شهداء عائلات قادة المقاومة الفلسطينية.. من الشعب وإليه
لا تقتصر محاولات نيل الاحتلال الإسرائيلي من المقاومة على استهداف الشعب مباشرةً عبر القصف والمجازر، ولا حتى على تنفيذ عمليات الاغتيال ضدّ قادة المقاومة، بل تمتدّ أيضاً إلى استهداف من هم في فلك هؤلاء القادة، من أبناء وأحفاد وأقارب، وسط ضيق الخيارات التي توفّر صورة إنجاز أو انتصار.
وكما تهدف هذه السياسة إلى إحباط المقاومة وبيئتها الحاضنة، والنيل من عزيمتها، فإنّها تحاول أيضاً تقديم نصر ما إلى المستوطنين، الذين يشهدون فشل حكومتهم و"جيشهم" في تقويض المقاومة وقدراتها.
كان آخر ما نفّذه الاحتلال في هذا الإطار اغتيال 3 أبناء لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، هم حازم وأمير ومحمد، حيث استشهد معهم أيضاً 4 من أحفاده.
لكن الاستهدافات التي طالت أقارب قادة المقاومة، وحتى منازلهم، رافقت الأشهر الـ6 للحرب على غزة، سواء أكانت داخل القطاع، في الضفة الغربية، أو في الأراضي المحتلة عام 1948.
أقارب قادة المقاومة ومنازلهم أهداف للاحتلال أيضاً
افتتح الاحتلال هذه الاستهدافات في الـ10 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد 3 أيام على "طوفان الأقصى"، باستهداف منزل والد القائد العام لكتائب القسّام، محمد الضيف "أبو خالد"، في خان يونس، بعد أن قاد المقاومة إلى ملحمتها الأعظم، و"إسرائيل" إلى فشلها الأكبر. واستشهد حينها شقيق الضيف، لينضمّ إلى الشهداء الذين قدّمهم "أبو خالد" في سبيل القضية الفلسطينية.
وفي مجزرة عائلة شاهين، التي ارتكبها الاحتلال في الـ11 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ضمن سلسلة المجازر المتواصلة، استشهدت رؤى، حفيدة أخرى لإسماعيل هنية، بعد أن كانت شابةً تدرس الطب في الجامعة الإسلامية في غزة.
أما في الضفة الغربية، وتحديداً في منطقة عارورة برام الله، فهدم الاحتلال منزل النائب السابق لرئيس المجلس السياسي لحركة حماس، الشهيد صالح العاروري، في الـ27 من تشرين الأول/أكتوبر، على الرغم من أنّه كان مهجوراً منذ فترة.
وسعياً لتغيير هوية المنزل الذي ملكه قائد مقاوم كبير، علّقت قوات الاحتلال حينها لافتةً تفيد بتحويله إلى "الشاباك"، كُتب عليها: "هذا كان بيت صالح محمد سليمان العاروري، وأصبح مقرّ المخابرات الإسرائيلية". إلا أنّ الإنجاز هذا لم يدم حتى ساعات، فما لبث الاحتلال أن انسحب من البلدة.
وحتى بعد استشهاده، أقلق العاروري وعائلته الاحتلال، ما دفع الأخيرَ إلى اعتقال شقيقتيه، دلال وفاطمة العاروري، بعد محاصرة منزليهما في بلدتي البيرة وعارورة، بالضفة الغربية، في الـ14 من كانون الثاني/ديسمبر الماضي.
شقيقة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صباح هنية، كانت عرضةً للاعتقال الإسرائيلي أيضاً، مطلع الشهر الحالي، من منزلها في بلدة تل السبع في النقب، جنوبي الأراضي المحتلة عام 1948.
اعتقل "الشاباك" والشرطة الإسرائيليان صباح خلال مداهمة منزلها، في عملية ضمّت تعزيزات من "حرس الحدود"، بسبب "وجود أدلة تعرّض إسرائيل للخطر"، حيث اشتبهت الشرطة بقيام هنية بالتواصل مع ناشطين في حماس، والانتماء إلى الحركة، والتحريض على القيام بعمليات ضدّ الاحتلال ودعمها.
مع كل هذا وأكثر، لم تفلح محاولات الاحتلال في كبح المقاومة، وثنيها عن مواصلة عملياتها البطولية ضدّ قواته، على الرغم من ضراوة الحرب التي تتواصل منذ ما يزيد على 185 يوماً.
وفي حين يستشهد قادة، وأبناء قادة وأحفاد لهم أيضاً، تبقى المقاومة راسخةً ومتجذّرةً لدى الشعب الفلسطيني وفصائله، ماضيةً في المواجهة قدماً، حتى تحرير القدس والأقصى، وكل فلسطين.