينة تابعة للجيش الأميركي مشاركة في بناء الميناء الموقّت في غزة (أرشيفية - موقع البنتاغون)

بدأت الولايات المتحدة بناء رصيف بحري في غزة، وذلك بذريعة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي يشهد عدواناً وحصاراً إسرائيليين مدعومين منها منذ أكثر من 200 يوم.

وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، باتريك رايدر، أنّ سفناً حربيةً أميركيةً شرعت في المراحل الأولى في بناء الميناء الموقّت، مشيراً إلى أنّه "يُتوقَّع تشغيل الرصيف بدءاً من أيار/مايو المقبل"، لافتاً إلى أنّ "كل شيء يسير حالياً وفق الخطة".

وأوضح مسؤول عسكري أميركي كبير أنّ المساعدات ستصل أولاً إلى قبرص حيث ستُفحص، على أن يتمّ إعدادها للتسليم، لتُنقل لاحقاً عبر سفن تجارية إلى منصّة عائمة قبالة القطاع، ثمّ بواسطة سفن أصغر إلى الرصيف البحري.

وذكر المسؤول أنّ القدرة التشغيلية للميناء ستكون في البداية 90 شاحنة مساعدات يومياً، ثم 150 شاحنةً في اليوم.

بدوره، قال مسؤول آخر في الإدارة الأميركية إنّ "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" (U.S. Aid) ستشارك مع منظمات تابعة للأمم المتحدة في "إيصال المساعدات الحيوية بمجرد وصولها إلى غزة عبر الممرّ البحري".

ويُرجّح أن تتولى منظمات غير حكومية توزيع المساعدات بعد وصولها إلى القطاع، بحسب ما أفاد به البنتاغون في وقت سابق.

وزعم مسؤولون أميركيون أنّ هذا المسعى "لا يتضمّن نشر قوات على الأرض" في غزة، إلا أنّ جنوداً أميركيين سيكونون بجوار القطاع خلال بناء الرصيف الذي ستُشرف عليه قوات إسرائيليّة أيضاً.

يُذكر أنّ القيادي في حركة حماس خليل الحية شدد، في حديث إلى وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، على الرفض القاطع لأي وجود غير فلسطيني في غزة براً أو بحراً، مؤكداً أنّه سيتم التعامل مع أي قوة أجنبية على أنّها قوة احتلال. 

"حلول أميركية بديلة لإعفاء إسرائيل"

ويتزامن بدء بناء الميناء مع تعرّض واشنطن لانتقادات متزايدة في العالم، نظراً إلى دورها المحوري في استمرار الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين في القطاع.

وفي حين تسعى الإدارة الأميركية لترميم صورتها المتدهورة، داخلياً وخارجياً، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإنّها تواصل دعمها للاحتلال الذي يطبق الحصار على غزة، وتستمر في تسليح "جيشه" وإمداده بالمساعدات العسكرية. 

وعلى الرغم من محاولات واشنطن التسويق للرصيف البحري عبر ادّعاء الحرص على تقديم المساعدات، طالت انتقادات كثيرة هذا الإجراء بسبب كونه غير كافٍ أصلاً لسدّ الاحتياجات المطلوبة، عدا عن أنّه لا يؤمّن بديلاً من المعابر البرية التي يمنع الاحتلال تدفّق المساعدات عبرها.

ومن بين الانتقادات للميناء الأميركي الموقّت في غزة ما قالته مجلة "إيكونوميست" البريطانية التي شكّكت في خطة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تعمّد الامتناع عن استخدام النفوذ لإجبار "إسرائيل" على السماح بمزيد من المساعدات لغزة.

وأكدت المجلة أنّ بايدن، وبعدما مكّن "إسرائيل" من سلوكها لعدة أشهر، يبحث الآن عن "حلول بديلة" من شأنها أن تعفيها من المسؤولية.

أما صحيفة "الغارديان" البريطانية فرأت أنّ العيب الأهم في االرصيف الموقّت يتعلق بالجهة التي ستوزع المساعدات، مشيرةً أيضاً إلى وجود مخاوف جدية من أنّ الإغاثة المفترضة ستكون متأخرةً للغاية بالنسبة للفلسطينيين الذين تمارس "إسرائيل" حرب تجويع ضدّهم.

بالإضافة إلى ذلك، يثير المشروع الأميركي شبهات تتعلّق بأهداف تتخطى المعلَن، بحيث يفتح الطريق إلى تنفيذ مساعٍ أخرى، كتهجير الفلسطينيين، تحت مسميات إنسانية وعناوين مختلفة.

"ميناء إسرائيلي في قبرص تحسباً لاحتمال قصف ميناء حيفا"

وبالتزامن مع الجدول الزمني الأميركي الذي أُعلن لبناء الرصيف العائم قبالة ساحل غزة، كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم"، الشهر الماضي، أنّ "إسرائيل" تهدف إلى بناء ميناء لها في قبرص خلال 60 يوماً على نحو  يفتح طريق إمداد آخر لها في حال قصف حزب الله ميناء حيفا.

ووفق الصحيفة الإسرائيلية، غادر وفد من وزارة المواصلات لدى الاحتلال إلى قبرص، بهدف دراسة مسألة بناء الميناء، كردّ على سيناريوهات أمنية مختلفة. ووفقاً لتقديرات الوزارة، تبلغ تكلفة الميناء مئات الملايين.

وفي التفاصيل، فإنّ الميناء في لارنكا سيشغّله الاحتلال، وسيعهد بعمليات التفتيش الأمني إلى شركات فرعية إسرائيلية.

وخلافاً للتقارير، فإنّ الهدف الرئيس لبناء هذا المرفأ، ليس نقل المساعدات إلى غزة، بل إنّه يأتي استجابةً لوضع يتعطّل فيه ميناء حيفا، في حال اندلاع الحرب مع المقاومة الإسلامية في لبنان، بحسب الصحيفة.

وتحدّثت "إسرائيل هيوم" أيضاً عن "استعدادات شاملة مشتركة بين الوزارات" تهدف إلى إعداد "إسرائيل" لحرب من الشمال. وفي هذه الحالة، قد يشكّل ميناء لارنكا حاجةً ملحّةً لها من أجل منع وضع يتمّ فيه عزلها تجارياً وقطع الإمدادات عنها خلال الحرب.

اقرأ أيضاً: ميناء أميركي للمساعدات في غزّة.. خطةّ إنسانية أم مصالح مخفية؟

المصدر: وكالات + الميادين نت